+A
A-

خليفة: لا للاقتراض للتخلص من الإعسار المالي

قال‭ ‬الباحث‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والمحاضر‭ ‬المصرفي‭ ‬عارف‭ ‬خليفة‭ ‬إن‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬السلوكيات‭ ‬الاستهلاكية‭ ‬الخاطئة‭ ‬والشائعة‭ ‬لدى‭ ‬سكان‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬اعتمادهم‭ ‬حل‭ ‬القروض‭ ‬والبطاقات‭ ‬الائتمانية‭ ‬كأول‭ ‬خيار‭ ‬لهم‭ ‬لتلبية‭ ‬رغباتهم‭ ‬وسعيهم‭ ‬للوصول‭ ‬إلى‭ ‬الاستقلال‭ ‬المالي‭.‬

وأشار‭ ‬خليفة‭ ‬في‭ ‬مشاركته‭ ‬بإحدى‭ ‬جلسات‭ ‬مبادرة‭ ‬اقتصاديات‭ ‬إيجابية‭ ‬التي‭ ‬ينظمها‭ ‬فريق‭ ‬نبض‭ ‬الإمارات‭ ‬التطوعي‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الوصول‭ ‬للاستقلال‭ ‬المالي‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬تحقيق‭ ‬الأمان‭ ‬المالي‭ ‬وهي‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬يتساوى‭ ‬فيها‭ ‬الدخل‭ ‬مع‭ ‬المصروفات،‭ ‬ثم‭ ‬نصل‭ ‬لمرحلة‭ ‬الاستقلال‭ ‬المالي‭ ‬التي‭ ‬يكون‭ ‬فيها‭ ‬الدخل‭ ‬أعلى‭ ‬بقليل‭ ‬من‭ ‬المصروفات،‭ ‬وهي‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬تسبق‭ ‬الحرية‭ ‬المالية‭ ‬التي‭ ‬يكون‭ ‬الدخل‭ ‬فيها‭ ‬أعلى‭ ‬بكثير‭ ‬من‭ ‬المصروفات‭.‬

وأكد‭ ‬أن‭ ‬الثراء‭ ‬السريع‭ ‬يعني‭ ‬الخسارة‭ ‬السريعة،‭ ‬وعليه‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬المهم‭ ‬التدرج‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬لمراحل‭ ‬الاستقلال‭ ‬المالي‭ ‬والحرية‭ ‬المالية،‭ ‬وعدم‭ ‬البحث‭ ‬عن‭ ‬الحلول‭ ‬السريعة‭ ‬لتحقيق‭ ‬ذلك‭.‬

ولفت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬اللجوء‭ ‬لحل‭ ‬القرض‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬إلا‭ ‬عند‭ ‬الضرورة‭ ‬القصوى،‭ ‬فالدول‭ ‬عادة‭ ‬لا‭ ‬تقترض‭ ‬إلا‭ ‬للضرورات‭.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬النقيض‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬هناك‭ ‬مراحل‭ ‬مالية‭ ‬سلبية‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬الاكتئاب‭ ‬المالي،‭ ‬والتي‭ ‬تعني‭ ‬العجز‭ ‬عن‭ ‬توفير‭ ‬سلعة‭ ‬ضرورية‭ ‬لعدم‭ ‬امتلاك‭ ‬مدخرات‭ ‬لها،‭ ‬وهنا‭ ‬ينبغي‭ ‬الحذر‭ ‬من‭ ‬معالجة‭ ‬هذا‭ ‬الاكتئاب‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬القروض‭ ‬أو‭ ‬البطاقات‭ ‬الائتمانية؛‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬اعتياد‭ ‬الدين‭.‬

وأردف‭ ‬أن‭ ‬علاج‭ ‬هذا‭ ‬الاكتئاب‭ ‬يتم‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬ترتيب‭ ‬الميزانية‭ ‬ومراجعة‭ ‬المصاريف‭.‬

وأوضح‭ ‬أن‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬تلي‭ ‬الاكتئاب‭ ‬المالي‭ ‬هي‭ ‬مرحلة‭ ‬الإعسار‭ ‬المالي،‭ ‬وهي‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬يصل‭ ‬فيها‭ ‬معدل‭ ‬الدين‭ ‬50‭ % ‬من‭ ‬الدخل،‭ ‬يعقبها‭ ‬الإفلاس‭ ‬المالي،‭ ‬وذلك‭ ‬حين‭ ‬تتساوى‭ ‬الديون‭ ‬مع‭ ‬الدخل،‭ ‬وأخيرا‭ ‬مرحلة‭ ‬الانتحار‭ ‬المالي،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬الديون‭ ‬إلى‭ ‬150‭ % ‬من‭ ‬الدخل،‭ ‬والتي‭ ‬يلجأ‭ ‬فيها‭ ‬الشخص‭ ‬إلى‭ ‬بيع‭ ‬أصوله‭.‬

وأكد‭ ‬خليفة‭ ‬ضرورة‭ ‬تجنب‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬المراحل،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬معظم‭ ‬أسباب‭ ‬الوصول‭ ‬لهذه‭ ‬المراحل‭ ‬هي‭ ‬الاقتراض‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الكماليات‭ ‬والرفاهية،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حوالي‭ ‬40‭ % ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يبلغون‭ ‬مراحل‭ ‬الاكتئاب‭ ‬المالي‭ ‬أو‭ ‬الإفلاس‭ ‬المالي‭ ‬يكون‭ ‬سبب‭ ‬حالهم‭ ‬أخذ‭ ‬القروض‭ ‬على‭ ‬القروض‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الكماليات‭.‬

وعاد‭ ‬ليبين‭ ‬أن‭ ‬معظم‭ ‬الناس‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬يمروا‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬من‭ ‬الأيام‭ ‬بمرحلة‭ ‬الاكتئاب‭ ‬المالي‭ ‬أو‭ ‬الإعسار‭ ‬المالي،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬علاج‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬ترتيب‭ ‬الميزانية‭ ‬والالتزام‭ ‬بخطة‭ ‬الميزانية‭.‬

وتطرق‭ ‬إلى‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الفروقات‭ ‬في‭ ‬السلوك‭ ‬المالي‭ ‬للإنسان‭ ‬الخليجي‭ ‬والإنسان‭ ‬الغربي،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإنسان‭ ‬الخليجي‭ ‬عادة‭ ‬ما‭ ‬يلجأ‭ ‬للاقتراض‭ ‬لتوفير‭ ‬حاجاته،‭ ‬فيما‭ ‬تجد‭ ‬أن‭ ‬الأوروبيين‭ ‬لا‭ ‬يقتنون‭ ‬السيارات‭ ‬عادة‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬يتوفروا‭ ‬على‭ ‬مبلغها،‭ ‬وذلك‭ ‬لتطور‭ ‬وتوافر‭ ‬المواصلات‭ ‬العامة‭ ‬لديهم‭.‬

توزيع‭ ‬المصروفات

وعلى‭ ‬صعيد‭ ‬متصل،‭ ‬حذر‭ ‬الباحث‭ ‬خليفة‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬الصرف‭ ‬على‭ ‬المواصلات‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬يتجاوز‭ ‬20‭ % ‬من‭ ‬الدخل،‭ ‬وألا‭ ‬يتعدى‭ ‬الصرف‭ ‬على‭ ‬السكن‭ ‬والمنزل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬25‭ % ‬من‭ ‬الدخل،‭ ‬و30‭ % ‬في‭ ‬أسوأ‭ ‬الأحوال،‭ ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬ارتفعت‭ ‬النسبة‭ ‬عن‭ ‬ذلك،‭ ‬فإنه‭ ‬يؤشر‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬مشكلة‭ ‬في‭ ‬الادخار‭.‬

وذكر‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬الأخطاء‭ ‬التي‭ ‬يرتكبها‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬هي‭ ‬استهلاكهم‭ ‬ما‭ ‬يدخرونه‭ ‬في‭ ‬الكماليات‭ ‬والترفيه‭ ‬كالسفر‭ ‬وشراء‭ ‬سيارة،‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬ادخارها‭ ‬في‭ ‬الأصول‭ ‬الممتازة‭ ‬كالسكن‭.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الإعاشة‭ ‬التي‭ ‬تشمل‭ ‬الأكل‭ ‬والاستجمام‭ ‬والسفر‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تتعدى‭ ‬25‭ % ‬من‭ ‬الإيرادات،‭ ‬لافتا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬يلجأون‭ ‬للاقتراض‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الانتقال‭ ‬من‭ ‬طبقتهم‭ ‬الاجتماعية‭ ‬إلى‭ ‬طبقة‭ ‬أرفع‭ ‬وهو‭ ‬خطأ‭.‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالميزانية‭ ‬المثالية‭ ‬المخصصة‭ ‬للتعليم‭ ‬كالمدارس‭ ‬والجامعات‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬يقل‭ ‬المبلغ‭ ‬المستثمر‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬عن‭ ‬18‭ % ‬من‭ ‬الدخل‭.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬النسبة‭ ‬المثالية‭ ‬للادخار‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬12‭ % ‬من‭ ‬الدخل،‭ ‬تتوزع‭ ‬على‭ ‬10‭ % ‬للمشروعاتالكبيرة،‭ ‬و2‭ % ‬للطوارئ‭.‬

وأكد‭ ‬أن‭ ‬التوفير‭ ‬أو‭ ‬الادخار‭ ‬ليس‭ ‬مزاجا‭ ‬أو‭ ‬فكرة‭ ‬طارئة‭ ‬وإنما‭ ‬هي‭ ‬عملية‭ ‬إيجابية‭ ‬يحتاط‭ ‬بها‭ ‬الفرد‭ ‬لتقلبات‭ ‬الزمن‭ ‬والمشروعات‭ ‬المستقبلية،‭ ‬فيجب‭ ‬على‭ ‬الشخص‭ ‬أن‭ ‬يدخر‭ ‬ثم‭ ‬يصرف‭ ‬لا‭ ‬العكس‭.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬الإفصاح‭ ‬عن‭ ‬واقع‭ ‬الدخل‭ ‬والالتزامات‭ ‬المالية‭ ‬عند‭ ‬الزواج،‭ ‬لتجنب‭ ‬تحمل‭ ‬ما‭ ‬يفوق‭ ‬الدخل‭ ‬والمقدرة‭.‬

وقال‭ ‬في‭ ‬رده‭ ‬على‭ ‬استفسار‭ ‬أحد‭ ‬المشاركين‭ ‬بالجلسة‭ ‬عن‭ ‬أسلوب‭ ‬الجمعيات،‭ ‬إنها‭ ‬تعد‭ ‬أحد‭ ‬أنواع‭ ‬الادخار‭ ‬التي‭ ‬ينصح‭ ‬بها،‭ ‬كما‭ ‬ينصح‭ ‬بصندوق‭ ‬الادخار‭ ‬العائلي،‭ ‬مع‭ ‬ضرورة‭ ‬التحقق‭ ‬من‭ ‬موثوقية‭ ‬هذه‭ ‬الجمعيات‭.‬

وأكد‭ ‬أهمية‭ ‬الشفافية‭ ‬والمشاورة‭ ‬مع‭ ‬العائلة‭ ‬في‭ ‬الأمور‭ ‬المالية،‭ ‬وذلك‭ ‬أن‭ ‬العائلة‭ ‬ينبغي‭ ‬أن‭ ‬تتحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬القرارات‭ ‬المالية‭.‬

وختاما،‭ ‬أشار‭ ‬خليفة‭ ‬إلى‭ ‬أهمية‭ ‬مراقبة‭ ‬الميزانية‭ ‬وملاحظة‭ ‬مواطن‭ ‬التسريبات‭ ‬المالية‭ ‬والعمل‭ ‬على‭ ‬معالجتها‭ ‬وإصلاحها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تتوسع‭.‬