إن المتتبع الفاحص لأثر جريدة “البلاد” وتحديد موقعها من الحركة الفكرية المحلية يستطيع أن يرى بوضوح كيف قدمت للثقافة والمثقفين والفنانين والأدباء أعظم الخدمات، من خلال متابعتها اليومية وتغطياتها المتميزة، وحضورها الدائم في شتى مجالات الخلق والإبداع محليا وعربيا، بل وكان لها السبق في تشجيع المواهب وتغذيتها عبر نشر مواد طلبة الإعلام بكلية البحرين كمشاريع تخرج، وإعطاء الفرصة لكتاب شباب يتميزون بعطاء وافر وتواقين للأفضل.
إن جريدة “البلاد” ما كان لها أن تصبح بهذا الشموخ في الساحة الفكرية والثقافية في مملكة البحرين وخارجها، لولا إيمانها بأهمية النشاط الفكري والثقافي في المجتمع وتقديرها الكبير لرجال الفكر والفن والمهتمين بشؤون الثقافة، لكن في بعض الأحيان تخرج أصوات تقلل الدور الطليعي الرائد الذي تقوم به “البلاد الثقافية” عبر مناجاة باطنة وتدفق جارف من النسيان، بدون أن تعيد النظر في ما كتبته، مثل ما كتبه أحد الشعراء.. “ما عادت الصحف تنشر أخبار الثقافة أو تتناول الاهتمامات الثقافية المعاصرة أو تغطي الفعاليات الكثيرة في البلد بالشكل المطلوب، وما عادت تعبر عن الوجه الحضاري.. إلخ”.
أستاذنا الشاعر ونكن له كل الاحترام والتقدير، أكثر ما نشرت أخبار دواوينه ورواياته ومشاركاته العديدة في مختلف المحافل الثقافية، في جريدة “البلاد” سواء في الموقع الإلكتروني أو النسخة الورقية، والأرشيف خير شاهد ودليل، بل حتى أن خبر روايته الأخيرة أرسله وتم نشره في دقائق معدودة عبر الموقع الإلكتروني للجريدة، وتم إرسال الخبر المنشور إليه بالحرارة والجد والعمق، لكنك تصاب بذهول غريب وتبحث عن موقعك في خريطة العالم عندما تقرأ مثل ذلك الكلام والتعامل غير الواعي مع الحقيقة، وإسقاط اسم “البلاد” كهرم ومنارة شامخة تحمل هموم المثقفين والمبدعين، والقضية لا تحتاج إلى نقاش وحوار لأن الجميع يعرف الرعاية الفائقة للفنون والثقافة وأهلها في “البلاد”.