+A
A-

المرأة البحرينية تعيش أزهى سنوات عطائها في ظل العهد الزاهر للعاهل المفدى

- عمل مؤسسي وجهد دائم لضمان استدامة تقدم المرأة
- ديسمبر.. شهر الأعياد الوطنية المجيدة في مملكة البحرين

مع احتفالات مملكة البحرين بأعيادها الوطنية يومي 16 و17 ديسمبر إحياءً لذكرى قيام الدولة البحرينية الحديثة في عهد المؤسس أحمد الفاتح كدولة عربية مسلمة عام 1783 ميلادية، وذكرى انضمامها في الأمم المتحدة كدولة كاملة العضوية، وذكرى تسلم حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه مقاليد الحكم في البلاد، تسلط مملكة البحرين الضوء على الانجازات النوعية البارزة التي تحققت في ظل العهد الزاهر لحضرة صاحب الجلالة الملك المفدى، ومن بينها؛ إن لم يكن في مقدمتها؛ قصة نجاح المرأة البحرينية.

حيث تلاقت الإرادة السياسية مع الرغبة المجتمعية في دعم المرأة، فكانت مؤسسة المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت ابراهيم آل خليفة قرينة عاهل البلاد المفدى حفظها الله الإطار الوطني الشامل والمُسّرع لدعم تقدم المرأة والوصول بها إلى فضاءات أرحب من الانجاز والتنمية.

وتبدأ مملكة البحرين أعيادها الوطنية في الأول من شهر ديسمبر بالاحتفال بيوم المرأة البحرينية، ويمتد هذا الاحتفال على مستوى الوطن، ويشمل ليس المؤسسات الحكومية فقط، بل مؤسسات القطاع العام والخاص والأهلي أيضا، وتشهد وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي جانبا كبيرا من مظاهر هذا الاحتفال، لتتواصل الاحتفالات بعد ذلك بالعيد الوطني وعيد تسلم العاهل المفدى مقاليد الحكم.

مهمة مواصلة الرسالة وتسريع الانجاز
 وعندما أنطلق المجلس الأعلى للمرأة في العام 2001 كانت المرأة البحرينية قطعت أشواطا واسعة على طريق الريادة والتميز اعتمادا على مسيرتها الطويلة في التعليم والتمكين، ولم تكن تواجه عوائق تقليدية كحال نظيراتها في دول كثيرة، لذلك كان لازما على المجلس مساعدة النساء البحرينيات على الانتقال إلى قمم أعلى من العطاء، وذلك من خلال إيجاد آليات دعم مبتكرة في إطار اختصاصات المجلس كمؤسسة معنية بمختلف قضايا المرأة، والمسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقه في هذا الإطار.

وتحقيقا لدوره المنشود، بادر المجلس الأعلى للمرأة إلى إطلاق الخطة الوطنية لنهوض المرأة البحرينية كترجمة للمبادئ الواردة في ميثاق العمل الوطني ودستور مملكة البحرين فيما يتعلق بالمرأة، تتضمن  الآليات وتعتمد على منهجيات الفكر الاستراتيجي لاستدامة تقدم المرأة من خلال قياس الأثر المتحقق كمحصلة نهائية على التنمية الوطنية، وتفعيل الشراكات مع الجهات الحكومية والمؤسسات الرسمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني، مع إعطائها بعد وطني من خلال ربطها مع برنامج الحكومة ورؤية مملكة البحرين 2030، وبعد عالمي من خلال مواكبتها لأهداف التنمية المستدامة.

تماسك أسري واستقرار مجتمعي
وتحظى المرأة البحرينية بمنظومة دعم شاملة ذات صلة بالاستقرار الأسري ويجري تطويرها باستمرار بناء على اختلاف الاحتياجات وتطور المجتمع، إضافة إلى توفير كافة الخيارات لتأمين الاحتياجات الاقتصادية والاجتماعية للمرأة وتعزيز سلامتها الصحية والنفسية. ويعمل المجلس الأعلى للمرأة بالتعاون مع كافة الشركاء والحلفاء إلى تعزيز المنظومة التشريعية والقانونية الكفيلة بتحقيق هذا الهدف، وتطوير خدمات الارشاد والتوفيق الأسري  والبنى التحتية الداعمة  لتوفير الوقاية والحماية النفسية والاجتماعية بما يحفظ خصوصية المرأة والأبناء في اطار تقنين أحكام الأسرة، وتطوير القرارات واللوائح التنفيذية على هذا الصعيد، مع الالتزام بتنفيذ البرامج التوعوية المستمرة ومجال الثقافة القانونية والأسرية.  

وقد ساهمت تلك الجهود في تحقيق أثر ملموس على صعيد الاستقرار الأسري حيث تشير الإحصائيات إلى ارتفاع في عدد الدعاوى المنظورة أمام المحاكم الشرعية بنسبة (21%) خلال الفترة (2015-2020) وانخفاض متوسط عمر الدعوى المحسومة في المحاكم الشرعية إلى أقل من (2.6) أشهر لــ87% من القضايا في عام 2020. وعلى صعيد الاستفادة من خدمات التوفيق الأسري فقد ارتفعت نسبة المستفيدين (44%) خلال الفترة من (2016-2020).

إسهام فاعل في التنمية الاقتصادية
ويحرص المجلس الأعلى للمرأة على دمج المرأة البحرينية في مختلف المجالات الاقتصادية ، وتوفير كافة الخدمات التي تستلزمها مبادرات المشاركة الاقتصادية سواء على صعيد إصدار أو تطوير القوانين الداعمة للمرأة أو من خلال اطلاق المبادرات والمشاريع التشجيعية والمحفزة لانخراطها في ريادة الأعمال بتوفير الحاضنات الاقتصادية التي تقدم كافة الخدمات الإدارية والاستشارية والتدريبية والفنية، وإتاحة الخيارات المناسبة لخدمات التمويل الميسر التي تحتاج إليها المرأة للدخول في مجال العمل أو ريادة الأعمال.

وقد ارتفعت نسبة صاحبات الأعمال من إجمالي أصحاب الأعمال من (15%) عام 2001 إلى (47%) عام 2020 بنسبة ارتفاع قدرها (32%) مما يدل على سهولة الاجراءات للانخراط في مجال ريادة الأعمال مع وجود العديد من برامج ونشاطات المنظومة الوطنية لنمو وتدرج رائدة العمل، حيث حققت أثر في ارتفاع نسبة مشاركتها بريادة الأعمال بمقدار (4%) لتصل الى حوالي (41%) من إجمالي البحرينيين خلال الفترة (2010-الربع الثالث2021)، وارتفاع المالكات لسجلات افتراضية بنسبة (14%) خلال الفترة (2016-الربع الثالث2021) لتصل إلى (52%).
           
تكافؤ الفرص .. والتوازن بين الجنسين
وتنفيذاً لاختصاصات المجلس الأعلى للمرأة بتمكين المرأة من أداء دورها في الحياة العامة وإدماج جهودها في برامج التنمية الشاملة، أخذ المجلس على عاتقه ترجمة النصوص الدستورية إلى واقع، لاسيما وأن المادة الخامسة الفقرة (ن) تنص على "تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الأسرة وعملها في المجتمع، ومساواتها بالرجال في ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون إخلال بأحكام الشريعة الإسلامية".

وعمل المجلس على متابعة تطبيـق السياسـات وترسـيخ الممارسـات والخيـارات وإتاحـة الفـرص المتكافئـة لتحقيـق والتـوازن بيـن الجنسـين فـي التنميـة الوطنيـة والشئون الإجتماعية، من خلال تفعيل المبادرات والخدمات المساندة. ويعد النموذج الوطني للتوازن بين الجنسين من المبادرات الرائدة على هذا الصعيد، حيث اطلق النموذج بصدور الأمر الملكي السامي في عام 2011، بإنشاء اللجنة الوطنية لمتابعة تنفيذ النموذج الوطني لإدماج احتياجات المرأة، بهدف نشر ثقافة الإدماج وتبني منهجيات علمية تتضمن سياسات وإجراءات لتطبيقات تكافؤ الفرص، واعتماد الموازنات المستجيبة لاحتياجات المرأة؛ وبالتالي تحقيق الإدماج الحقيقي لاحتياجات المرأة في مسار العمل الحكومي تدريجيًا.

ولمملكة البحرين تجربة متميزة على صعيد تطبيق سياسات تكافؤ الفرص، وذلك بصدور عدد من القرارات الداعمة كقرار مجلس الخدمة المدنية في العام 2014، بإلزامية انشاء لجان تكافؤ الفرص في الوزارات والمؤسسات الرسمية وإصدار التعاميم والتوجيهات اللازمة لتفعيل اختصاصات هذه اللجان، وكذلك تعاميم وزارة المالية والاقتصاد الوطني السنوية بشأن الاعتمادات واللوائح والتعليمات الخاصة بتنفيذ الميزانية العامة للدولة على صعيد تطبيق الموازنات المستجيبة لاحتياجات المرأة، فقد بلغ عدد لجان تكافؤ الفرص (51) لجنة بالعام 2021، كما بادرت مؤسسات القطاع الخاص والمجتمع المدني بشكل تطوعي بتبني منهجيات التوازن بين الجنسين وإدماج احتياجات المرأة، حيث ارتفع عدد هذه اللجان في القطاع الخاص من لجنتين عام 2014 إلى (20) لجنة عام 2021، كما ارتفع عدد لجان إدماج احتياجات المرأة في مؤسسات المجتمع المدني لتصل إلى (17) لجنة في العام 2021.

مستقبل سوق العمل والتوازن بين الجنسين
وادراكًا من المجلس الأعلى للمرأة للمتغيرات الطارئة على سوق العمل في ظل الثورة الصناعية الرابعة، أطلق المجلس "المبادرة الوطنية للتوازن بين الجنسين في علوم المستقبل" كأداة تنظيمية تعمل على تسريع تحقيق التوازن بين الجنسين في مجالات علوم المستقبل بجهود تشاركية بين المؤسسات الحكومية ومختلف القطاعات ذات العلاقة ومشاركة المواطنين في وضع مقترحات تنفيذها. وساهم الاهتمام الملحوظ بتنمية المهارات في مجالات علوم المستقبل من قبل الشركاء في عدد من النتائج من أهمها تجاوز أداء الطالبات في الصف الثامن في الرياضيات والعلوم للمتوسط العالمي حيث أحرزت طالبات الصف الثامن في العلوم نتيجة بلغت (512) متجاوزة المتوسط العالمي لأداء الطالبات في العلوم  البالغ (459)، وكذلك أحرزت الطالبات في الصف الثامن في الرياضيات نتيجة بلغت (492) متجاوزة المتوسط العالمي لأداء الطالبات في الرياضيات البالغ (491) (تقرير TIMSS للعام 2019) ، كما ارتفعت نسب المستفيدات من البعثات والمنح الدراسية في مرحلة التعليم ما بعد الثانوي لتصل إلى (68%) خلال عام 2020 وارتفاع نسبة الخريجات البحرينيات من مؤسسات التعليم العالي لتصل إلى (63%) عام 2020.

منهجيات علمية للمتابعة والتقييم
هذا ويصدر تقرير وطني للتوازن بين الجنسين يتم إعداده ونشره كل سنتين بالشراكة بين حكومة مملكة البحرين والمجلس الأعلى للمرأة ويتم الاستناد له كأحد أبرز آليات نظام حوكمة تطبيقات تكافؤ الفرص ومتابعة قياس الأثر المتحقق على صعيد سياسات وبرامج التوازن بين الجنسين على المستوى الوطني. ويرصد التقرير مجموعة من المؤشرات التي تقيس مشاركة المرأة البحرينية وتنافسيتها في مؤسسات القطاع العام، وتشمل مجموعة من المؤشرات النوعية للمرأة في مجال الاقتصاد، وصنع القرار، والصحة، والمجتمع المدني، والتعليم.

وتنفيذاً لمنهجية قياس الأثر التي اعتمدها المجلس لتقييم ومتابعة برامج ومبادرات الخطة الوطنية، تم إطلاق المرصد الوطني لمؤشرات التوازن بين الجنسين، الذي يهدف إلى تأسيس وتفعيل منظومة بيانية وإحصائية موحدة لتعزيز اقتصاد المعرفة ومصادر التعلم والنشر، ولقياس معدلات التنافسية المحلية والإقليمية والدولية، بما يساعد على سد الفجوات، واستثمار الشراكات والتحالفات لاستدامة عمليات تقدم المرأة البحرينية وتحقيق أقصى درجات الفعالية لما يتم وضعه من سياسات وبرامج. ويتم من خلال المرصد تسكين ورصد وتتبع المؤشرات في كافة المجالات التنموية وتصنيفها بحسب الجنس، بالإضافة إلى التغذية الإلكترونية لكافة الجهات لتكون هذه المنصة المعرفية المصدر الرسمي لكافة المؤشرات ذات العلاقة بالمرأة.

كما وأن مملكة البحرين على اطلاع بالأدوات التقييمية على الصعيدين الاقليمي والدولي لأهميتها في إبراز التقدم المحرز في وضع المرأة وتحديد المستوى الذي حققته مملكة البحرين ضمن هذه الجهود عالميًا. فعلى صعيد أداء مملكة البحرين في بعض التقارير الدولية ذات العلاقة، حققت البحرين المرتبة 137 في التقرير السنوي للفجوة بين الجنسين الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (دافوس) لعام 2021 مع استقرار نسبة سد الفجوة إلى(63%). كما تشير نتائج ذات التقرير إلى أن نسبة سد الفجوة في مجال المشاركة الاقتصادية والفرص قد بلغ حوالي (51.8%)، مما جعلها تحتل المركز الأول خليجياً في هذا المجال، وعلى مستوى المشاركة السياسية تشكل نسبة سد الفجوة حوالي (6.6%)، وفي الصحة (95.9%). أما في مجال التعليم فقد بلغت النسبة(98.5%) محققة البحرين المرتبة الأولى عالمياً في سد الفجوة في كل من الالتحاق بالتعليم الثانوي والتعليم العالي.

ومن النتائج الإيجابية في مجال بيت الخبرة ما أوضحه التقرير الوطني لقياس التوازن بين الجنسين في مملكة البحرين من ارتفاع في مؤشر التوازن بين الجنسين في مملكة البحرين من (0.65) للفترة (2017 - 2018) إلى (0.69) للفترة (2019-2020)، كما ارتفع مؤشر التوازن بين الجنسين في المجالات النوعية من (0.70) للفترة (2017 - 2018) الى (0.73) للفترة (2019-2020)، بينما ارتفعت مؤشرات الأداء المؤسسي من (0.59) للفترة (2017 – 2018) إلى (0.65) للفترة (2019-2020).

إن الأعياد الوطنية المجيدة في مملكة البحرين تمثل مناسبة للتعبير عن الاعتزاز بإنجازات نسائها، وتقديرا لدورهن وإسهاماتهن المتميزة في نهضة المملكة وتقدمها المستدام، بعد أن شكلت المرأة جزءاً أصيلاً من رؤية المملكة وخططها الحالية والمستقبلية، وتسلحت بالشجاعة والمعرفة والثقة لخوض غمار المستقبل، وتحقيق المزيد من المكتسبات، جنبا إلى جنب مع الرجل البحريني، في مسيرة البناء الوطني المنشود.