العدد 4737
الأحد 03 أكتوبر 2021
banner
“يعطيكم العافية”.. مع حذف الفاعل!
الأحد 03 أكتوبر 2021

(يعطيك العافية).. (يعطيكم العافية) لفظة نسمعها عشرات المرات في اليوم الواحد ممن حولنا وممن نتصل بهم ونتواصل معهم في دلالة من قائلها على أنه ممتن لمن تم توجيه تلك العبارة إليه من دون أن (يكلف نفسه عناء) قول العبارة كاملة (الله يعطيك العافية) باستثناء القليلين ممن أسعد بسماعهم يلفظونها كاملة غير منقوصة.
الغريب أيضًا أن اسم الفاعل لم ينتقص أو ينتزع فقط من عبارة (الله يعطيك العافية)، بل صار يحلو للبعض ترديد كلمات مستحدثة مبتورة، بخاصة وقت تأدية السلام أو حين التقبيل عند المصافحة إذ تجدهم يردون بقولهم (يخليك، يبقيك، ...)!
قد يقول قائل إن اسم الفاعل (الله) معروف ومعلوم ومتعارف عليه، ولا ضرورة لذكره حين المحادثة اللفظية أو المحادثة النصية أو المكالمة الهاتفية، إلا أن ما يحزّ في نفسي ويبعث على الألم بداخلي أنه بقدر ما يتم انتزاع لفظ الجلالة (الله) من العبارة المألوفة المتداولة يوميًا (الله يعطيك العافية)، إلا أن أولئك العاجزين المتعاجزين عن إدراجها ببداية عبارتهم الركيكة (يعطيك العافية) نجدهم في المقابل - مع شديد الأسف - يشحنون آذاننا بسماعهم يتفوّهون بعبارات (روح الله ياخذك)، (اسكت الله يلعنك)، (ابعد عني الله يلوّع جبدك)..! ويا الله على أمثال هؤلاء! من أنتم حتى تقرروا أن تقحموا اسم الله تعالى بأنه جل وعلا (سيلعن فلان) وإن الله (سيلوّع جبد أحدهم)؟! بينما تتقاعسون عن القول إن (الله يعطي العافية)؟!
الأدهى والأشد مرارة من ذلك، أن اسم الجلالة لا يتم نسيانه أو تناسيه حين عكس العبارة إلى النفي.. بمعنى أن هناك المئات بل الآلاف من الأشخاص الذين لا يذكرون كلمة (الله) حين نطقهم عبارة (يعطيك العافية)، بينما حين يتواجهون مع شخص لا يتفقون معه، نسمعهم يرددونها كاملة لا مبتورة (الله لا يعطيك العافية)، (الله لا يوفقك) وكأنهم بذلك - والعياذ بالله - يربطون اسم الجلالة بأفعال عدم منح العافية وعدم التوفيق!
حتى عند الأجانب، حين يعطس أحدهم، اعتدنا سماع عبارة (غاد بلس يو) كتشميت للعاطس.. إلا أنه في زمن تكنولوجيتهم الجوفاء فضلوا اختصار تلك العبارة إلى (بلس يو) دون حاجة منهم للإفصاح عمّن سيبارك الشخص!
وحين يتعجب الأجنبي من شيء، أو حين ينبهر بعض المتفرنجين من أوساطنا، نسمعهم يرددون باندهاش كلمة (غاد) بدل عبارة (أوه ماي غاد)، وتدريجيًا تم تحوير كلمة (غاد) وتبديلها إلى (غاش) لنسمع معها جيل البليستيشن يردد (أوه ماي غاش) بدل (يا إلهي)!
والمضحك المبكي كذلك، أن هناك البعض يبدو وكأنه يود التأكيد والبرهنة لمن حوله على أنه كثير المشاغل ومتعدد الارتباطات، فنجده يردد (أوه ماي ...) دون أن يكمل العبارة! وإن كان هناك العشرات بل المئات غيره يبدون أكثر (انشغالًا) وربما (أكثر تشاغلًا) نسمعهم يرددون أو يكتبون OMG (أوه إم جي) اختصارًا لعبارة (يا إلهي) التي ربما يظنون أنهم سيتعبون حين نطقها كاملة، فنجدهم يحورونها إلى 3 حروف باهتة (أوه إم جي)!
ختامًا.. أتمنى من القلب أن تكون الفكرة قد وضحت دون تعقيدات، مبتهلًا إلى المولى أن يمنحكم الصحة والعافية بقولي: (الله يعطيكم العافية).

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية