لا شك أن الجميع يتفق معي على أن الأغلبية العظمى من أفراد المجتمع البحريني يعشقون طلب المأكولات والحلويات من خلال الطلب عن طريق شركات التوصيل، لكن الأمر أصبح بصورة غير مسبوقة، حيث أصبح الناس في وضع يحسدون عليه من الكسل الشديد والاتكالية، وبودهم لو يطلبون حتى قنينة الماء من خارج المنزل! أصبح العاملون في شركات التوصيل يطرقون أبواب منازلنا في اليوم الواحد أكثر من زيارات الأهل لنا في السنة الواحدة! لاحظوا المقارنة، هذا غير معقول وظاهرة غير صحية البتة.
حدثني أحد أصدقائي وهو يملك مطعمًا بأن الناس أصبحوا لا يأتون إلى المطعم لأخذ طلباتهم، ويعتمدون اعتمادًا كليًا على شركات التوصيل، حتى إن كان منزلهم على بعد خطوات من المطعم! والمضحك المبكي وعلى عهدة الراوي أن أحد الأشخاص طلب مشروبا غازيا قيمته ٤٠٠ فلس في حين أن سعره ٢٥٠ فلسًا في أي سوبرماركت، إضافة إلى أن شركة التوصيل تفرض ٢٥ % رسوما على صاحب المطعم و٧٠٠ فلس من طالب المشروب! تصوروا أن هذا الشاب دفع دينارا ومئة فلس في حين كان بإمكانه أن يشتريه بـ ٢٥٠ فلسًا لا غير، والأمثلة كثيرة حول هذا السلوك الخاطئ والخطير الذي أعتبره تهديدا لممارساتنا اليومية الحياتية ونمط الحياة من ناحية المصاريف الإضافية التي تكون كاهلا على الشخص أو عائلته، ناهيك عن الناحية الصحية والنظافة المتبعة في تحضير هذه الأطعمة.
إننا بأمس الحاجة إلى إطلاق حملة إعلامية وطنية تشارك فيها جميع الجهات الحكومية والخاصة والجمعيات الأهلية والأجهزة الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي بمختلف أنواعها لنشر الوعي وتثقيف الناس بهذه الجزئية من حياتنا، صدقوني إن هذه الحملات ستؤتي ثمارها على المدى المتوسط، وأنا لم أكن قط ضد مبدأ التعامل وطلب الأطباق من المطاعم، لكن ليس بهذه الطريقة المجنونة.
أعرف موظفين رواتبهم متواضعة جدًا ويصرون على تناول وجبة الإفطار في مقر عملهم بشكل يومي، ما يكلفهم مبلغا وقدره، ويتنقلون بعد الدوام من مقهى إلى آخر، وفي نهاية الشهر يشتكون بأن راتبهم لا يكفيهم! السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا لا نعود أنفسنا على تناول وجبة الإفطار على سبيل المثال وليس الحصر في منازلنا، ونوفر بذلك الكثير من المصروفات، بالإضافة إلى أنه سلوك صحي، والله من وراء القصد.