العدد 4898
الأحد 13 مارس 2022
banner
“هوس الشركات بالإنجليزية.. والأرض بتتكلم عربي”
الأحد 13 مارس 2022

لا أدري لماذا لا تزال بعض شركاتنا الكبرى تنشر إعلاناتها في مختلف منصات التواصل الاجتماعي باللغة الإنجليزية، في حين أن الأرض وكما يقول الشاعر فؤاد حداد “بتتكلم عربي”.
ليست قضية تعصب أو موقف فكري منحاز للعروبة بكل أشكالها وتطوراتها، وليست دعوة للانغلاق والانعزال عن العالم، ولا اللجوء إلى زوايا النسيان، لكن عند معالجة الموضوع نرى أنه من غير المقبول أن تتفاخر الشركات - خصوصا التي تقدم خدمات للمواطن والمقيم - بنشر أخبارها والعروض التي تقدمها وكل حركة تقوم بها باللغة الإنجليزية، وكأنه ليست هناك هيبة وكرامة للغة العربية في نفوسنا إلى درجة أننا استقبحناها واستنكرناها.
كان من الممكن أن أنسى الموضوع كله لولا إحساسي بأن اللغة العربية أصبحت مثل الشبح أو الوهم، ومنبوذة من قبل بعض الشركات والمؤسسات بشكل يدعو إلى الأسف والألم، وكأنها تشكك في حقيقة وجودها وما قدمته للإنسانية، كل ورقة ترسل للمواطن مليئة بالقوالب والنظريات الإنجليزية، والقواعد تجعل منها لونا خاصا، لاعتقاد هذه الشركات والمؤسسات أننا أصحاب الثقافة الأنجلوسكسونية في الطابع والمزاج والروح، وأنه بمقدور كل المواطنين القراءة بإتقان، ولديهم استعداد لامتصاص التعابير والمفردات الإنجليزية.
صدقوني إنها صيحة قلق على لغتنا العربية، وخوف من بلاء ملتهب سيقضي عليها نهائيا في المعاملات اليومية في الشركات والمؤسسات، وهذا الضرر سيمتد إلى الأجيال القادمة، وسمه سيزحف إلى صميم عملهم وكيانهم ومستقبلهم، ففي البلاد المتحضرة الكبرى، اللغة الأم مثل القلعة التي تنبض كالقلب، وليس هناك أي مجال للغة غريبة للدخول في دارها، وإن كانت، فهي في حدود وليست من الضروريات، فلماذا نتمسك بالإنجليزية في المعاملات اليومية والإعلانات، ونعتبرها مثل الماء والكهرباء والمواصلات في حياتنا.
الأمر ليس تغيرات اجتماعية وثورة القفز إلى الأمام ورؤية صائبة عميقة، بقدر ما هو سخرية وكارثة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .