الأمة الرأسمالية التي تبكي اليوم على أوكرانيا.. ليس حفاظا على بنيتها التحتية، وليس عطفا على نسائها وأطفالها، وليس رحمة بشيبها وشبابها، ولم تكن تلك الدول رحومة على مر التاريخ، نحن بالتأكيد نبغض الحرب ضد أي من البشر، دون استثناء، ونحزن كثيرا إن سقطت قطرة دم واحدة من بشر، بغض النظر عن عرقه ودينه، والحرب اليوم حرب رأسمالية شيوعية، وهي حرب نفوذ أميركي أوروبي روسي، وبالتأكيد روسيا لن تسمح بنصب قواعد صواريخ على حدودها إن كانت حدودها مع أوكرانيا أو الهند أو كوريا أو الصومال، لذلك حديث الغرب الرأسمالي عن الرحمة، فنحن نفهمه، لكن للأسف الكثير من العرب مازال يحمل ذلك الفكر بأن الشيوعية ملحدة والرأسمالية مؤمنة، والواعي يفهم أنهم يتقاسمون الشر للإسلام والعرب بنسبة متساوية.
ورغم خلافي الفكري مع الدول والأحزاب الشيوعية في كثير من المفاهيم والنظريات، لكن اليوم لن أناصر الرأسمالية على حساب الشيوعية والعكس أيضا، وأعلم جيدا أن الدول والنظام الرأسمالي استطاع أن يحيد النظام الاشتراكي في العالم في فترات زمنية كثيرة من ناحية سياسية واقتصادية وحتى عسكرية، لكن كيف استطاع ذلك؟ لأن الرأسمالية خدعت العالم بالتخفي خلف كلمات مبهرة منها الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وقضايا النازحين والفقر والجوع.. إلخ! وكانت هناك مكائن إعلامية تحارب وتناضل من أجل إثبات تلك الكلمات زيفا وبهتانا، وإذا نظرنا إلى كل تلك النقاط التي ذكرتها كانت النسبة الأكبر منها من صناعة وتنفيذ الرأسمالية، ومازال لغاية الآن الكثير من الناس ينظر إلى الشيوعية على أنها ملحدة كما أسس لها برينجسكس في النظرية الثيوقراطية التي أتى بأحزاب الإسلام السياسي في إيران وأفغانستان لأجلها، واتفق معهم بأن الشيوعية ملحدة ولابد من محاربتها حتى استطاعت أميركا وغيرها من الدول تفكيك الاتحاد السوفييتي والانتصار بالحرب الباردة بدم المسلمين وسلاح الغرب، وفي الحقيقة لا يوجد بين القنافذ قنفذ أملس لا روسيا الشيوعية ولا أميركا الرأسمالية ولا الصين البوذية.
ومن هذا المنطلق ترى بعض البشر وخصوصا العرب الذين ذاقوا مرارة الحروب، هم حقيقة لا يحبون روسيا، بل يدعمونها بالدعاء بغضا بأميركا والرأسمالية، حتى إن لم يعوا ما هي الرأسمالية وما هي الشيوعية.