+A
A-

سينمائيون يلتمسون العذر لحداثة التجربة ومتفائلون بمستقبل مشرق

أكد عدد من السينمائيين ضرورة تطوير المواضيع السينمائية كضرورة ملحة تواكب التطور الملحوظ في مجال صناعة السينما السعودية، وطالبوا بالخروج من القوالب المستهلكة إلى موضوعات جديدة، لكنهم التمسوا العذر لصناع الفيلم السعودي نظرًا لحداثةالتجربة، ولأن السينما العربية والعالمية، وحتى سينما هوليوود، تكرر الموضوعات، لكن بتناول ومعالجة سينمائية مختلفة، مما يجعل المشاهد يقبل عليها دون أن يشعر بالتكرار أو الملل.

وقال الناقد والباحث السينمائي محمد البشير: قد ألتمس العذر لصُناع الأفلام نظرًا لحادثة التجربة، ومن الطبيعي أن كل صانع فيلم سيبدأ بالقضايا، التي تعنيه أولا قبل أن يلتفت إلى المرحلة التالية، وهذا ما حدث بحضور هَم السينما القريب من الصناع، الذي لايعني المشاهدين على الإطلاق، ففي عدد من الأفلام ظل هذا الهم حاضرًا، وهذا الأمر ليس مستحدثًا بل هو حاضر في السينما العالمية والعربية منذ "فيلليني" مرورًا برباعية يوسف شاهين، ولن تنتهي بما يقدمه السعوديون مع استثنائية حالتهم، التي كانت بغيابالسينما ودورها لسنين طويلة، وإن كان هذا شأن حضور صناعة الأفلام في السينما العالمية والعربية.

وأضاف: الملاحظ أن من محامد السينما أنها تستطيع تقديم القضية الواحدة بطرق مختلفة، ولذلك لن نستنكر طرق قضية مثل "التمييز العنصري" في هوليوود، لأن الأساليب المختلفة تمنح المشاهد لذة السينما، ولنسأل أنفسنا كم مرة حضرت المحرقة النازية علىسبيل المثال في الأفلام؟ ومع ذلك لن تختفي حتى من الأفلام القادمة، فتكرار الموضوع لا يعني أبدًا عدم وجود قضايا أخرى يجب تناولها، بل هو خيار يراهن عليه صانع الفيلم، والاختبار الحقيقي مرهون بنجاح الفيلم من عدمه.

وتابع: أما عدم التنوع حتى اليوم، واستخدام الفانتازيا والإثارة والخيال العلمي مقارنة بالدراما على سبيل المثال، فهو أمر معقود بصناعة السينما بكل تفاصيلها، وليس ما جرى وما يجري حتى اليوم من القدرة على إنتاج فيلم بميزانيات متواضعة في عالم الأفلام،فالوصول إلى أفلام بتصنيفات هوليوودية سابق لأوانه، بل حتى عربية، وذلك لما يتطلبه الدخول إلى إمكانات ومدن إنتاج لم تتكون بعد، ومع ذلك نلاحظ الحضور المتسارع بإنتاج فيلم الأنيميشن "مسامير" بداية 2020، وتكرار التجربة هذا العام، وإنتاج فيلم "الرحلة"بما يحتويه من حضور مزايا أفلام الأنيمي اليابانية، وكل ذلك بعزيمة صناع تلك الأفلام، والدخول المبشر لمسك الخيرية على سبيل المثال، فهذا يدعونا إلى التفاؤل بدخول أنواع جديدة تثري حركة صناعة الأفلام السعودية، ولعل سوق الإنتاج في مهرجان أفلامالسعودية هذا العام يبشرنا بمزيد من القضايا المطروقة، وهذا ما يتم الرهان عليه مستقبلًا بمزيد من التجارب، ومزيد من الاستثمارات في هذه الصناعة المهمة عالميًا.

فيما يرى الناقد السينمائي د. فهد اليحيا أن المطروح يحمل نوعًا من التعميم، وإن كانت هناك أفلام حصرت نفسها في موضوعات مكررة، والأفلام القصيرة هي عادة للتدريب والتجريب، وتوجه لها معظم السينمائيين السعوديين في البداية مع ظهور التصوير الرقمي،وما تبعه من وسائل رقمية في المونتاج وغيره، والكلفة كانت محتملة ولو بتكاتف العاملين على الفيلم، والبحث عن فرص فوز في المهرجانات لتعويض التكاليف من جهة، وللظهور على الواجهة في صعوبة عرض الأفلام محليًا، وفي ذلك الوقت كانت قضايا المرأة تشكلمعينًا لا ينضب لصانعي الأفلام. 

وأضاف: لكن كانت هناك أفلام أكثر منها تتنوع مواضيعها، وحدثت قفزة نوعية عندما قدمت "إثراء" دعمًا ماليًا لإنتاج أفلام، وكذلك فعل "تمهيد" التابع لمهرجان البحر الأحمر، وما رأيت منها يؤكد أن مواضيعها متعددة ومختلفة، مثلًا فيلم "المسافة صفر" للمخرجعبدالعزيز الشلاحي، تدور أحداثه في قالب من الأكشن والإثارة، وهناك مبادرات أخرى منها ما خرج إلى الضوء مثل فيلم "شمس المعارف" للأخوين قُدُس، وما زالت السينما السعودية في بداياتها، وأنا متفائل بنموها السريع، وأدعو إلى الدعم المالي واللوجيستيلها حتى يشتد عودها، وسنرى مستقبلًا أفلامًا متنوعة الأغراض والمواضيع ومتباينة الوسائل الإخراجية والسرد السينمائي.

فيما قال المخرج والمنتج السينمائي فيصل الحربي: عربيًا وعالميًا هذا يحدث أيضًا كل على حسب مواضيع المجتمع الخاص به، وتحديدًا في الأعمال الفنية والأعمال الموجهة للمهرجانات في المقام الأول، لكن إذا كان طرح ومعالجة هذه القضايا سينمائيًا بشكلحقيقي وصحيح وبرؤية مختلفة وليس مقحمًا فلا بأس، وهذا قد يكون قليل الحدوث للأسف، لذلك قد يشعر الجمهور بالملل والعزوف عن الأفلام، التي تناقش مثل هذه القضايا، لكن السينما العالمية على سبيل المثال تناقش قضايا معينة أحيانًا بشكل متكرر لكن كلمرة تكون بشكل مختلف ومن زاوية جديدة، لذلك لن يشعر الجمهور بالملل من مشاهدة فيلم عن الحرب العالمية بشكل مختلف في كل مرة يراه. 

وأضاف: سيطرت بعض المواضيع على الأفلام لدينا من وجهة نظري بسبب ندرة السيناريو المعالج بشكل جيد، وبسبب تأثرنا لسنوات كصناع بمشاركة المهرجانات السينمائية، التي يغلب عليها طابع معين من المواضيع أو طريقة طرح معتادة، وبما أننا كصناع نتقابلمع الجمهور في دور العرض بعد سنوات من المشاركات في المهرجانات السينمائية، فأعتقد أننا في حاجة إلى الوقت لمعرفة ما يريده الجمهور من نوعية أفلام ومواضيع، وليس ما يريده صناع الفيلم فقط، ولكن ما يريده الجمهور والصناع معًا لنصل إلى أرضمشتركة بيننا، وبالرؤية الفنية التي تضيف لوجدان الجمهور الكريم من خلال صناع الفيلم أيضًا، وهناك أعمال تجاوزت رتابة تكرار هذه المواضيع بشكل جيد وبمعالجات مختلفة كفيلم "حد الطار"، لأن معالجته الفنية لمثل هذه المواضيع كانت صادقة وليست مقحمةوذكية. 

فيما أكدت الكاتبة والمخرجة ريما الماجد أن صناعة الأفلام ما زالت في خطواتها الأولى بالمملكة، لذلك فإن الساحة متاحة لجميع الأفكار والتعبير عنها، والأفلام واحدة من سبل التعبير الفني ورسم صوت خاص لنا كسينما سعودية، ومن المهم توثيق جميع الحقببتفاصيلها وظروفها التي واكبتها، ولكني مع عدم حصر الأفكار في هذا الإطار والخروج بأفكار قالبها عصري نوعا ما بحسب ظروف الفيلم، لأن لكل قصة خصوصيتها وتفاصيلها الخاصة، وأرى أن ذلك موجود وفي ازدهار بالرغم من أنه قليل جدًا، ولكني متفائلةبأنه مع الوقت والدعم، الذي تشهده المملكة من الحكومة والجهات الداعمة ستتولد أعمال إبداعية أكثر. 

أما المخرج عبدالمحسن المطيري، فقال: تشكيل واسترجاع الماضي والذكريات طبيعة بشرية عادية ومتوقعة، وهي موجودة في الأدب والشعر والفنون، والسينما السعودية من الطبيعي أن تتناول مواضيع قديمة متعلقة بجوانب مختلفة، بحكم أنه منذ فترة السبعينياتحتى عام 2007 لم تكن هناك صناعة سينما، فبالتالي تُعد فترة مغيبة من التوثيق السينمائي.  وتتحدث الممثلة مرام عبدالعزيز قائلة: لا يوجد كتّاب متمكّنون من صناعة أحداث تدور حول هذه المرحلة الجديدة، وما زالت أفكارهم عالقة في الماضي وعقولهم تنقل ماعاشوه في تلك الفترة كنسخ للأحداث فقط، كما أن المسلسلات الكثيرة، التي ترونها على الشاشة هي من تأليف كتّاب غير سعوديين، يلجأ المنتج إليهم بحثًا عن تكلفة أقل من تكلفة النَص الذي يؤلفه كتّاب سعوديون بحسب اليوم السعودية.