العدد 4895
الخميس 10 مارس 2022
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
أزمة أوكرانيا.. عودة ألمانيا
الخميس 10 مارس 2022

كما توقع الرئيس الأميركي بايدن، شنت روسيا عملية عسكرية خاصة، أو غزوا روسيا لأوكرانيا كما تصفه الآلة الإعلامية الغربية، بسبب نقطتين ارتكز عليهما الكرملين وهما: التمييز وانتهاكات حقوق الأوكرانيين من أصول روسية في الجمهوريتين الانفصاليتين في شرق أوكرانيا، والسبب الثاني هو محاربة النازية الجديدة التي تهدد روسيا والمدعومة من قبل الناتو، بقيادة واشنطن، كما يقول الكرملين. أما وجهة نظر الغرب فهي أن ما حدث هو غزو روسي لدولة ذات سيادة وعضوية بالأمم المتحدة، وكما أسلفنا فإن واشنطن وموسكو تتصارعان دائما على أرض محايدة، ولا تتواجهان مباشرة مطلقا، كما حدث أيام الاحتلال السوفييتي لأفغانستان، والغزو الأميركي لفيتنام، لهذا فإن هذه المواجهة غير المباشرة مركزها أوكرانيا، فإما أن تنتصر موسكو وتقترب شمالا على حدود الناتو، أو تنتصر واشنطن وتقترب وتحاذي شرق روسيا، وفي الحالتين فإنه بالاضافة إلى أوكرانيا، فإن أوروبا ستتحمل كلفة الهزيمة أو النصر ماليا وأمنيا وعسكريا، بالإضافة إلى التأكيد على أن واشنطن السيدة والآمرة والناهية على أوروبا، إذا ما انتصرت واشنطن.
وما نراه الآن هو أن دول الاتحاد الأوروبي رضخت لواشنطن، وأصبحت تحت إمرتها سياسيا وعسكريا وماليا، لكن الملفت للنظر هو أن ألمانيا ذات العلاقة الخاصة مع موسكو، والدولة التي توصف سياستها بالعقلانية، والدولة التي تضع قيودا مشددة على الدخول بأية حرب، غيرت سياستها ودعمت كل قرارات واشنطن بدعم أوكرانيا وفرض عقوبات وتصدير أسلحة متطورة، بل إن المستشار الألماني ذهب أبعد من ذلك بتخصيص ميزانية ضخمة للتطوير الصناعي العسكري. ويبدو أن ألمانيا، وبعد عقود من تحمل عقدة الذنب جراء النازية، وجدت في أزمة أوكرانيا فرصة للتخلص من عقدة الذنب، والاستعداد لكي تنهض ألمانيا من جديد كقوة سياسية وعسكرية وربما نووية جديدة، ويبدو أيضا أن هذا النهوض الألماني موجه خلال السنوات القادمة ضد واشنطن، استعدادا لقيادة الألمان القارة الأوروبية بدل واشنطن التي تريد الاستمرار باعتماد أوروبا عليها بكل شيء. 
لكن ذلك لن يحدث إلا بحالة واحدة وهي عدم تورط أوروبا بمواجهة الدب الروسي، وأيضا القول لبايدن اذهب وقاتل الروس وحدك، كي لا تدفع ألمانيا ومن ورائها أوروبا فاتورة الانتصار الروسي أو الأميركي، وأنا متأكد بأن السياسة الألمانية الجديدة، بعد انتهاء أزمة أوكرانيا، ستكون ندا كبيرا للسيطرة الأميركية على أوروبا.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .