+A
A-

محمد بوحجي... خبير تثمين جميع أنواع وأصناف اللؤلؤ الطبيعي

يعد المرحوم الحاج محمد بن يوسف بوحجي من الطواويش (تجار اللؤلؤ) المتميزين في مملكة البحرين بفرز وبيع اللؤلؤ الطبيعي. وتعلم من والده صنعة وتجارة اللؤلؤ واستفاد منه كثيرًا في هذا المجال، فقد كان والده الحاج يوسف بن عيسى بُوحجي من أبرز الطواويش وخبراء فحص وتثمين جميع أنواع وأصناف اللؤلؤ آنذاك في البحرين والخليج العربي.
رحل عن عالمنا في العام 1982، ودفن بمقبرة مدينة المحرق. ولد الفقيد في العام 1909 بمدينة المحرق وبها نشأ وتعلم، حيث أدخله والده المرحوم الحاج يوسف بن عيسى بُوحجي إلى “الكُتاب” (المطوع) فتعلم المبادئ من قراءة وكتابة وحفظ قسطًا من القرآن الكريم، وفي العام 1919. وحين افتتحت مدرسة الهداية الخليفية، وهي أول مدرسة نظامية في البحرين، أدخله والده بها في الدفعة الأولى أو الثانية، وكان من بين الذين درسوا معه في المدرسة عيسى بن صقر الشيراوي، وأحمد بن علي بن موسى العمران وهو أول وزير للمعارف بالبحرين، والمحامي المعروف محمد حسن الحسن، وحِجَي بن عيسى الزياني، وقد كانت دراسته في فترة إدارة المرحوم حافظ وهبة مدير مدرسة الهداية الخليفية، وقد كانت الدراسة آنذاك للمرحلة الابتدائية فقط.
وبعد أن تخرج من المدرسة تعلم من والده صنعة وتجارة اللؤلؤ واستفاد منه كثيرًا في هذا المجال، فقد كان والده من أبرز الطواويش وخبراء فحص وتثمين جميع أنواع، وأصناف اللؤلؤ آنذاك في البحرين والخليج العربي.
وفي العام 1925 تزوج الراحل من زوجته الأولى، في سن 16 عامًا، حيث تزوج الراحل من ثلاث زوجات وهن: ابنة عمه نورة بنت أحمد بن عيسى بُوحجي، ثم تزوج ابنة الحاج خليفة بن مبارك اليحيى، ثم تزوج من ابنة الحاج عبدالرحمن بن عيسى بُوحجي وقد رزق من الذرية بـ: إبراهيم، عبدالرحمن، وجاسم، وخليل، وعبدالعزيز، وعيسى، وحسن، وأحمد، وجمال، وعبدالحكيم، وشريفة، ومريم، وفاطمة.
وسافر لأول مرة مع المرحوم والده الحاج يوسف بن عيسى بُوحجي في سفينته في رحلة للطواشة وكان عمره 7 أو 8 سنوات أي بين العامين 1916 - 1917، وكانت هذه الرحلة ما بين 10 و15 يومًا تزيد أو تقل، ثم عادوا إلى البحرين. وقد كان في كل عام يسافر مع والده في سفينته للطواشة إلى هيرات البحرين، وإلى قطر، وإلى دبي، وإلى دلما، وإلى غيرها من مناطق الخليج لشراء اللؤلؤ.
ومن المواقف الصعبة التي مرت عليه، كان ذلك في العام 1929 عندما سافر إلى الهند مع جماعة من تجار اللؤلؤ في الخليج من البحرين والكويت والجبيل وقطر وساحل الإمارات وظل هنالك 7 أشهر و4 أيام لبيع اللؤلؤ، لكنه لم يتمكن من بيع ما لديه من اللؤلؤ بسبب الكساد وعزوف تجار اللؤلؤ الهنود عن الشراء، فما كان سابقًا بعشرة لا يساوي خلال فترة سفره سوى اثنين، فلم يستطعوا البيع ورجعوا خائبين.
وذكر المرحوم الحاج محمد في مقابلة تلفزيونية أجريت معه: أن أغلى دانة بيعت في البحرين كانت إلى جبر المسلم، وهو طواش، بمبلغ 60 ألف روبية، وكانت دانة فريدة جوهرة، وتعتبر أفضل دانة في عصره، ثم باعها جبر المسلم إلى عبدالرحمن القصيبي بمبلغ 200 ألف روبية، وقد باعها الأخير إلى روزنتال الفرنساوي بمبلغ 400 ألف روبية، وبعد ذلك اشترتها امرأة من الولايات المتحدة الأميركية بمبلغ 600 ألف روبية، والتي جاءت بها إلى البحرين من أجل الحصول على لؤلؤة ثانية مماثلة لها، وتم الترتيب وتكليف الراحل محمد بُوحجي، للذهاب معها في رحلة لصيد اللؤلؤ، وقد كان الوقت آنذاك في فصل الشتاء، حيث ذهبت في إحدى سفن الغوص، وأقيمت لها أهازيج الغوص وضربت الطبول في رحلة قصيرة وشاهدت طريقة استخراج اللؤلؤ من البحر، قبل أن تغادر البحرين.


سافر الراحل إلى الكويت في العام 1941، وقد كانت هنالك دانة لدى أمير الكويت الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح معروضة للبيع بمبلغ 20 ألف روبية، وكان هذا المبلغ آنذاك غير متوافر لدى الناس وقليل من يمكنه دفعه لقاء الدانة، وذلك بسبب الكساد الذي حصل في ثلاثينات القرن الماضي، وقد اشتراها أمير الكويت الراحل الشيخ أحمد الجابر الصباح، وقد زاره في قصره الذي على السيف الذي يسمى “الكشك” في ذلك الوقت، وسأله الأمير الراحل عن المبلغ الذي تستحقه الدانة، فأخبره الحاج يوسف أنه بعد فحص هذه الدانة الثمينة “لِك روبية” أي 100 ألف روبية.
وخلال إحدى زيارات الراحل محمد بُوحجي إلى الكويت بين العامين 1957 إلى 1958، كان الشيخ جابر الأحمد آنذاك موجودًا بعد وفاة والده الشيخ أحمد الجابر، وقد كان الشيخ جابر الأحمد آنذاك يشتري منه القماش، أي (اللؤلؤ) الطبيعي، فسأله في أحد المرات: الدانة الكبيرة الموجودة لديكم أين هي؟ فقال الشيخ جابر الأحمد: هي موجودة لدى الوالدة في الصندوق، فسأله: يا طويل العمر هل انكسرت؟ فقال الشيخ جابر: لا أعلم، فقال له: من فضلك تأكد؛ لأنه مغلق عليها في صندوق لمدة لا تقل عن 30 سنة، والكويت جوها حار جدًا، فقال الشيخ جابر: سأحضرها غداً لك لفحصها ومعاينتها، وفي اليوم الثاني أحضر الشيخ جابر الأحمد الصباح الدانة وسلمها للحاج محمد بُوحجي وبعد فحصها قال الحاج محمد بُوحجي للشيخ جابر بأنها لم تنكسر، وإذا لكم رغبة بالبيع فيمكنني شراؤها بمبلغ 400 ألف روبية، لكن الشيخ جابر الأحمد أعادها إلى الصندوق ولم يرغب في بيعها.
وذكر الحاج محمد بن يوسف بُوحجي في مقابلة أجريت معه، عندما سئل عن موقف طريف حصل له ذكر أن “من المواقف الطريفة التي حصلت معي: اشتريت لؤلؤة مجهولة بمبلغ 25 روبية، ثم كسرتها فظهرت منها دانة بديعة، بعتها بمبلغ 11 ألف روبية!”.