+A
A-

البنك الدولي: لبنان في صدارة أزمة الأمن الغذائي العالمي

تعد منطقة الشرق الأوسط والقرن الإفريقي أحد أكثر المناطق تأثراً بالحرب الروسية الأوكرانية من حيث الأمن الغذائي، والذي بات يشكل كارثة في بعض دولها، وفقاً لتقرير حديث من البنك الدولي.

وأوضح التقرير أنه وقبل الحرب، كانت أوكرانيا سلة خبز - توفر القمح والذرة والشعير للبلدان في جميع أنحاء آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط.

وأشار التقرير الذي اطلعت "العربية.نت" على نسخة منه، إلى أن لبنان تأتي في الصدارة من حيث حجم التأثر بأزمة الغذاء، إذ يتم قياس الأثر من حيث معدل تضخم أسعار الغذاء في دول العالم، وكانت لبنان على رأس قائمة أكثر 10 دول متأثرة بالحرب.

وفي يونيو، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، استمرت أسعار المواد الغذائية والمشروبات في الارتفاع في العديد من البلدان في المنطقة. كان الدافع وراء الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية هو اندلاع الحرب بين أوكرانيا وروسيا.

يأتي ذلك، فيما تعتمد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بشكل كبير على منطقة البحر الأسود لتوفير احتياجاتها من القمح. ونظراً لأن القمح هو أحد الأطعمة الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فقد تسبب الاضطراب في سلسلة توريد القمح في حدوث مشكلات حرجة في الأمن الغذائي في المنطقة. ونتيجة لذلك، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين الغذائي بشكل ملحوظ في معظم بلدان المنطقة: مصر (24.2%)، المغرب (9.5%)، العراق (7.6%)، لبنان (216%)، سوريا (71%)، اليمن (43%) وفلسطين (8.1%، حتى مايو).

من جانبها، أعلنت الحكومة المصرية أن الدولة قامت بتأمين القمح لمدة 6 أشهر بعد اتفاق استيراد مع الهند لنحو 180 ألف طن. ومع ذلك، لا تزال معظم البلدان الأخرى في المنطقة تواجه نقصاً حاداً في القمح.

كما يستمر انعدام الأمن الغذائي لعدة أسباب. إذ أدت الزيادات التاريخية في أسعار المواد الغذائية في لبنان إلى أن 19% من سكانها يواجهون نوعاً من نقص الغذاء.

لبنان في صدارة 10 دول الأكثر تأثراً بأزمة الغذاء

ويؤدي استمرار النزاع المسلح والنزوح إلى تأجيج انعدام الأمن الغذائي في بعض بلدان المنطقة. حيث أشار التقرير إلى أنه اعتباراً من مايو 2022، أبلغت المناطق الشمالية والجنوبية من اليمن عن زيادة بنسبة 50% تقريباً في عدد الأشخاص الذين يعانون من عدم كفاية استهلاك الغذاء مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. وفي فلسطين، يعاني ما يقرب من 1.8 مليون شخص، يشكلون 31.2% من الأسر، من انعدام الأمن الغذائي المعتدل أو الشديد نتيجة الصراع المسلح طويل الأمد.

كما تضيف ندرة الأمطار إلى الصعوبات الحالية، إذ انخفض معدل هطول الأمطار التراكمي بنسبة 32% في نهاية مايو 2022 مقارنة بالعام العادي في المغرب، مما أدى إلى انخفاض بنسبة 17.1% في إنتاج الخضروات.

حلول في الطريق

وفي 22 يوليو 2022، وقعت روسيا وأوكرانيا اتفاقية لتحرير أكثر من 20 مليون طن من الحبوب العالقة في موانئ أوكرانيا على البحر الأسود. يمكن أن يكون للاتفاق، الذي تم التوصل إليه بوساطة من الأمم المتحدة وتركيا، تداعيات كبيرة على الأمن الغذائي العالمي وأسعار الغذاء. إذ أدى عدم قدرة أوكرانيا على تصدير الحبوب من موانئها على البحر الأسود إلى انخفاض شديد في إمدادات الغذاء إلى البلدان الأفريقية والشرق أوسطية التي تعتمد على الاستيراد.

لماذا تعقد الوضع؟

ناقشت ندوة عبر الإنترنت استضافها نظام معلومات السوق الزراعية (AMIS) الجهود المبذولة للتخفيف من مشاكل التخزين والنقل التي تسببت فيها الحرب في أوكرانيا وسلطت الضوء على التحديات التي تواجه المنتجين الأوكرانيين.

وشرح ممثلو اتحاد الحبوب الأوكراني بالتفصيل تأثير الحرب على إنتاج الحبوب الأوكرانية، مشيرين إلى انخفاض بنسبة 25% في المساحة المحصودة، وانخفاض بنسبة 37% في الإنتاج، وانخفاض بنسبة 41% في القدرة التصديرية عن الموسم الماضي.

وفي يونيو 2022، أدت التحديات اللوجستية إلى خفض الطاقة التصديرية إلى 2.2 مليون طن، وهو أقل بمقدار 4.5 مليون طن عما كان متوقعاً قبل اندلاع الحرب.

كما أدت أسعار الخدمات اللوجستية المرتفعة إلى خفض ربحية التجارة، مما أجبر المزارعين على تقليل مساحة الزراعة من أجل الحفاظ على مستويات الدخل، وهي استراتيجية تكيف يمكن أن تقلل من الإنتاج في المستقبل. وعلى هذا النحو، ستضطر البلدان التي تعتمد على أوكرانيا لواردات الغذاء إلى دفع أسعار أعلى أو إيجاد شركاء تجاريين بديلين.

سعة تخزين محدودة

قام ممثلو المجلس الدولي للحبوب (IGC) بمزيد من التفصيل لتأثيرات الحرب من خلال الإشارة إلى انخفاض سعة التخزين من 57 مليون طن إلى 24 مليون طن اعتباراً من أوائل مايو 2022. كما أشارت اللجنة الحكومية الدولية إلى أنه مع استمرار الحصاد حتى أكتوبر 2022، من المحتمل أن يكون هناك نقص قدره 12 مليون طن في سعة التخزين.

ويقلل النقص في طرق التجارة التي تم افتتاحها حديثاً عبر قناتي سولينا وبيستر من هذا إلى نقص يبلغ 11 مليون طن. ولتجنب هذا النقص في سعة التخزين، يجب أن تصل صادرات الحبوب، في المتوسط ​​، إلى 7 ملايين طن شهرياً بين أغسطس وأكتوبر 2022.

كما خلصت ندوة AMIS عبر الإنترنت إلى أن اتفاقية التجارة الجديدة بين روسيا وأوكرانيا ستخفف بعض الضغط لتصدير الحبوب وتجنب نقص سعة التخزين. وفقاً لـ IGC، فإن موانئ أوديسا والبحر الأسود لديها القدرة على تصدير 5 ملايين إلى 6 ملايين طن شهرياً بكامل طاقتها.

وبالنظر إلى قدرة التصدير الحالية البالغة 2.2 مليون طن، فإن السماح بتجارة إضافية عبر موانئ البحر الأسود سيكون كافياً لتلبية 7 ملايين طن من الطاقة التصديرية المطلوبة لتجنب نقص سعة التخزين، لكن الضربات الصاروخية الأخيرة على موانئ أوديسا والبحر الأسود قد ألحقت أضراراً بالغة بالبنية التحتية، مما يقلل من القدرة التصديرية للموانئ.