العدد 4952
الجمعة 06 مايو 2022
banner
جيل لا يقدر على ربط حذائه
الجمعة 06 مايو 2022

فوضى عارمة تشهدها مجتمعاتنا العربية، على مستوى المادة الإعلامية المقدمة للجمهور، وعلى مستوى إهمال الأبوين تربية أولادهم، والأهم تغلغل الثقافة الغربية الملوثة للنشء، عبر المنصات الرقمية والتلفزيونية المختلفة، فما يحدث ببساطة هو إعادة رسم شامل لثقافة الشاب العربي، عبر إشغال المجتمعات بتفاهات الأمور، والترفيه، والعادات والقيم الدخيلة، والتي أصبحت لدى البعض، عادية، وحقا مكتسبا، ومن غير المعيب الإجهار بها، منها على سبيل المثال “التاتو”.
واقع غريب ومؤسف، نتاجه اليومي ظهور جيل جديد لا يفقه لا تاريخه، ولا قضاياه، ولا حقوقه، ولا يعي أهمية الثقافة والقراءة والإبداع، ومجالسة الأكبر سناً، والاعتماد على النفس، والسير في النهج العصامي، والذي بات من سابع المستحيلات.
وكنت في هذا الشأن تحديداً، قد تبادلت الحديث مع سيدة تعول خمسة أولاد، اثنان منهم بالجامعة، حيث قالت لي إنها تقوم بترتيب أسرتهم، وتنظيف غرفهم، وكتبهم، وترمي الزبالة، وتعد لهم وجبة الإفطار، وتغسل ثيابهم، حتى لحظة كتابة هذه السطور.
ويوجز هذا السرد منها أمرين، الأول عدم تعويد وتثقيف بعض أرباب الأسر أولادهم لكي يعتمدوا على أنفسهم منذ البدايات، وفي أبسط تفاصيل حياتهم اليومية حتى قرب زواجهم، ما يعني ظهور جيل رخو واتكالي، لا يقدر حتى أن يربط حذاءه. الأمر الآخر، هو غياب “القدوة”، والتي تكون في سرد مواقف وأحداث الشخصيات الملهمة والخيرة التي تغير وغيرت مسار التاريخ، ومسار حياة الكثيرين، بأفعالها ومواقفها، ليكون النشء على اطلاع مستمر بقصص الملهمين، الذين يجب أن يكونوا عنواناً لهم بأفعالهم، وبكل شيء.
ما يحدث الآن، هو تدمير للشباب، وتحطيم، وإهمال لا يغتفر من أرباب الأسر والذين يفترض منهم أن يبذلوا المزيد في تربية أولادهم، وفي غرس الفضائل بهم، بدلاً من الانشغال عنهم بتفاهات الحياة اليومية، التي لا طائل منها.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .