العدد 4821
الأحد 26 ديسمبر 2021
banner
الأديب والفنان البحريني... الميت الحي
الأحد 26 ديسمبر 2021

لقد حمل الأديب والفنان البحريني المسؤولية منذ أمد بعيد بشرف وأمانة، وتحمل أكثر مما يطيق وتبوأ مكان الصدارة، وقدم للمجتمع زادا فكريا ومتعة عظيمة، لكن الذي يدعو إلى الأسف والألم لفه بالأردية السوداء ورميه في هوة سحيقة والتعامل معه على أنه ميت حي، وما حصل مع فرقة مسرح جلجامش قصة قديمة وحديثة معروفة لكل مثقف، وشاهدناها في مناسبات سابقة، فالأضواء الكاشفة لا تسلط على المبدعين من أهل الفن، بل تنهار عليهم الأحجار، حيث اعتادوا الوقوف على أعتاب الهاوية، وهم يقفون عليها الآن فعليا مبعثرين ممزقين بصورة أليمة دامية.
ما الذي جعلهم يخرجون رؤوسهم المتعبة المدفونة يوم الخميس الماضي سوى تلك الكلمات التي تطالب بإنصافهم وتعيد وجودهم الواضح الصريح المتمثل في صورة أحسن وأفضل مما هي عليه الآن وسابقا، كم من أديب وفنان ومبدع بحريني انفرد بمساحة كبيرة من التميز في المحافل الدولية واعتبروه ظاهرة مختلفة عن الآخرين، عاد بجائزته كـ “حقيبة السفر” تماما التي تقذف من باب عفش الطائرة إلى السيارة ثم إلى المنزل مباشرة. قصص كثيرة سمعتها تعجز لغة الكتابة عن وصفها، هذا يرسم علامة ظافرة في تاريخ المسرح البحريني والعربي ومع ذلك لا أحد يعترف به، وذاك محفورة صورته في المخيلة العربية بعظيم ذكائه ونشاطه وتعدد مواهبه وقدراته وإصداراته وهو غير قابل للتكرار، ومع ذلك لا أحد يلتفت إليه وكأنه نجمة القطب البعيدة، وآخر يلف العالم بأعماله وهنا عليه التسجيل للوقوف في الطابور.
أنا لا أستطيع أن ألوم جهة معينة عن هذا التقصير، لكنني في نفس الوقت ألوم الجميع الذي ينظر إلى الأديب والفنان مثل التفاحة العفنة التي تحمل الموت في كل خلاياها، وربما التفكير برميه من الطوابق العالية والتخلص منه وقطع علاقته بالكون، وتركه يردد بيت شعر ولي الدين يكن “تعبت من الكلام فليس يجدي.. لبث النصح نظم أو بيان”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .