العدد 4739
الثلاثاء 05 أكتوبر 2021
banner
د.حورية الديري
د.حورية الديري
بعيدًا عن قافلة النسيان
الثلاثاء 05 أكتوبر 2021

لمن تستدعي منه المواقف أن يلجأ إلى التبرير والإقناع، فقد يحتاج اليوم أن يربط حزام الأمان وينطلق معنا مسرعًا لنقطع طريق الحنين بعيدًا عن قافلة النسيان التي قد تسلب الإنسان طاقته وتصرفه عن ذاته، كيف؟ هذا الأمر يتطلب أن نكتشف معًا قيمة النسيان التي قد يراها البعض مرضًا يهدد الذاكرة ويسبب الكثير من المشاكل. في المقابل هو نعمة في ظاهرها فقدان ظاهري للمعلومات، وذلك لعدة أسباب معروفة لدى الشخص وغير معروفة أيضًا، وقد تحدث عنها الكثير من المختصين والباحثين بشكل مستفيض، وأشاروا إلى الجوانب الإيجابية منها والسلبية.
في حديثي اليوم، سأحاول إزالة ذلك التوتر والقلق الذي يصيبنا عندما نقف في تحدٍ أمام الذاكرة لاسترجاع بعض المعلومات، اطمئنوا.. إنها حالة طبيعية وصحية في نفس الوقت، وتحصل نتيجة التعب وعدم التركيز في الأمر، حتى إن تكررت لدينا، فهذا يعطي مؤشرًا لحاجة الشخص إلى تغيير النشاط الذي يقوم به بالحركة أو المشي لبعض الوقت، والعمل على تقوية مهارة التركيز من خلال الإنصات الجيد للآخرين، وبذلك يكون المسار تحت سيطرة الشخص ذاته وهو الذي يتحكم بما يريد وينسى ما يريد، ويتجاوز عن الكثير.
حلاوة الأمر هنا فيما يحققه النسيان من فوائد قيّمة أغلى من شراء أدوية القضاء على النسيان ذاته باعتباره مرضًا قد يتفاقم إن لم يعالج. أعزائي، إن البقاء عليه بتحكم وتصرف مهارة عالية، وهو علاج أصلاً للعديد من الحالات التي قد يؤدي وجودها في الذاكرة إلى عواقب وخيمة تسبب الكثير من الأمراض، خصوصًا النفسية، إن ظاهرة النسيان تساعد على إضافة معلومات جديدة وتخلص العقل من المعلومات القديمة غير المستخدمة والتجارب المؤلمة والصدمات الموجعة، وتمكن  الإنسان من مواصلة حياته براحة وأمان.
والتجارب الواقعية للشخص أكبر برهان، عندما يعرف حتمًا كيفية الاستفادة مما يملك من عطايا الرحمن، ويحول كل أمر مهما غلبت تحدياته إلى المسار الذي يجعله المحور الأساس في حياته، ويشكل بها العلاج الأمثل لتحدياته، فماذا نريد كي نقوى على التحديات؟ أقول هنا والنتيجة واضحة “اكتب ما تريد، استخدم عينيك للملاحظة، تكلم مع الآخرين، كرر المعلومات بصوت مرتفع، تبنى اهتماماتك”، بمعنى آخر وظف جميع حواسك، وحتمًا سيقطع الحنين قافلة النسيان بأعلى المقاييس.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .