+A
A-

محاكمة قاض إيراني بالسويد.. والإدانة قد تطال رئيسي

انطلقت،‭ ‬أمس‭ ‬الثلاثاء،‭ ‬في‭ ‬ستوكهولم‭ ‬محاكمة‭ ‬القاضي‭ ‬الإيراني‭ ‬حميد‭ ‬نوري؛‭ ‬لاتهامه‭ ‬بالمشاركة‭ ‬في‭ ‬إعدامات‭ ‬1988‭ ‬بتهم‭: ‬“الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الإنسانية”‭ ‬و”انتهاك‭ ‬القانون‭ ‬الدولي”‭ ‬و”القتل‭ ‬مع‭ ‬سبق‭ ‬الإصرار”،‭ ‬لدوره‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬الإعدامات‭ ‬الجماعية‭ ‬ضد‭ ‬آلاف‭ ‬السجناء‭ ‬السياسيين‭ ‬بسجون‭ ‬إيران‭ ‬في‭ ‬الثمانينات‭.‬

إلى‭ ‬هذا،‭ ‬قرأ‭ ‬القاضي‭ ‬قائمة‭ ‬المدعين‭ ‬والتهم‭ ‬الموجهة‭ ‬للقاضي‭ ‬الإيراني‭ ‬السابق،‭ ‬كما‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يقرأ‭ ‬مقتطفات‭ ‬من‭ ‬لائحة‭ ‬التهم‭ ‬المكونة‭ ‬من‭ ‬8‭ ‬آلاف‭ ‬صفحة‭ ‬ضد‭ ‬حميد‭ ‬نوري‭ ‬نائب‭ ‬مدعي‭ ‬عام‭ ‬سجن‭ ‬“غوهردشت”‭ ‬في‭ ‬كرج،‭ ‬غرب‭ ‬طهران،‭ ‬تتضمن‭ ‬تفاصيل‭ ‬دوره‭ ‬كأحد‭ ‬منفذي‭ ‬الإعدامات‭ ‬الجماعية‭ ‬في‭ ‬صيف‭ ‬العام‭ ‬1988‭ ‬بحق‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬أعضاء‭ ‬ومناصري‭ ‬منظمة‭ ‬“مجاهدي‭ ‬خلق”‭ ‬ومنظمات‭ ‬أخرى‭ ‬يسارية‭.‬

من‭ ‬جهته،‭ ‬قال‭ ‬الادعاء‭ ‬في‭ ‬محاكمة‭ ‬حميد‭ ‬نوري‭ ‬إن‭ ‬المتهم‭ ‬تورط‭ ‬في‭ ‬الإعدامات‭ ‬بحق‭ ‬معارضين‭ ‬من‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الخميني‭ ‬أصدر‭ ‬الأوامر‭ ‬بإعدام‭ ‬المعارضين‭ ‬حينها‭.‬

وكشف‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬حميد‭ ‬نوري‭ ‬كان‭ ‬يسأل‭ ‬المتهمين‭ ‬عن‭ ‬هوياتهم‭ ‬ثم‭ ‬يقودهم‭ ‬لصالات‭ ‬الإعدام‭. ‬وقال‭ ‬“النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يحاكم‭ ‬وحميد‭ ‬نوري‭ ‬كان‭ ‬مجرد‭ ‬أداة‭ ‬تنفيذ”‭.‬

كما‭ ‬أضاف‭ ‬“إبراهيم‭ ‬رئيسي‭ ‬متهم‭ ‬أساس‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المحاكمة،‭ ‬وتقع‭ ‬عليه‭ ‬مسؤولية‭ ‬مباشرة”‭.‬

يشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الإعدامات‭ ‬نفذت‭ ‬بأمر‭ ‬من‭ ‬روح‭ ‬الله‭ ‬الخميني،‭ ‬مرشد‭ ‬النظام‭ ‬الإيراني‭ ‬في‭ ‬حينه‭ ‬بعد‭ ‬تشكيل‭ ‬لجنة‭ ‬عرفت‭ ‬بـ‭ ‬“لجنة‭ ‬الموت”‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬أربعة‭ ‬أعضاء‭ ‬وهم‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬إبراهيم‭ ‬رئيسي‭ (‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬الحالي‭ ‬والمدعي‭ ‬العام‭ ‬بالإنابة‭ ‬في‭ ‬حينه‭)‬،‭ ‬ومصطفى‭ ‬بورمحمدي‭ (‬وزير‭ ‬العدل‭ ‬والداخلية‭ ‬السابق‭ ‬وممثل‭ ‬وزارة‭ ‬الاستخبارات،‭ ‬وحسين‭ ‬علي‭ ‬نيّري‭ (‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬السابق‭ ‬والحاكم‭ ‬الشرعي‭ ‬في‭ ‬حينه‭)‬،‭ ‬ومرتضى‭ ‬إشراقي‭ (‬مدعي‭ ‬عام‭ ‬طهران‭ ‬في‭ ‬حينه‭).‬

وأوقف‭ ‬حميد‭ ‬نوري‭ (‬60‭ ‬عاماً‭) ‬في‭ ‬نوفمبر‭ ‬2019‭ ‬في‭ ‬مطار‭ ‬ستوكهولم‭-‬أرلاندا‭ ‬الدولي‭ ‬خلال‭ ‬زيارة‭ ‬للسويد،‭ ‬حيث‭ ‬يخضع‭ ‬مذاك‭ ‬للحجز‭ ‬المؤقت‭.‬

وتفيد‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬السويدية‭ ‬بأن‭ ‬“حميد‭ ‬نوري‭ ‬قام‭ ‬بين‭ ‬30‭ ‬يوليو‭ ‬1988‭ ‬و16‭ ‬أغسطس‭ ‬في‭ ‬سجن‭ ‬كوهردشت‭ ‬في‭ ‬كرج‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬بصفته‭ ‬نائب‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ (...) ‬بقتل‭ ‬متعمّد‭ ‬لعدد‭ ‬كبير‭ ‬جداً‭ ‬من‭ ‬السجناء‭ ‬المؤيدين‭ ‬أو‭ ‬المنتمين‭ ‬إلى‭ ‬مجاهدي‭ ‬خلق”‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬“أمر”‭ ‬بالإعدام‭ ‬صادر‭ ‬عن‭ ‬الخميني‭.‬

ومن‭ ‬المقرر‭ ‬عقد‭ ‬ثلاث‭ ‬جلسات‭ ‬خلال‭ ‬الأسبوع‭ ‬الراهن‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬هذه‭ ‬المحاكمة‭ ‬الطويلة‭ ‬التي‭ ‬يُفترض‭ ‬أن‭ ‬تستمر‭ ‬حتى‭ ‬أبريل‭ ‬2022‭. ‬ويتوقع‭ ‬أن‭ ‬يدلي‭ ‬خلالها‭ ‬عشرات‭ ‬الشهود‭ ‬بإفادتهم‭.‬

ويمثل‭ ‬نوري‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬يشغل‭ ‬آنذاك‭ ‬منصب‭ ‬نائب‭ ‬المدعي‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬سجن‭ ‬كوهردشت‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬كرج‭ ‬الإيرانية،‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭ ‬خصوصا‭ ‬بتهمة‭ ‬ارتكاب‭ ‬“جرائم‭ ‬حرب”‭ ‬و”جرائم‭ ‬قتل”،‭ ‬بموجب‭ ‬الاختصاص‭ ‬العالمي‭ ‬للقضاء‭ ‬السويدي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬التهم‭. ‬وقالت‭ ‬آنا‭ ‬ويستر‭ ‬من‭ ‬محكمة‭ ‬ستوكهولم‭ ‬إن‭ ‬هذه‭ ‬المحاكمة‭ ‬ذات‭ ‬البعد‭ ‬الدولي‭ ‬تشكل‭ ‬سابقة‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬البلدين‭. ‬وهذه‭ ‬القضية‭ ‬حساسة‭ ‬للغاية‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬ناشطين‭ ‬يتّهمون‭ ‬مسؤولين‭ ‬حاليين‭ ‬في‭ ‬الحكومة‭ ‬بالضلوع‭ ‬فيها‭ ‬على‭ ‬غرار‭ ‬الرئيس‭ ‬الإيراني‭ ‬المنتخب‭ ‬إبراهيم‭ ‬رئيسي،‭ ‬الذي‭ ‬تتهمه‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية‭ ‬بأنه‭ ‬كان‭ ‬عضوا‭ ‬في‭ ‬“لجنة‭ ‬الموت”‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬إعدام‭ ‬آلاف‭ ‬السجناء‭ ‬العام‭ ‬1988‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬مدعيًا‭ ‬عامًا‭ ‬مساعدًا‭ ‬في‭ ‬محكمة‭ ‬طهران‭ ‬الثورية‭. ‬وسبق‭ ‬لرئيسي‭ ‬أن‭ ‬نفى‭ ‬أي‭ ‬ضلوع‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الملف،‭ ‬لكنه‭ ‬أشاد‭ ‬بـ‭ ‬“الأمر”‭ ‬الذي‭ ‬أصدره‭ ‬الخميني،‭ ‬لتنفيذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬هؤلاء‭ ‬الموقوفين‭. ‬منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬تقود‭ ‬منظمات‭ ‬حقوقية‭ ‬غير‭ ‬حكومية‭ ‬أبرزها‭ ‬منظمة‭ ‬العفو‭ ‬الدولية،‭ ‬حملات‭ ‬لتحقيق‭ ‬العدالة‭ ‬فيما‭ ‬تعتبره‭ ‬إعدامات‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬محاكمة‭ ‬طالت‭ ‬آلاف‭ ‬الإيرانيين‭ ‬معظمهم‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أنحاء‭ ‬إيران،‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬مع‭ ‬العراق‭.‬

في‭ ‬الفترة‭ ‬نفسها،‭ ‬يُشتبه‭ ‬بأن‭ ‬نوري‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬إعدام‭ ‬سجناء‭ ‬آخرين‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬أيديولوجيتهم‭ ‬أو‭ ‬معتقدهم،‭ ‬بعدما‭ ‬اعتُبروا‭ ‬معارضين‭ ‬“للدولة‭ ‬الثيوقراطية‭ ‬الإيرانية”،‭ ‬بحسب‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭.‬

ونوري‭ ‬مستهدف‭ ‬حالياً‭ ‬بنحو‭ ‬ثلاثين‭ ‬شكوى‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬أطراف‭ ‬مدنيين‭ ‬هم‭ ‬ضحايا‭ ‬أو‭ ‬شهود‭ ‬أو‭ ‬أقرباء‭ ‬ضحايا‭. ‬ونفى‭ ‬المتهم‭ ‬“أن‭ ‬يكون‭ ‬ضالعا‭ ‬في‭ ‬الإعدامات‭ ‬المفترضة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬1988”‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬قال‭ ‬محاميه‭ ‬توماس‭ ‬سوديركفيست‭. ‬يذكر‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬مايو،‭ ‬طالبت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬150‭ ‬شخصية‭ ‬بينها‭ ‬حائزون‭ ‬جائزة‭ ‬نوبل‭ ‬ورؤساء‭ ‬دول‭ ‬وحكومات‭ ‬سابقون‭ ‬ومسؤولون‭ ‬أمميون‭ ‬سابقون،‭ ‬بإجراء‭ ‬تحقيق‭ ‬دولي‭ ‬بشأن‭ ‬إعدامات‭ ‬العام‭ ‬1988‭.‬