العدد 4701
السبت 28 أغسطس 2021
banner
ضجة “أولاد حارتنا”
السبت 28 أغسطس 2021

تحل بعد غد الذكرى الخامسة عشرة لرحيل الأديب المصري الكبير نجيب محفوظ عميد الرواية العربية الفائز بجائزة نوبل للآداب 1988، ورغم مضي 15 عاماً على وفاته إلا أن طيفه ما برح حاضراً بقوة في حياتنا الثقافية العربية، إنْ بأعماله الروائية العظيمة، أو بكتاباته العقلانية الرصينة التي ما برحت تفجر أسئلة كبيرة على شتى الأصعدة الثقافية والاجتماعية والسياسية، فلا غرو إذا ما استمر توالي إصدارات تلك الأعمال بطبعات جديدة، وإذا ما استمر أيضاً توالي الكتابات والكتب عن أعماله.

ولعل رواية “أولاد حارتنا” التي نُشرت على حلقات في الأهرام عام 1959 هي أكثر أعماله إثارة للضجة وقت نشرها، ومع أنها هدأت طوال الستينيات والسبعينيات، لكنها منذ اغتيال الرئيس أنور السادات 1981 بُعثت من جديد، لاسيما بعد تصاعد موجة التطرف الديني وقتذاك في مصر والعالم العربي، وبسبب تلك الرواية كاد محفوظ عام 1994 يفقد حياته بعد ست سنوات فقط من نيله “نوبل” إثر محاولة شاب متطرف اغتياله بتوجيه طعنة إلى رقبته أمام منزله، ورغم تشافيه إلا أن الطعنة أثرت في حركة يده اليمنى وشلت قدرته على الكتابة.

وحينما مثُل المتهم أمام القاضي اعترف بأنه لم يقرأ الرواية التي كفّرها وكاتبها بل سمع عنها! والحال حتى الأوساط الأزهرية التي قيل إنها أبدت استياءها وقت نشر عدد من حلقاتها في الأهرام فإنها لم تستكمل بعد، وحين علِم رئيس تحريرها محمد حسنين هيكل بوصول الاستياء إلى رئاسة الحمهورية عجّل على الفور بنشر بقية حلقاتها يومياً بعدما كانت غير يومية، وحسب الناقد الراحل رجاء النقاش لم يصدر الأزهر حتى اليوم (2008) قراراً رسمياً مكتوباً إزاء الرواية التي وضعت لها الصفحة الأدبية لصحيفة أخرى مع صدور حلقاتها الأولى تفاسير تكفرها على غير مقصد الكاتب وعلى غير فهم كل من يقرأها بعين موضوعية محايدة غير متسرعة، كانت خلاصة الرواية تنتصر للعلم كأداة لتطور مصر والمجتمعات العربية، فلم يضع كاتبها العلم في تعارض مع الدين ولا الأخير في تعارض مع الأول.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .