+A
A-

في أسمى صور الحب والوفاء... أم يوسف تتبرع لزوجها بكلية

أشعر‭ ‬بالحزن‭ ‬لأني‭ ‬لم‭ ‬أستطع‭ ‬إنقاذ‭ ‬زوجي‭ ‬وأفرح‭ ‬لأن‭ ‬جزءًا‭ ‬مني‭ ‬دُفن‭ ‬معه

المتبرع‭ ‬له‭ ‬أجر‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الله‭ ‬وصدقة‭ ‬جارية‭ ‬عنه‭ ‬مدى‭ ‬الحياة

لا‭ ‬خطر‭ ‬على‭ ‬حياة‭ ‬المتبرع‭ ‬بجزء‭ ‬من‭ ‬كبده‭ ‬أو‭ ‬نخاعه‭ ‬أو‭ ‬كليته

رحل‭ ‬بالجسد‭ ‬وروحه‭ ‬باقية‭ ‬معي‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭ ‬حتى‭ ‬ألتقيه

 

أصرت أن تتبرع لزوجها بكليتها رغم أنه لا رابط دم بينهما، وكانت تستحث الأطباء لقبول إجراء التحاليل والفحوصات الخاصة بالتبرع، لم تندم على ما أقدمت عليه بعد رحيل زوجها، وتقول حبًّا ووفاءً “لو كان عندي المزيد لأعطيته إياه” هي المتبرعة أم يوسف بالكلى لزوجها التي تروي لـ“البلاد” وضمن حملة “حياة جديدة” قصتها مع التبرع. وأطلقت صحيفة البلاد حملة لتشجيع المجتمع على التبرع بالأعضاء باسم “حياة جديدة”.
تروي بدرية الزنجي (أم يوسف) قصة تبرعها لزوجها بالكلية التي بدأت معاناته مع مرض السكر طوال 17 عامًا من عمر زواجها به الذي استمر 20 عامًا، حيث كانت لإصابة أبي يوسف بمرض السكري تبعات كثيرة تلاحقت عليه الواحدة تلو الأخرى، فبعد أن ضعف نظره ورغم المراجعات المستمرة والاستمرار على الأدوية حذره الأطباء من تراجع وظائف الكلى التي وصلت نسبتها إلى 26 %، رغم التزامه واستمراره في المتابعة لدى عيادة الأمراض المزمنة، وفي يناير 2018 هبطت وظائف الكلى إلى 15 % لتعلَن بذلك إصابته بالفشل الكلوي.
وتقول أم يوسف “أصابتنا حالة استنفار، طلبنا عمل زراعة قبل الانتقال لمرحلة الغسيل بالكلى، وتدافع إخوته وأخواته لإجراء التحاليل للتبرع بكلية، واستُبعدت أنا لعدم وجود قرابة دم بيني وبينه رحمه الله”.
وتكمل “إلا أن نتائج التحاليل جاءت سلبية ولم يكن هناك تطابق بين أبي يوسف وإخوته، حينها لم أيأس وطلبت أن أجري التحاليل للتبرع فرفض الأطباء، وبدأت رحلة أخرى من المعاناة والآلام وأصبح أبو يوسف يخضع للغسيل الكلوي البريتوني في المنزل وكنت وقتها أشرف على حالته طوال 10 أشهر من هذا الإجراء المتعب والقاسي عليه”. 
وتردف: “كان الدافع القوي لأتبرع لزوجي هو حبي له كنت أعشقه وأخاف عليه أكثر من نفسي، كنت متيقنة بقضاء الله وقدره ولم أتردد في التبرع ولم أفكر مرتين، وأعرف أنه لا توجد خطورة عليّ خاصة وأن الكلية تعمل ضعف عملها بعد التبرع بالأخرى”.
وتضيف “عكفت على التواصل مع الأطباء والضغط عليهم لإجراء التحاليل الخاصة بالتبرع، وكنت رغم استبعاد الأطباء حصول تطابق الأنسجة بيني وبين أبي يوسف أُصِرُّ على ذلك، حتى خضعوا لإصراري وكانت النتائج مبشّرة بالتطابق خلافًا لتوقعاتهم، لكنها إرادة الله”.
وتمضي بالقول: “تم إجراء العملية في مجمع السلمانية الطبي في 25 ديسمبر 2018 تحت إشراف طبيب أردني سعودي بذل مجهودًا كبيرًا من أجلنا، وتكللت العملية بالنجاح وكانت الفرحة كبيرة بأننا سنطوي صفحة معاناة الفشل الكلوي ونبدأ صفحة جديدة من الأمل معًا، إلا أنها كانت قصيرة جدًّا، ولم تدم سوى عامًا ونصف العام فقط”.
وبغصّة تُكمل: “بعد إتمامه عامًا ونصف العام من الزراعة ورغم المتابعات المستمرة مع الأطباء، واتباع الإرشادات والتعليمات الطبية، ظهرت عليه أعراض ارتفاع الكرياتين، وعلاماته كالتالي، ظهور آثار الانتفاخ في مناطق مختلفة من جسده، مرة في عينه، وأخرى في قدمه، وهكذا حتى تراجعت صحته”.
وتواصل “في يونيو 2020 دخل المستشفى بعد تعرضه للانتكاسة، وساءت حالته حتى مرحلة رفض جسده الكِلْيَة، وكان خلال هذه الرحلة يأخذ جرعات كبيرة من الكورتيزون للمحافظة على وظيفتها إلا أنه أثّر بشكل سلبي على وظائف الكبد والمعدة وساءت حالته، حتى غادر الحياة بجسده بعد رحلة شاقة في أغسطس 2020 رحل ومعه جزء مني، وبقيت روحه ترافقني للأبد حتى ألتقيه”.
وتستطرد: “صحتي بفضل من الله بخير أتابع فحوصاتي الدورية باستمرار بعد التبرع، أما مشاعري فمختلطة أشعر بالحزن لأني لم أستطع إنقاذ زوجي بما قدمت، وأشعر بالفرح أنه رحل بجزء مني ودُفِن ومعه قطعة من جسدي، وأنا اليوم أربّي أولادي الأربعة، ابنتان له من زوجة سابقة، هم مثل ابنتيّ، وولد وبنت هما قطعة منه، لم أشعر يومًا بالندم على التبرع بكليتي لفقيد قلبي ولو كان عندي أكثر لقدمته إليه”.
وتتوجه أم يوسف للقراء قائلة “رسالتي هي أني مع التبرع بالأعضاء؛ لأنها تجربة إنسانية بحتة، كما أنه لا توجد مخاطرة بحياة المتبرع بجزء من كبده أو نخاعه أو كليته، أؤمن جدًّا بأن الأعمار والأقدار بيد الله، فما الذي يمنع شخصًا من التبرع لآخر لينهي معاناته مع مرض قد يودي بحياته ويهب حياة جديدة، كما أن له الأجر الكبير من الله وتكون له صدقة جارية عنه مدى الحياة”.
وتختتم قائلة “أشجع كثيرًا على التبرع، هناك حالات كثيرة نتبرع لها بالمال للعلاج في الخارج وإجراء عمليات زراعة الكلى لتُنقل لها كلية من شخص غريب، وطبيًّا التبرع من غريب فيه مجازفة برفض الكلى ولو بعد حين، كما أن التبرع في البحرين متاح، وهو مجاني في الدول الخليجية، ولا يحتاج إلا إلى ثقة وإيمان بالله وإيمان بقيمة التبرع في وَهْبِ حياة جديدة”.