السعادة هبة من الله سبحانه وتعالى، وقد قسمها إلى خمسة أبعاد هي: الصحة البدنية، والحصول على الثروة وحسن تدبيرها واستثمارها، وتحقيق الأهداف والنجاحات العملية، وسلامة العقل والعقيدة، والسمعة الحسنة والسيرة الطيبة في المجتمع، ويعد السعي وراء السعادة أحد الحقوق الشخصيّة للإنسان، ولكل شخص استقلاليته وحريته، وليست السعادة بالحصول على سيارة حديثة أو منزل أو غيره من الأشياء التي يعتقد أغلب الناس أنها تجلب السعادة، ووفق منظور آخر تعد القناعة أفضل وأنسب كلمة لتعريف السعادة، فالإنسان بحاجة إلى نوع عميق من رضا النفس، وكما يقول المثل المعروف عند العرب “القناعة كنزٌ لا يفنى”.
ما جعلني أكتب هذه المقدمة مشاهدتي مقطع فيديو عبر وسائل التواصل الاجتماعي عن فتاة في ريعان شبابها وهي تحتفل بعيد ميلادها على طريقتها الخاصة والرائعة، مبتعدة عن الأنانية وحب الذات، وتحمل فيها الكثير من معاني الإنسانية والحب والعطف والقيم الإسلامية النبيلة، هذه الفتاة قامت بتوزيع الورود، ومظاريف فيها مبلغ من المال لا أعرف قيمته، وبدأت بتوزيعها على عمال النظافة في المدينة، كما قامت بتوزيع أكياس من المأكولات مع وردة لعدد من منازل العائلات الفقيرة.. هذه الفتاة كانت في أوج سعادتها وهي تقوم بهذه المبادرة الجميلة وابتسامتها لا تكاد تفارق وجهها. لا شك أنها فكرت جليًا بالطريقة التي تحتفل بها في عيد ميلادها كسائر البشر، لكنها توصلت إلى قناعة ذاتية بأن فرحتها تكون بإسعاد الآخرين المحتاجين.
هناك الكثير من الأشخاص الذين ينفقون أموالًا طائلة في الاحتفال بعيد ميلادهم، وهذا من حقهم، لكن ألا تعتقدون أن فكرة أو مبادرة هذه الفتاة جديرة بالاهتمام والثناء والتقدير والاقتداء بها، فمن وجهة نظري أن بمثل هذه المناسبات يجب أن نخصص جزءا من الميزانية لعمل الخير والمساهمة في إسعاد فئة بأمس الحاجة لها، ولاشك أن الله سبحانه وتعالى سيبارك لنا هذه الأعمال ويسبغ علينا ثياب الصحة والسعادة والخير والبركة، كما أن ممارسة هذه العادة الإنسانية الرائعة ستزرع في شبابنا حب الخير ومساعدة الفقراء والمحتاجين.