العدد 4890
السبت 05 مارس 2022
banner
ما وراء الحقيقة د. طارق آل شيخان الشمري
د. طارق آل شيخان الشمري
أزمة أوكرانيا.. أوروبا هي المستهدف
السبت 05 مارس 2022

الآلتان الإعلاميتان لواشنطن وموسكو بدأتا حملتيهما والترويج لوجهتي نظرهما بخصوص الحرب في أوكرانيا بمبالغات وتهويل وفبركات، من أجل كسب تعاطف الرأي العام، وتشويه صورة الطرف الآخر، لكن وبحكم تخصصنا وخبرتنا البسيطة بالإعلام السياسي، لنا وجهة نظر مخالفة لما يفبرك إعلاميا بخصوص هذه الحرب، فالطرفان يريدان صرف أنظار الرأي العام عن حقيقة الأمر الخفي، وجعله ينحصر فقط في نقطة انتهاكات حقوق الأوكرانيين من أصول روسية ومحاربة النازية، ونقطة سيادة وأمن أوكرانيا.. بداية وحتى نبسط الأمر للقارئ فإن هناك حقيقة خفية وهي أن روسيا والولايات المتحدة “أصدقاء بثياب الأعداء”، ولا يمكن لهما أن يكونا في مواجهة مباشرة مع بعضهما، بل إن المواجهة من خلال ملعب أو ملاعب “دولة أو بقعة جغرافية بشكل أوضح” يتم فيها تحريك حكومة هذه الدولة أو المعارضين لها أو من خلال الدمى والعملاء ممن يصفون أنفسهم بنشطاء حقوق الإنسان والإعلام وحرية التعبير.. إلخ، ورأينا ذلك أيام الاحتلال السوفييتي لأفغانستان، والاحتلال الأميركي لكابول، ثم تسليمها لطالبان، وكما حدث أيام الغزو الأميركي لفيتنام، إذ يتواجه القطبان الكبيران عبر الأراضي المحايدة لتحقيق مصالحهما، ولا يتواجهان بشكل مباشر أبدا.

وتأتي الحرب في أوكرانيا كمثال واضح لعدم المواجهة المباشرة بين واشنطن وموسكو، فالطرفان يتواجهان ويحققان مصالحهما على أرض محايدة وهي أوكرانيا، فواشنطن تريد أن يمتد الناتو ليكون خنجرا بالشمال والشمال الغربي لموسكو، وموسكو تريد أن يتوقف الناتو عند حدوده الحالية، كذلك إن أمكن إعادة أمجاد الاتحاد السوفييتي فأهلا وسهلا.. لهذا فإن حدث وخسرت روسيا الحرب فإن الدمار والثمن ستدفعه أوكرانيا الأرض المحايدة التي يتصارع فيها القطبان، وإن حدث وخسرت واشنطن فإن الثمن ستدفعه أيضا أوكرانيا، وفي الحالتين فإن أوروبا ستدفع ثمنا باهظا أيضا، سواء انتصرت موسكو أو واشنطن، فانتصار موسكو يعني خسارة أوروبا كل ما قامت به من إنجازات بعضويتها بالاتحاد الأوروبي والناتو خلال عقود، وانتصار واشنطن يعني أيضا استنزافا اقتصاديا وماليا رهيبا لأوروبا جراء دعمها أوكرانيا، وأيضا تأكيد على أن أوروبا هي الولاية الجديدة للولايات المتحدة بشكل غير مباشر، والتي تأتمر سياسيا وعسكريا وأمنيا بأوامر واشنطن.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .