+A
A-

هذا قرار "الشورى" بشأن كشف الذمة المالية لأعضاء النقابات

رفضت لجنـة الشؤون التشريعية والقانونية في مجلس الشورى مشروع قانون بشأن  تعديل المادة الأولى من القانون رقم  (32) لسنة 2010  حول موضوع  كشف الذمة المالية.

والذي يهدف إلى  إخضاع  رؤساء وأعضاء مجالس إدارات المنظمات النقابية العمالية ورؤساء وأعضاء الاتحادات النقابية العمالية لأحكام قانون الكشف عن الذمة المالية، وإلزامهم بتقديم إقرار عن ذممهم المالية؛ بهدف مكافحة الفساد في القطاع الخاص، وتفعيل مبدأ الشفافية في عمل المنظمات والاتحادات النقابية، وما يترتب عليه من بث الثقة والطمأنينة في نفوس العمال تجاه ممثليهم في مجالس إدارات المنظمات والاتحادات النقابية.

ورأت اللجنة من  ناحية السلامة الدستورية أن مشروع القانون لا ينال من حُرية تكوين النقابات أو الانضمام إليها المُقررين بنص المادة (27) من الدستور، كما التزم بنص المادة (31) من الدستور التي أوجبت أن يكون تنظيم الحقوق والحريات العامة بقانون. 
 
كما يدخل في نطاق السلطة التقديرية للمشرّع وهو ما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية بأن "الأصل الدستوري لسلطة المشرع في مجال تنظيم الحقوق والواجبات أنها سلطة تقديرية مالم يكن الدستور قد فرض عليه في شأن ممارستها ضوابط محددة تحد من إطلاقها"، بالإضافة إلى أنه لا ينال من الحق في الحياة الخاصة المقرر دستوريًا في المادة (9 فقرة ج) من الدستور، حيث قضت المحكمة الدستورية بأن"الحق في الحياة الخاصة لا يَستعصِي على التنظيم التشريعي، فالدستور لا يَغُل يد المشرّع عن التدخل لتنظيم هذا الحق" 
 
وتشير اللجنة إلى رأي هيئة المستشارين القانونيين بمجلس الشورى حول شبهة عدم الدستورية التي تضمنتها مُذكرة رأي الحكومة المرفقة بمشروع القانون، حيث أتى رأي الهيئة مُقررًا أن شبهة عدم الدستورية التي ساقتها الحكومة الموقرة ليست شبهة متكاملة البنيان متساندة الأركان، ولا تستقيم في ذاتها سندًا للنعي على النص محل النظر، وذلك لافتقادها لما يُظاهرها وافتقارها لما يساندها على هَدي مما نص عليه الدستور وجرى عليه قضاء المحكمة الدستورية.

أما من ناحية الملاءمة القانونية والموضوعية، فإنه ينص ميثاق العمل الوطني على حق إنشاء النقابات في مملكة البحرين، وتنص المادة (27) من الدستور على حرية تكوين النقابات، على أسس وطنية ولأهداف مشروعة ودون المساس بالنظام العام مع عدم جواز إجبار أحـد على الانضمـام إلى أي نقابة أو الاستمرار فيها.
وحرصًا على توفير المناخ الملائم لممارسة الحقوق العامة للنقابات والمنظمات والاتحادات العُمالية وأداء واجباتها والمشاركة في رسم مسار التقدم والديمُقراطية، فقد صدر المرسوم بقانون رقم (33) لسنة 2002 بشأن النقابات العمالية الذي يقوم على أساسه البنيان النقابي العمالي.
فَعَرَّفَت المادة الأولى منه النقابات العمالية بأنها: تنظيم يشكل من عدد من العمال في منشأة معينة أو قطاع معين أو نشاط محدد. 
والاتحاد النقابي: تنظيم يشكل من عدد من النقابات العمالية. 
والمنظمة النقابية العمالية: تنظيم ينشأ لرعاية مصالح العمال والدفاع عن حقوقهم، ويشمل ذلك النقابات العمالية والاتحادات النقابية. 
وتسري أحكام القانون طبقـًا للمادة الثانية منه على العاملين المخاطبين بأحكام قانون العمل في القطاع الأهلي، وعلى العاملين المخاطبين بأحكام القانون البحري، وعلى العاملين المخاطبين بأنظمة الخدمة المدنية، ويُمثلون جميعًا شريحة كبيرة من المواطنين.
وطبقـًا للمادة السابعة منه، تستهدف المنظمات النقابية حماية الحقوق المشروعة لأعضائها العمال والدفاع عن مصالحهم وتحسين ظروف وشروط العمل.
كما أن الاتحاد النقابي طبقـًا للمادة الثامنة من القانون يُمثل عمال مملكة البحرين في المحافل الدولية وفي المفاوضات الجماعية مع أصحاب الأعمال ومنظماتهم على مستوى المملكة.
وتتناول المادة التاسعة منه الاختصاصات التي يباشرها الاتحاد النقابي، وهي اختصاصات جوهرية، منها وضع السياسات العامة وميثاق شرف العمل النقابي لعمال النقابات العمالية، والتصريح لممثلي النقابات العمالية أعضاء الاتحاد بحضور المؤتمرات خارج مملكة البحرين، وإقرار اللوائح الداخلية المالية والإدارية التي تنظم عمل الاتحاد، وغيرها... 
وترى اللجنة أن تلك الاختصاصات الموكلة لرؤساء المنظمات والاتحادات النقابية العمالية، تتعلق بشريحة كبيرة من المجتمع وهم العمال وتمثلهم في المحافل الدولية، وتضع اللوائح المالية والإدارية لتلك المنظمة، وهي اختصاصات جوهرية تستوجب خضوع هذه الفئة لقانون الكشف عن الذمة المالية كوسيلة من وسائل الرقابة بجانب الرقابة الداخلية للاتحادات النقابية والتي يفرضها النظام الأساسي لها. 
وذكرت  أن قانون الكشف عن الذمة المالية رقم (32) لسنة 2010، وإن كان المستفاد من نصوصه أن هدفه حماية المال العام في الأساس، إلا أنه لا يقتصر على هذا الهدف، ولكن يحمي كذلك ما قد يترتب على تقديم الخدمات العامة والمنافع العامة حتى وإن كانت من المجتمع المدني مثل النقابات، ومن ثم فيجوز أن تمتد حمايته لما لا يتصف بالمال العام، وخاصةً أنه لم يتضمن نصًا يُشير إلى اقتصار تطبيق أحكامه على الموظف العام، كما لم يمنع إضافة فئات أخرى غير الفئات المذكورة فيه حتى وإن كانت خاصة.
وأشارت أن سياسة مملكة البحرين اتجهت لمكافحة الفساد على المستويين العام والخاص وتتجلى مظاهر هذه السياسة في الآتي:
 
أ- التصديق على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بموجب القانون رقم (7) لسنة 2010، التي ألزمت الدول الأطراف باتخاذ التدابير لمواجهة الفساد في القطاعين العام والخاص على السواء، حيث نصت في المادة (12 بند 1) منها على أن " تتخذ كل دولة طرف، وفقـًا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي، تدابير لمنع ضلوع القطاع الخاص في الفساد، ولتعزيز معايير المحاسبة ومراجعة الحسابات في القطاع الخاص، وتفرض عند الاقتضاء عقوبات مدنية أو إدارية أو جنائية تكون فعالة ومتناسبة ورادعة على عدم الامتثال لهذه التدابير."
كما نصت في المادة (22) منها بشأن اختلاس الممتلكات في القطاع الخاص على أن " تنظر كل دولة طرف في اعتماد ما قد يلزم من تدابير تشريعية وتدابير أخرى لتجريم تَعَمُد شخص يدير كيانـًا تابعـًا للقطاع الخاص، أو يعمل فيه بأي صفة، أثناء مزاولة نشاط اقتصادي أو مالي أو تجاري، اختلاس أي ممتلكات أو أموال أو أوراق مالية خصوصية أو أي أشياء أخرى ذات قيمة عـُهد بها إليه بحكم موقعه."
 
ب- التصديق على الاتفاقية العربية لمكافحة الفساد بموجب القانون رقم (6) لسنة 2017 والتي نصت في المادة (10 البندان 4، 8) منها على أن " 4. تسعى كل دولة طرف وفقـًا للمبادئ الأساسية لقانونها الداخلي إلى اعتماد وترسيخ وتدعيم نظم تقرر الشفافية وتمنع تضارب المصالح بين الموظف والجهة التي يعمل بها، سواء في القطاع العام أو الخاص.    
8. بغية منع الفساد في القطاع الخاص تتخذ كل دولة طرف ما قد يلزم من تدابير، وفقـًا لقوانينها     الداخلية ولوائحها المتعلقة بمسك الدفاتر والسجلات، والكشف عن البيانات المالية، ومعايير المحاسبة ومراجعة الحسابات، لمنع القيام بالأفعال التالية بغرض ارتكاب أي من الأفعال المجرمة وفقـًا لهذه الاتفاقية ..."
 
جـ - أخذت مملكة البحرين بنظام الإفصاح عن الذمة المالية في عدد من القوانين الحديثة، منها المرسوم بقانون رقم (28) لسنة 2020 مُتضمنـًا تعديل المادة (188) من قانون الشركات التجارية الصادر بالمرسوم بقانون رقم (21) لسنة 2001، الذي نص على أن يشتمل تقرير مجلس الإدارة على بيان شامل لكل ما حصل عليه رئيس وأعضاء مجلس إدارة الشركة كلٌّ على حدة خلال السنة المالية من رواتب ومكافآت ونصيب في الأرباح وبدل حضور وبدل تمثيل ومصروفات وغيرها، وبيان ما قبضوه بوصفهم موظفين أو إداريين أو نظير أعمال فنية أو إدارية أو استشارية أو أية أعمال أخرى. كما يجب أن يشتمل التقرير المذكور الإفصاح عن مكافآت أعضاء الإدارة التنفيذية كلٍّ على حدة، بما في ذلك أي رواتب ومنافع ومزايا وأسهم.
ثُم صدر المرسوم بقانون رقم (20) لسنة 2021 ليتضمن تعديل المادة (188) ذاتها بهدف الإبقاء على إفصاح مجالس إدارات الشركات المساهمة للجمعية، على أن يتضمن كذلك الإفصاح عن أي منافع أو مزايا تحصلوا عليها، كما صدر قرار وزير الصناعة والتجارة والسياحة رقم (3) لسنة 2022 بتعديل بعض أحكام اللائحة التنفيذية لقانون الشركات التجارية بما يتفق مع الحكم المستجد. 

وذكرت أن القانون رقم (32) لسنة 2010 بشأن الكشف عن الذمة المالية ذاته، وعلى غرار القانون رقم (30) لسنة 2018 بشأن حماية البيانات الشخصية، كان حريصًا على إقرار سرية ما تم الكشف عنه، فيما تضمنته المادة (7) منه حيث اعتبرت الإقرارات والبيانات والمعلومات المتعلقة بالذمة المالية من الأسرار وحظرت إفشاءها، كما عاقبت المادة (10) منه كل من قام بإفشاء أية معلومات أو بيانات متعلقة بإقرارات الذمة المالية يكون قد اطلع عليها بسبب أعمال وظيفته.
وعلى هذا فلا تثريب على إخضاع رؤساء وأعضاء مجالس إدارات المنظمات النقابية العمالية ورؤساء وأعضاء الاتحادات النقابية العمالية إلى قانون الكشف عن الذمة المالية والذي أحاط إقرارات الخاضعين بضمانات قانونية تكفل لها الحماية اللازمة.