العدد 4819
الجمعة 24 ديسمبر 2021
banner
تلمسوا مواهب واتجاهات الأبناء قبل فوات الأوان
الجمعة 24 ديسمبر 2021

وقفت بجانب شاب يتحدث في هاتفه بأحد المحلات التجارية منتظرا دوري، وكان يتحدث مع الطرف الآخر كما كان واضحا عن ما بعد تخرجه من الثانوية العامة، وصدمني حقيقة بجملة جعلتني أقلب بصري في نصوص صماء وهي “ما دري والله.. أهم شيء أتخرج وعقب باجوف أي شغل”.
لقد وصل هذا الطالب إلى الثانوية العامة وهو لا يعرف أين يتجه وماذا يختار، في حين أن على الطالب الذي على وشك التخرج أن يضع سياسة ثابتة لأهدافه، كما تفعل الحكومة تماما في ميادين الإصلاح والتعمير، فالطالب الذي يشعر بميل إلى تخصص في علم أو فن أو مهنة، يجب أن يعد عدته فيعلم سلفا شروط العلم أو الفن أو المهنة ويوفرها لنفسه، فأخطر ما يصيب الشباب أن تفرض عليهم الظروف العلوم والفنون، فيتعلمون بغير روح ويتخرجون بغير روح ويتوظفون بغير روح، ذلك علم الحظ وفن الصدفة ومهنة الضرورة، ولن يكون المتخرج رغم أنفه وحامل الشهادة المعينة رغم أنفه، شابا صالحا ولا رجلا صالحا، ولا مواطنا صالحا لا لنفسه ولا للبلاد.
هناك كثير من الشباب صمموا على الالتحاق بكليات معينة، فجدوا واجتهدوا وظفروا بالترتيب المتقدم والتحقوا بالكلية، وهناك شباب قرروا أن يتعلموا كل عام لغة جديدة، فاستطاعوا بقوة إرادتهم وعزيمتهم أن يتعلموا عدة لغات، وهناك أيضا شباب كانوا يحتلون وظائف في الدولة ذات مستقبل، ولكنهم اختاروا أن يقتحموا الميدان الحر، فاستقالوا وكافحوا ونجحوا، الشاب الذي يعرف كيف يصمم وكيف ينفذ، وكيف يصبر ويصابر لابد أن يصل إلى الهدف، أما المرتجلون وأبناء الظروف والصدف وجنود الحظ والقدر “مثل هذا الشاب الذي قابلته” فهم لا إرادة عندهم ولن يلمع لهم نجم في سماء الحاضر والمستقبل.
على أولياء الأمور أن لا يغفلوا عن هذا الأمر الخطير ويتلمسوا مواهب واتجاهات الأبناء قبل فوات الأوان.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .