العدد 4941
الإثنين 25 أبريل 2022
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
أزمة أوكرانيا... الأنجلوسكسونية الجديدة (1)
الإثنين 25 أبريل 2022

في عالم السياسة لابد للمنظومة السياسية - كالنظام الحاكم أو الأحزاب أو مجموعة السياسيين - أن يكون لديها فكر وآيديولوجيا ترتكز فيها على مصطلح الهوية بالدرجة الأولى والأخيرة، سواء هوية قومية أو دينية أو عرقية، لتكون خارطة طريق تسير عليها هذه المنظومة السياسية لتحقيق مبتغاها ومصلحتها، وهنا لا نقصد الفكر غير المبني على الهوية القومية أو الدينية أو العرقية بالدرجة الأولى، كالاشتراكية أو الرأسمالية مثلا، لأنهما ليستا فكرا حقيقيا، بل مجرد غلاف ظاهري تتخفى تحته الهوية العرقية والقومية.
فالاشتراكية الروسية في الحقيقة غطاء لفكر الهوية الدينية السلافية تغلف بغطاء العمال والملكية، والرأسمالية هي شعار اقتصادي تتخفى خلفه الهوية أو الهويات الدينية الغربية ممثلة بأوروبا الغربية والولايات المتحدة وكندا وأستراليا ونيوزيلندا، تماما كتاجر المخدرات بالأفلام العربية الذي يتخفى بثياب التبرعات وبناء المساجد ودور الأيتام للتغطية على حقيقة أمره، لهذا اعتقد صمويل هاننغتون في نظريته “صراع الحضارات” أن الهوية الدينية الغربية هي الفكر الذي سيتسيد العالم للأبد ويتخطى الإسلام والبوذية والكونفوشيوسية والهندوسية، معتقدا أن هناك صراعا دينيا مسيحيا إسلاميا هندوسيا.. إلخ. وهذا خطأ فادح لأن حروب الأديان انتهت منذ ظهور العولمة وإقامة حوارات الأديان ونشر التسامح وتقبل الآخر.
غباء هاننغتون يكمن في أنه اعتقد أن الحضارة الغربية هي بالدرجة الأولى فكر لهوية دينية للغرب، بالرغم من الادعاء بالعلمانية واحترام حرية الأديان وإقامة الشعائر، وبالرغم من أن بعض دساتير الغرب تشير وتؤكد حتى بطريق غير مباشر على التراث الديني لها، فبداخل الغرب المسيحي نفسه انطلق هتلر بالتبشير ليس للمسيحية بل للجنس الآري وعظمته كفكر وهوية قومية، وتسببت تلك الهوية القومية في دمار الغرب نفسه وسقوط ملايين البشر، وبريطانيا العظمى التي تسيدت العالم وكانت الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس، لم تتسيد بهويتها الانجيليكانية بل بقوميتها الأنجلوسكسونية التي جعلت مستعمراتها السابقة تتحدث الإنجليزية كالولايات المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا كلغتها الأم.. وللمقال بقية.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .