العدد 4884
الأحد 27 فبراير 2022
banner
رقص بطيء فوق أرض الموت
الأحد 27 فبراير 2022

مع بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، دخل العالم في حالة شبه إغماء وبأحرف عميقة الرنين، فزادت قيمة بضائع، وهبطت أسعار بضائع، وأرباح شركات، واختل ميزان التجارة العالمي، وأصبحت مصائر الناس في تلك البقعة من الأرض على المحك، وكأن البشرية اعتادت أن تعيش حياة شاقة مؤلمة ليختفي الهدوء على الأرض.

مازالت جائحة كورونا ترشنا بمياه الموت والاسقام والفواجع والفظائع، ولم يسعفنا حتى ترتيب أفكارنا حتى دخل العالم منعطف الحرب، وزاد الطين بلة، بكثير من المناهج والأساليب دون الوصول إلى إجابات حقيقية، وبدل فعل شيء حاسم أصبحنا ندور حول أنفسنا وحول آلامنا، ونتمدد طواعية بجانب النيران، ونبتعد عن اللوحات المضاءة بالنور الساطع من السماء التي ترشدنا إلى السلام والتسامح والتجمع حول بئر الأفراح الذي يتسع للجميع.

يا لهذا الإنسان الغريب، فهو يعرف النتائج الخطيرة للحروب، ويعرف دروب الآلام التي ستسلكها المجتمعات، ومع ذلك ينزع غطاء المنظار ويحدق في الشمس لتحرق وجهه وتشوهه، إنه يريد الحزن في كل مكان، يريد أن يحمل عود ثقاب أينما يكون ويشعل النار.

“في العالم تعطش طليق لأصوات العنف ومناظر الألم، تعطش للموت والخراب.. إننا غارقون حتى عيوننا في الدم، وعليك أن تعوم فيه أو تغرق، هذا أو ذاك”، تلك النغمة الغالبة على مسرحية “رقص بطيء فوق أرض الموت” لوليام هانلي، ففيها يقدم فكرة قائمة جديدة إلى حد كبير عن وجودنا، نحن جميعا، بلا استثناء، نرقص رقصة بطيئة، لكنها منظمة، ولها قواعدها وأصولها فوق أرض قاتلة، وما يحصل لنا اليوم شبيه بمسرحية هانلي، فالعالم كله يمسك بيده بندقية، عالم محير مقلق يلبس نظارة سوداء لا تكشف عن لون عينه ومجرى نظراته، وصدق وليام شكسبير عندما قال على لسان المهرج بومبي خادم السيدة أوفردون في مسرحية “دقة بدقة”.. أرجو أن تكون الحقيقة قد اتضحت!.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .