+A
A-

الصواري" يصدر نسخته الإلكترونية "السرد، النحت، الزمن" عن التجربة المسرحية

اصدر مسرح الصواري وبدعم خاص من قطاع الثقافة والتراث الوطني نسخته الإلكترونية من  كتاب  "السرد، النحت، الزمن... قراءة في تجربة عبدالله السعداوي المسرحية"، من إعداد حسام توفيق أبوإصبع.
يقع الكتاب في 160 صفحة وينقسم إلى 9 فصول هي كالتالي: السعداوي والصواري، المقدمة... حالة نادرة، سيرة ذاتية وفنية، بورترية "حمد النعيمي، أثير لسادة، عبدالله خليفة". ثم فصل عن العروض المسرحية كتبها كل من "يوسف الحمدان، جي لي فرنس، أمين صالح، عبدالله خليفة، على الشرقاوي، نهى بيومي، قاسم حداد، سامية حبيب، عبدالعزيز السماعيل، بول شاؤول، عواد علي، على الديري، اثير السادة، على القميش، حسام ابواصبع". وفصل لمحات فنية " عبدالله السعداوي، سالم سلطان، عبدالله خليفة، يوسف الحمدان، حسام أبو اصبع". وفصل شهادات "إبراهيم غلوم، حسين الرفاعي، احمد ثاني، احمد الشملان، جعفر الجمري، عقيل سوار، امين صالح، خالد الرويعي". ثم فصل الحوار وبعده وثائق وصور.
معد الكتاب حسام توفيق أبوإصبع كتب في مقدمته: إن الذي دفعني إلى الدخول في المشروع الإحساس العميق بقيمة الرجل على المستويات كافة، فهو حالة نادرة قلما تصادف في الحياة من يشبهها. إن جميع حواسه وملكاته قد نجحت بعد ارتحالات عديدة في مسرحة كل شيء في هذه الدنيا، فهو يقرأ العالم من خلال المسرح وينظر لكل ثيمة وموتيفة وجزيئية في هذا العالم على أن المسرح قادر على استيعابها، بل وتجاوزها ونسفها. هذا السعداوي/ القارئ النهم، الذي يكنس جيوبه أولا بأول في سبيل كتاب معين، أو نص ما، قد جعل كل شيء في خدمة المسرح... الهم الذي تلبسه حتى النخاع، بحيث يصبح ويمسي، يراقب ويقترب، يحاور ويجادل عن المسرح ولا شيء سواه. لقد أدار السعداوي ظهره للحياة القاسية، ومتطلباتها التي تثقل الكاهل، واقترن بالمسرح زوجة، وأبنا، وهمأ، وعدوا جبارا، وسند وذخرا، وهما متجذرا راسخا، فخسر كل شيء مما يعني لنا كل شيء، وكسب كل شيء مما يعني له هو شيء.. وهذا الكتيب محاولة تلخيص أطياف من هذا الجهد الكبير، وهو في النهاية فصل من فصولنا الثقافية الجميلة التي لا تضاهيها محليا قصة مشابهة إنسانيا وفنيا. لقد مرت تجربة السعداوي بتعرجات ومنعطفات كثيرة، فكل مسرحية عنده بمثابة البحث في منطقة تكون مجهولة في البداية، لكنها تتضح شيئا فشيئا، والقاسم المشترك على رغم الاختلاف وتسجيل بعض الملحوظات على عروضه أن السعداوي يحاول دائما إيصال رسائله الفنية بشكل لا يكرر نفسه، وأبرز دليل أن محاولاته المسرحية الأخيرة كانت تتجه صوب إلغاء بحثه الشائق في جسد الممثل وسينوغرافيته الذي امتد لسنوات، فكان التركيز على جعل المسرح فضاء سرديا وحواريا في بقعة صغيرة. كما استعاض عن النصوص المسرحية، فاقتحم عوالم الرواية ومسرحها، وعوالم القصة القصيرة بكثافتها ورمزيتها وطبيعتها الاختزالية وجعلها ممكنة في فضاء العرض المسرحي بحيث اقتصد في الجانب الإيماني و الحركي إلى درجة الزهد القصوى ليقترب من فضاءات الحكي. 

ويضف: للفنان المسرحي عبدالله السعداوي تجربة خاصة في التعامل مع المسرح، ليس بوصفه مادة فنية، أو إبداعية فحسب، ولكن المسرح بوصفه حياة، وطريقة عيش، ومنهج تفكير. لذلك فتجربته من أكثر التجارب استثمارا لجميع المعطيات المتاحة. فما قدمه السعداوي من فن لا يرتهن بأية شروط مسبقة، بل العكس لقد كان ولا يزال المسرح عنده مجالا يتنفس فيه حرية من نوع خاص، الحرية التي تخرجه من متاهات الحياة و أوجاعها إلى فضاء صغير، وإلى مساحة لا تخلو من زهد ومن غياب لأبرز الأدوات الكفيلة بتوفير أقل القليل حتى تخرج التجربة بالشكل المنتظر. لذلك فالفعل المسرحي عند السعداوي فعل مقدس عاشق في الدرجة القصوى. وفي ظل اشتراطات قاسية لا زال السعداوي متمسكا بالفعل الذي رهن له حياته. لقد عرض عن الدنيا وأراد المسرح، لذلك غدا المسرح الذي رامه هو دنياه وحياته، في ساعات كربه يلوذ به، وفي لحظات نشوته يلجأ إليه، ليس المسرح عنده فضاء لبث رسائل لا تحمل أية قيمة، بل القيمة الفنية مرامه ومراده وأساس بحثه. تجربته متنوعة ولا يمكن اختزالها في نمط محدد أو في قالب بعينه، لكن ثمة مسحة طليعية تلف معظم تجاربه لا على مستوى التكنيك الإخراجي، بل في الاهتمام بأصغر التفاصيل وأدقها. 
ودور السعداوي في المسرح البحريني نضعه في مصف الريادة، فقد أدخل مفهومات جديدة لم تكن ذات حضور من قبل، وكان عمله ولا يزال يلاقي صدودا وعزوفا على أكثر من مستوي على الرغم من تطويره لأليات مختلفة على مستوى التدريب المسرحي انطلاقا من الورش المسرحية التي أشرف عليها ووضع هيكليتها وأولوياتها ومجال اشتغالها بمعاونة مجموعة من الشباب. ذلك أن الخروج من الأطر القارة والراسخة يستلزم بالضرورة الاستعانة بعدد من الممثلين الذين يقلون خبرة أو أن اقترابهم من المسرح كان الأول من نوعه مع تجربة لم تتأسس بعد على ركائز متينة تضمن تنفسها الديمومة في التطور والتجدد والاكتشاف