العدد 4918
السبت 02 أبريل 2022
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
أزمة أوكرانيا.. سقوط الشعارات
السبت 02 أبريل 2022

الحرب الروسية الأوكرانية، أو بالأصح الصراع الروسي الأميركي على أرض محايدة وهي أوكرانيا، كشفت لنا زيف الشعارات وانهيار الأخلاقيات التي طالما تم التغني بها، وعرت لنا الوجوه الحقيقية للممثلين الذين كانوا يقومون بالتمثيل لعقود طويلة، وهم بثياب الطهارة والعفة والأخلاق، ودكاكين حقوق الإنسان وحرية التعبير.. إلخ.
فالذين كانوا بالسابق يصرخون ويتباكون ويشقون الجيوب على ما يسمى بـ “حرية التعبير”، ومن صناعة لنكرات وعملاء جعلوهم عظماء ونصبوهم أيقونات لحرية الصحافة والإعلام، نراهم اليوم يضعون حرية الإعلام والصحافة وحرية التعبير تحت أقدامهم، ويمنعون وسائل الإعلام المناوئة، سواء من روسيا أو أوروبا، ويتهمونها بأنها وسائل إعلام وتعبير تدعم الإرهاب، ويصفونها بأنها وسائل معادية تسعى لنشر الأكاذيب.
أما دكاكين حرية الإعلام والتعبير، والتي كانت تلطم وتصرح وتذرف الدموع على تصدي أو إغلاق أو منع أية وسيلة عن عملها، نراها الآن تدس رأسها بالرمال ولا تمارس صراخها وعويلها ولطمها على ما يقوم به طرفا الحرب من منع وإغلاق هذه الوسائل، ناهيك عن سكوتها عن ملاحقة السلطات وسائل الإعلام أو الأشخاص أو مجموعة تعارض تدخل دولتها في مستنقع الحرب غير المباشرة بين واشنطن وموسكو.
أما محلات حقوق الإنسان التي كانت تنادي بحق هذه الفئة أو الأقلية بتاريخها وثقافتها ورغبتها بالاستقلال أو الحكم الذاتي، نراها تسكت عن حقوق المواطنين الأوكرانيين من أصول روسية، كما تسكت عن مطالبات الأوكرانيين من أصول مجرية لحقوقهم وثقافتهم. لقد كشفت هذه الحرب سقوط الأقنعة والشعارات والأخلاقيات التي كانوا ينادون بها.. أخلاقيات تمنع فيها أية بشرة غير بيضاء من اللاجئين من أوكرانيا من الدخول إلى أراضي الاتحاد الأوروبي، لكن سنتذكر كل هذا عند قيام أية دمية أو دكان بارتداء ثياب العفة لتكرار المهزلة معنا مرة أخرى.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية