البحرين العربية تاريخا وهوية، تحتضن اليوم “قمة البحرين” بكل اعتزاز، فهي في قلب العرب، بوضعها الخاص في واسطة العقد العربي، باتصالها الدائم، منذ نشأتها الحديثة كدولة، بمصير الوطن العربي، وجدانا وثقافة وتاريخا وفعلا سياسيا. البحرين التي تستقبل العرب في هذه القمة، لديها ما تقدمه دوما بتجربتها وريادتها على أكثر من صعيد: بلد تتوازن فيه السطات وتتعاون وتتكامل، في سياق مجتمع مدني منفتح ومستنير يتعايش مع الاختلاف ويستثمره كمصدر للثراء. يمتلك وعيا متقدما، ودولة مدنية عصرية مستقرة، تزخر بتسامح إنساني وانفتاح فكري واجتماعي وديني فريد، ترجمة لمعطيات حضارية راسخة، وتوجهات سياسية مستنيرة، أسست لمشروعها التحديثي للتجديد والديمقراطية في ظل الملكية الدستورية الإصلاحية بقيادة جلالة الملك حفظه الله.
وانطلاقا من هذه الخصائص، وبريادتها وانفتاحها على الحداثة، وبنموذجها الفريد على كل الأصعدة، قدمت مملكة البحرين نموذجا عربيا في الريادة التعليمية والمؤسساتية المدنية، ونموذجا لما بعد النفط، بالتنويع في مصادرها الاقتصادية، وبالإعداد المستمر لقدراتها البشرية الكفوءة لتغطية تواضع دخلها البترولي. البحرين العربية، هي اليوم في قلب العرب جميعا، كما كانت دائما مع العرب في جميع المنازلات، وفي مواجهة التحديات، انطلاقا من انتمائها الراسخ الذي لا تهزه الأزمات العابرة، واستنادا إلى ثراء مجتمعها بتنوعه داخل الوحدة وتعايشه في ظل روح التسامح، وبنموذجها السياسي والاجتماعي المتوازن، لتضرب المثل في الشجاعة والحكمة في التعاطي مع القضايا والأزمات، وبعملها الدؤوب على تطوير الحياة السياسية، وتعزيز الشراكة الوطنية وبناء المجتمع الديمقراطي الذي تشكل فيه المشاركة محورا أساسيا، في مجتمع تقام العلاقات فيه بين أفراده بصورة مباشرة وحرية تامة، مجتمع أكثر استعدادا لتقبّل البناء الديمقراطي، وأشدّ حرصا على تكريسه ودعمه وحمايته، لأن هذا التحول الذي تحقق لم يكن طفرة خارج السياق في صيرورة المجتمع وتاريخه، بل كان تغييرا هادئا متبصّرا، وقى الوطن من مخاطر القفز في المجهول، عندما اختار المشروع الإصلاحي لجلالة الملك العمل على إرساء هذا المشروع المجتمعي الذي يحتضن الجميع، ويشارك فيه الجميع، في ظل التضامن والعدالة والحرية. بذات الروح تحتضن مملكة البحرين الأشقاء العرب.
كاتب وإعلامي بحريني