ترك سيدي صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة طيب الله ثراه، تراثا خصيبا، حافلا بألوان المعرفة والرأي والمنهج والعمل الوطني المخلص، وحياة عظيمة بأكمل معاني العظمة، زاخرة بروعة الكفاح والصبر والاجتهاد والنضال، لا تأبه للصعاب ولا تضعف أمام الأحداث مهما اشتدت أو قست، وأصبح جديرا بأداء مهمته الوطنية والإنسانية في الحياة كأحسن ما تكون الجدارة، قدوة ونفعا وتوجيها وتنويرا.
أنا أحد التلاميذ والمريدين لمجلسه الأسبوعي طيب الله ثراه، وفي كل مرة أدخل فيها المجلس وأستمع إلى أحاديثه وحواراته أكتشف جواهر فنون الإبداع والقول والقيادة والإخلاص والوفاء لهذا الوطن الغالي وشعبه، كان مجلسا تستيقظ فيه النفوس والعقول على وقع الحكمة والبسالة والشهامة والسهر والعناء من أجل بناء البحرين، بل كان يفوق المدارس والمعاهد والجامعات في الدرس والتدريس فيما يتعلق بالحب والتعاضد والترابط، وهو القائل طيب الله ثراه “إن في المجالس فوائد كثيرة على مستوى العائلة، سواء في علاقات العائلة نفسها وعلاقاتها بالآخرين، ففيها يجتمع شمل الأسرة الواحدة ويحدث التواصل المطلوب بين أفرادها، وهو الأمر الذي يجب أن نؤكده، فكل شيء يزول إلا العلاقات الطيبة التي يبقى أثرها على مر الأزمان، وما ينسحب على الأسرة الواحدة ينسحب على البحرين كلها، فنحن ولله الحمد نعیش مجتمع الأسرة الواحدة، يلفنا الحب والتعاضد والترابط مع بعضنا البعض.. المجالس تتيح لنا الفرصة للتقارب والتعارف، فيتعرف الصغار على الكبار، والكبار على الصغار، وهكذا يتواصل الترابط بين الأجيال”.
تعلمنا من مجلس سموه طيب الله ثراه، معان باقية وقيما أصيلة خالدة، وآراء صائبة لها القدرة الفائقة على النفع والتوجيه في شتى ميادين الحياة، تعلمنا العمل بوعي ويقظة تامة من أجل الوطن، وبالفكر العميق والرؤية الشاملة والقول الدقيق والدفاع عن البحرين بكل بسالة وفداء، وما أجدرنا أن نتعظ من حياته العظيمة طيب الله ثراه.