+A
A-

"كلمة" للترجمة يُصدر كتاب "جغرافية البعوض السّياسيّة"


أصدر مشروع "كلمة" للترجمة في مركز أبوظبي للغة العربية، التابع لدائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، كتاب "جغرافية البعوض السّياسيّة" للروائيّ والمفكّر الفرنسيّ الشّهير إريك أورسينا والباحثة العلميّة والطبيبة الفرنسيّة الدكتورة إيزابيل دو سانت أوبان. ووضع ترجمة الكتاب القاصّ والمترجم المغربيّ محمّد الخضيري، وراجعها وقدّم لها الشّاعر والأكاديميّ العراقيّ المقيم في باريس كاظم جهاد.
ويعتبر أورسينا كتابه هذا، وعدداً من الكتب الأخرى وضَعها بالأسلوب ذاته، تحقيقات علميّة. وهو يجنّد لها بالإضافة إلى معارفه العلميّة الواسعة حيويّة في البحث والتنقّل حيثما قادته مادّة بحثه، من أقصى العالَم إلى أقصاه. وقد كتب هذا العمل مستعيناً بمعارف الدكتورة إيزابيل دو سانت أوبان، وهي طبيبة متخصّصة بأمراض الأوعية الدمويّة، ساهمت في تهيئة الكتاب بصفتها مستشارة علميّة لواضعه ومعاوِنةً له في التوثيق والبحث. فلوضعِ هذا العمل قاما بسلسلة رحلات حقيقيّة وفكريّة عبر العالَم، ودرَسا مستعمرات البعوض ووسائل تفادي لسعاته والمعالجة من الإصابة بما يحمله من أمراض وأوبئة، واستعرضا هذا كلّه مع العاملين في الميدان في أهمّ المواقع المعنيّة به.
فالكتاب كما يؤكّد المُراجِع، متعدّد الانتماءات والوجوه، يجمع المغامرة الفكرية والرّحلة البحثيّة إلى هوس التنقيب في بطون الكتب والموسوعات العلمية وفنّ المحاورة الرّفيع، يستعيد فيه الروائيُّ الشّهير روحَ التلميذ أو طالب العِلم الذي يستمع بأذنين صاغيتين إلى شروح أساتذة الميدان وخبرائه، ويسجّل عنهم تطوّرات نضال متراكم ومتعدّد خيض ولا يزال يُخاض في مواجهة البعوض. هذا كلّه يأتينا عبر لغة روائيّ كبير الدّربة، ذي عمل واسع في هذا المجال، بارع في فنّ التشويق والعرض المغري للوقائع والأفكار.
وفي سيرة الكاتب الفرنسيّ إريك أورسينا (المولود في 1947) وفي تكوينه الثقافيّ ضرب من التعدّدية المذهلة، فبعدما أنهى دراسته الجامعية المزدوجة، في العلوم السياسيّة والاقتصاد، أصبح باحثاً وأستاذاً في مجال التمويل الدوليّ واقتصاديات التنمية. ثمّ صار في عهد فرانسوا ميتران مستشاراً للإليزيه في التعاون الثقافيّ، مع البلدان الأفريقية بخاصّة. ثمّ شغل مناصب عديدة، وهو منذ 2006 سفير لمعهد باستور عبر العالَم. نشر في الاقتصاد عدّة مؤلّفات باسمه الصّريح، إريك آرنو، ثمّ، بدءاً من روايته الأولى "كآبة لويولا" (1974)، اختار لجميع كتبه التالية اسماً مستعاراً صار يُعرف به دون سواه: إريك أورسينا. 
وهو لم يدعْ هذه التعدّدية تتنامى في مختلف جوانب حياته المهنية أو الوظيفية فحسب، بل ساقها إلى اجتماع فعّال في كتاباته. فحتّى في أعماله الروائية يجمع نقد سياسات الاقتصاد الدوليّ والمطالبة بفرَص تعاون خلّاق على مستوى المعمورة إلى استغوار الواقع والحياة ومديح اللّغة واستكشاف آثارها العميقة في وجود الإنسان.
ومن أشهر أعمال أورسينا روايته "المعرض الاستعماريّ"، التي نال عنها جائزة غونكور للرواية، وجائزة غونكور تلامذة المدارس للرّواية أيضاً في 1988، وكتابه السّرديّ-اللغويّ للنّاشئة والكبار "النّحو أغنيةٌ عذبة"، يقرع فيه جرس الإنذار أمام الجهل المتعاظم لقواعد اللّغة، والفقر المتزايد للكلمات في الحياة اليوميّة، وتضاؤل مساحة التّواصل العميق في عالَمنا المعاصر.
والدكتورة إيزابيل دو سانت أوبان طبيبة متخصّصة بأمراض الأوعية الدمويّة وتعمل على استكشاف كلّ ما يخصّ الشرايين والأوردة. ولدت في الغابون في أفريقيا السّوداء بحكم عمل والدها مهندساً زراعيّاً هناك، فعرفت عالم البعوض عن قرب، وكانت خيرَ مستشار علميّ للكاتب في عمله هذا.
أمّا محمّد الخضيري فهو كاتب ومترجم مغربيّ، من مواليد 1986. درس الصحافة في الرّباط، والسينما في فرنسا، ويهتمّ بالجماليّات والأشكال الأدبية الجديدة. وصدرت له مجموعة شعرية بعنوان "بعض الغبار وأنسى" (2013)، ونشر في المجلّات الأدبية العديد من القصص القصيرة والمقالات النقديّة. ترجم عن الفرنسية رواية "المستشفى" للروائي المغربي أحمد البوعناني (2013)، التي رُشّحت إلى القائمة القصيرة لجائزة "الأطلس الكبير"، ورواية "بلد للموت" للروائي المغربي عبدالله الطايع (2016).