العدد 4694
السبت 21 أغسطس 2021
banner
أميركا في مرآة مطار كابول
السبت 21 أغسطس 2021

فيض من التعليقات الإعلامية والصور تابعتها الأسبوع الماضي تضمنت تشبيه فرار الأميركيين على عجل من مطار كابول بفرارهم من فيتنام 1975، لكن أكثرها مدعاة للاشمئزاز ما صرح به مراسل الجزيرة في كابول مشبهاً مشهد الطائرة التي تشبث بها الأفغانيون وهي تقلع إلى السماء بمشهد آخر طائرة أميركية أقلعت من سايجون في تلك الهزيمة التاريخية المدوية التي مُنيت بها أميركا على يد واحد من أبسط وأفقر شعوب شرق آسيا وبأسلحة جلها تقليدية، فيما جربت معه لإخناعه كل أسلحة الإبادة الجماعية ما عدا النووي، إذ لو كان حكراً عليها حينئذ - كما كان الحال نهاية الحرب العالمية الثانية حين أبادت مدينتي هيروشيما ونجازاكي اليابانيتين في بضع ثوان - لما تورعت عن استخدامه في فيتنام.

ولئن كانت في المشهد الفيتنامي هي المسحوقة كرامة، فإن الشعب الأفغاني في مشهد الطائرة الأميركية المقلعة دون اكتراث بحياة المتعلقين بها هو المسحوقة كرامته، وإن كان المشهد ذاته قد عرىٰ بامتياز أخلاق أميركا، وحتى اللحظة لم يصدر من هذه الأخيرة التي اعتادت التباكي على حقوق الإنسان المهدورة في العالم ولا من منظمات حقوق الإنسان الغربية أي موقف إزاء جريمة قبطان الطائرة الذي أقلع بها من المطار وهو يعلم جيداً بوجود بشر بالعشرات ممسكين بها من الخارج!

على أن مشهد حشود الأفغانيين بالآلاف في المطار للفرار من وطنهم ومشهد إقلاع تلك الطائرة الأميركية لا يخلوان من مغزى؛ فالولايات المتحدة إذ تركت الشعب الأفغاني وحيداً بمصيره تحت رحمة طالبان بلا حماية بعد 20 عاما من وجودها العسكري والناتو على أرضه بحجة مكافحة الإرهاب وإقامة نظام ديمقراطي له فيما لم تقم سوى نظام فاسد هش، فإن رهانهم على تطمينات كلامية مخاتلة أصدرها قادة طالبان إثر دخولهم العاصمة كشف ليس عن ريائهم فحسب، بل وانتهازية الدوحة وأنقرة وموسكو وبكين لتهافت كل منها على الفوز بقصب السبق في العلاقات مع النظام الجديد، وكيف يمكن الوثوق في وعود سلطة يفر شعبها منها بالآلاف فور دخولها كابول ولا تعبأ بدلالات ذلك؟.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية