العدد 4621
الأربعاء 09 يونيو 2021
banner
الأبعاد الصحية والاقتصادية والاجتماعية للتصدي للجائحة
الأربعاء 09 يونيو 2021

أثبتت مملكة البحرين، عبر تجاربها الرائدة والمتعددة، نجاحات مشهودة على مختلف الأصعدة وعبر العصور، وبالأخص في مواجهة الأزمات، وكان أبرزها ما حققته المملكة من نجاح يشار إليه بالبنان عبر تجربتها في التصدي لفيروس كورونا (كوفيد 19)، هذا النجاح بأبعاده المختلفة قد تحقق بفضل التوجيهات السامية والسديدة والقرارات الإنسانية الحكيمة لحضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وبفضل الخطط التنفيذية المتقدمة والمدروسة والفاعلة والدعم اللامحدود من قبل صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله، الذي يقود فريق البحرين والفريق الطبي بكل كفاءة واقتدار، على مدى 16 شهراً زاخرة بالعطاء والجهد والإنجاز دون كلل أو ملل، ولا يزال، بمتابعة حثيثة لكافة الشؤون الصحية والاقتصادية والاجتماعية والإنسانية للمواطنين والمقيمين، فضلاً عن تخصيص جل وقته لبحث المستجدات في تطور الوباء، وإيجاد الحلول لها بالاستفادة من تجارب وتوصيات المنظمات الدولية وذوي الاختصاص، مع مراجعة القرارات بصورة دورية وفق هذه المستجدات، وبتغليب الصالح العام، وتخصيص الموارد لتغطية التكاليف المادية مهما بلغت، وذلك سعياً للحفاظ على صحة وسلامة كل من يعيش على أرض هذا الوطن المعطاء.

وقد جاءت التأكيدات الأخيرة لجلالة العاهل المفدى الملك حمد بن عيسى آل خليفة، حفظه الله ورعاه، على ضرورة التكاتف خلال هذه المحنة التي تعمُّ العالم، وطمأنته للمواطنين والمقيمين بأنّ مملكة البحرين سوف تتخطى هذه الجائحة إلى بر الأمان بإذن الله، وبتعاون الجميع، بلسماً شافياً للنفوس، ورسالة ملكية سامية محفزة لكافة مكونات المجتمع البحريني على مواصلة الجهود، كما وإن تأكيدات جلالته، حفظه الله ورعاه، بأن الدولة تضع كافة إمكانياتها تحت تصرف فريق البحرين بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، تؤكد على الثقة التي يوليها جلالته في نجاح الجهود الوطنية لتخطي الجائحة من خلال العمل الدؤوب والمتواصل من قبل كافة أعضاء الفريق الذين جسدوا أروع النماذج في التضحية والعمل الجاد المتواصل من أجل الحفاظ على صحة وسلامة الجميع في ظل التحديات والظروف الصعبة التي فرضتها جائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، بما يشكل باعثًا للأمل ويؤكد على أن مملكة البحرين تمتلك طاقات متجددة لديها القدرة على التحدي من أجل مواجهة الصعاب، ودليل على الإيمان الصادق بقدرات أبناء البحرين، وما يتمسكون به من لحمة وطنية وتكاتف مكونات هذا الوطن في التصدي لأي أزمة تواجهه.

وفي هذا الصدد، وإسهاماً متواضعاً في تسجيل وتوثيق هذه التجربة الرائدة، يمكننا حصر ملامح من المبادرات الناجحة التي نفذتها مملكة البحرين للتصدي لفيروس كورونا عبر أبعاد ثلاثة رئيسية، وهي: البعد الصحي، والبعد الاقتصادي، والبعد الإنساني، والاجتماعي.

 

أولاً: البعد الصحي
لقد تمكن الفريق الوطني الطبي للتصدي لفايروس كورونا، الذي يضم العديد من القيادات الطبية المتميزة وذات العلم والخبرة والمهنية الملفتة، من التعامل مع مختلف التحديات لحفظ صحة وسلامة الجميع كأولوية قصوى، وذلك من خلال تنفيذ الفحوصات اليومية المجانية التي تجاوزت في الآونة الأخيرة 20 ألف فحص يومياً، ليتجاوز عدد الفحوصات 4.6 مليون فحص منذ بداية الجائحة، بغرض الكشف المبكر عن حالات الإصابة والمخالطين، فضلاً عن توفير جرعات التطعيم المعتمدة دولياً فور طرحها في الأسواق العالمية وإجازتها من قبل منظمة الصحة العالمية، لتعزيز جهود الوقاية والسيطرة على انتشار هذا الوباء، بالإضافة إلى توفير الدواء اللازم ومراكز الحجر والعزل الصحي، وغيرها من الإجراءات، في إطار الشفافية الكاملة، والإصرار على التوعية، ومبدأ الالتزام والمسؤولية المشتركة لعدم السماح بأي تساهل أو تهاون يحد من النتائج التي حققها الفريق، ما أسهم في بث روح الطمأنينة في نفوس المواطنين والمقيمين بأن هناك عين ساهرة تهتم بصحتهم وأمانهم. فالشكر كل الشكر والتقدير للفريق الطبي الذي يبذل قصارى جهده ويضحي براحته لتحقيق أهداف سامية، لن ينساها أهل البحرين.

 

ثانياً: البعد الاقتصادي
بقرار غير مسبوق من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، تم إطلاق حزمة مالية واقتصادية بقيمة تفوق 4.5 مليار دينار بحريني، لتتكفل الدولة بحماية الوطن والمواطنين من التبعات السلبية الناجمة عن اجراءات الحد من انتشار الوباء على الأفراد والمؤسسات، ما كان له كبير الأثر في الحفاظ على النمو المستدام وتمكين القطاع الخاص من تجاوز تأثيرات الأزمة، مع الحفاظ على استقرار العمالة الوطنية، وذلك بتوفيرها للسيولة المالية التي خففت من الأعباء والالتزامات التي يتحملها صاحب العمل، وتوفير الظروف الملائمة التي تسمح للقطاع الخاص باستمرار نشاطه قدر الإمكان بشكل تنافسي، والنهوض بمسؤولياته للمساهمة في مواصلة تحريك عجلة الاقتصاد الوطني،  فحافظت المملكة بذلك على تصنيفها الائتماني الدولي، كما وحافظت على قوة سعر صرف الدينار البحريني دون أن يتأثر كما حدث مع عملات كثيرة في الدول الأخرى، الأمر الذي جعل البحرين تتصدر المراكز الأولى خليجيا وعربياً كأفضل وجهة لمعيشة المغتربين رغم ظروف جائحة “كوفيد_19″، وذلك وفقاً للمسح الذي أجرته مؤسسة “انترنيشنز” العالمية لاستقصاء آراء المغتربين الذين يقيمون ويعملون في الخارج 2021.

وقد تم اتخاذ عدد من الإجراءات التي أسهمت في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، كان أبرزها:

-    دفع أجور العمال البحرينيين في القطاع الخاص الذين يبلغ عددهم أكثر من 100 ألف بحريني من المؤمن عليهم، وذلك لمدة ثلاثة أشهر (إبريل ومايو ويونيو)، تم تمديدها لثلاثة أشهر تالية (يوليو وأغسطس وسبتمبر) بدفع 50% من أجور البحرينيين العاملين في القطاع الخاص في القطاعات المتضررة، ثم تمديدها حتى نهاية العام 2020 في القطاعات الأكثر تضررا، فضلاً عن تخصيص محفظتين لدعم سواق سيارات الأجرة وسواق النقل المشترك والباصات والحافلات، ودفع الرواتب للعاملات في رياض الأطفال ودور الحضانة، ولا تزال إجراءات الدعم مستمرة للقطاعات الأكثر تضرراً وفق المستجدات التي تفرضها إجراءات التصدي للجائحة.
-    إيجاد وظائف فورية للبحرينيين الذين يفقدون وظائفهم، علماً بأن معدل التسريح في العام 2020 أقل من معدل التسريح في العام 2019 بنسبة 9%.
-    توفير السيولة لمعالجة الجوانب التشغيلية للمؤسسات المتأثرة وضمان استمراريتها من خلال برنامج صندوق العمل (تمكين) لدعم استمرارية الأعمال للمنشآت التي تمتلك سجلاً تجارياً أو ترخيصاً رسمياً لمزاولة نشاطها التجاري.
-    مضاعفة حجم صندوق السيولة من 100 مليون دينار ليصل الى 200 مليون دينار، بهدف دعم منشآت القطاع الخاص.
-    وقف رسوم العمل الشهرية ورسوم إصدار وتجديد تصاريح العمل لمدة ثلاثة أشهر بدءًا من 1 أبريل 2020، ثم تخفيض هذه الرسوم بنسبة 50% لثلاثة أشهر بدءًا من الاول من يوليو 2020، والإعفاء من رسوم العمل للقطاعات الاقتصادية الأكثر تأثراً لمدة ثلاثة أشهر بدءًا من الأول من يوليو 2020.
-    استمرار عمليات الرقابة على سوق العمل، والتحقق من ضمان التزام أصحاب العمل بالاشتراطات الواردة في قانون العمل في القطاع الأهلي، بما في ذلك صرف الأجور، وتسوية المنازعات العمالية لضمان استقرار الكفاءات الوطنية في مواقع عملها.
-    توجيه البنوك لتأجيل استقطاع أقساط القروض من حسابات المواطنين لمدة 6 أشهر بدءا من أبريل وحتى سبتمبر 2020 بدون فوائد، وحث المصارف لتأجيل مدفوعات القروض حتى نهاية العام، والاستمرار في هذا التمديد حتى أغسطس 2021 للراغبين برسوم رمزية، وقد استجابت المصارف مقدّره لتأجيل القروض لعملائها، بما يضمن تيسير شؤونهم المعيشية خلال فترة الجائحة.
-    إطلاق البرنامج الوطني للتوظيف (2) والمتضمن حزمة من المبادرات والإجراءات، أهمها تخصيص ميزانية تبلغ 120 مليون دينار لدعم التوظيف والتدريب، وتشديد الرقابة على المهن وعدم مخالفة العمالة الأجنبية للأنظمة، وتمديد فترة الإعلان عن الشواغر في الصحف المحلية لمدة ثلاث أسابيع بدلاً عن أسبوعين، بهدف توظيف 25 ألف بحريني وتوفير 10 آلاف فرصة تدريبية في العام 2021، ودعم أجور البحرينيين بنسبة 70% لمدة تصل إلى 3 سنوات.

 

ثالثاً: البعد الإنساني والاجتماعي
لقد تفوقت مملكة البحرين في الجوانب الإنسانية والاجتماعية بجدارة واقتدار، حيث تم اتخاذ عدد من القرارات التي أسهمت في حماية المواطن البحريني، وأسهمت في توفير الأمان المعيشي، والحماية الاجتماعية، والاستقرار الاقتصادي، بالتوازي مع استمرار برامج الدولة ومسيرة عملها تحقيقاً لمساعي التنمية المستدامة لصالح المواطنين والمقيمين.

ومن أبرز هذه القرارات:
-    الاستمرار في صرف حزمة المساعدات الاجتماعية للفئات الأكثر احتياجاً في مواعيدها المحددة دون تأخير، والمتمثلة في الدعم المالي (علاوة الغلاء) والضمان الاجتماعي ومخصص الإعاقة والتعويض النقدي عن رفع الدعم عن اللحوم، وعلاوة الإسكان (بدل الإيجار) وعلاوة تحسين المعيشة للمتقاعدين بتكلفة إجمالية تفوق 435 مليون دينار سنوياً.
-    أطلق سمو الشيخ ناصر بن حمد آل خليفة ممثل جلالة الملك للأعمال الإنسانية وشؤون الشباب مستشار الأمن الوطني، رئيس مجلس أمناء المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية، حملة "فينا خير" لدعم جهود الفريق الوطني من خلال اعتماد حزمة من المشاريع لمساعدة المتضررين بميزانية قدرها 17.43 مليون دينار، لدعم الفئات المحتاجة والأسر المنتجة وأصحاب الأعمال غير المسجلين في نظام التأمينات والعمالة المتعاقدة في البلاد، وتوفير عشرة آلاف حاسوب للطلبة، وتوزيع سلال غذائية ضمن مشروع "غذاؤك في بيتك"، وتوزيع وجبات غذائية قبل وأثناء وبعد شهر رمضان، والعمل على إنشاء مركز لعلاج الأوبئة ودعم البرمجيات وتقنيات التعلم عن بُعد، وسداد كامل الديون والمستحقات المالية على مجموعة من الغارمين ضمن تطبيق "فاعل خير" لوزارة الداخلية.
-    الاستمرار في تنفيذ قرارات مجلس الوزراء الموقر بمضاعفة مبالغ الضمان الاجتماعي ومخصص الإعاقة المصروفة للمستحقين في شهر رمضان الكريم 2020 و2021.
-    تكفلت الحكومة بتسديد فواتير الكهرباء والماء لكافة المشتركين من الأفراد والشركات على مدى تسع أشهر من أبريل وحتى نهاية العام الماضي 2020، واستفاد من ذلك أيضاً العمالة الوافدة والمقيمين الأجانب في مملكة البحرين في الأشهر الثلاثة الأولى.
-    تعزيز الاستقرار الوظيفي للمواطنين في سوق العمل والمحافظة على معدلات التوظيف، واتخاذ حزمة من المبادرات والقرارات التي أعطت البحريني الأولوية في التوظيف ضمن مزايا البرنامج الوطني للتوظيف المذكورة سابقاً.
-    توفير العديد من الخدمات المجانية للمقيمين أسوة بالمواطنين دون أي تفرقة، أبرزها: إلغاء رسوم العلاج في المراكز الصحية منذ بدء الجائحة وحتى اليوم، وتوفير فحوصات الكشف عن الإصابة بفايروس كورونا، وتوفير التطعيمات الوقائية من الفايروس مجاناً، بالإضافة إلى العديد من الخدمات التي تكفل للمقيمين رعايتهم، وحمايتهم صحياً واجتماعياً وإنسانياً.
-    أطلق المجلس الأعلى للمرأة برئاسة صاحبة السمو الملكي الأميرة سبيكة بنت إبراهيم آل خليفة، قرينة عاهل ‏البلاد المفدى، رئيسة المجلس الأعلى للمرأة، حملة "متكاتفين لأجل سلامة البحرين"، لتخفيف معاناة المتضررين من جائحة كورونا، وسداد ديون الغارمات.
-     شارك آلاف المتطوعين من المواطنين والمقيمين في دعم العاملين في الخدمات الصحية والأمنية والدفاع المدني وتعقيم وتطهير المدن والقرى، وتوزيع الوجبات الغذائية.
-    قامت المؤسسة الملكية للأعمال الإنسانية بتوزيع مكرمة جلالة الملك المفدى على 1000 أسرة من الأسر المكفولة لدى المؤسسة والأسر المسجلة في وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وقدمت مساعدات لأكثر من 500 من أصحاب المشاريع متناهية الصغر من بيت الأسرة ووزارة العمل والتنمية الاجتماعية.
-    واصلت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية دورها في رعاية وتقديم جميع الخدمات الرعائية والإيوائية للأطفال (مجهولي الأبوين والأيتام وأطفال الأسر المتصدعة) وكذلك وذوي الإعاقات الشديدة والمسنين، مع وضعها اشتراطات وضوابط للتأكد من أن الطواقم العاملة والمقيمين في المراكز التابعة لها تتبع الاشتراطات الوقائية المقرة من قبل وزارة الصحة.

خلاصة القول، ورغم كل ما تم إيجازه من قرارات وإجراءات بأبعادها المتعددة سواء الصحية أو الاقتصادية أو الاجتماعية والإنسانية، وهو غيض من فيض، كانت سمتها الرئيسية التلاحم والتكاتف وتماسك كافة مكونات المجتمع البحريني، فإن مملكة البحرين لم تسمح بأن يقع أي إنسان يعيش على أراضيها في دائرة العوز سواء كان مواطناً أو مقيماً.
آمنت البحرين بذلك وكفلت تحقيقه وصونه بناء على منطلقات إنسانية وحقوقية.. حفظ الله البحرين وقيادتها وشعبها من كل مكروه. 

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .