العدد 4313
الأربعاء 05 أغسطس 2020
banner
كيف وفرت البحرين منظومة حماية اجتماعية متكاملة للمواطنين الأكثر احتياجًا؟
الأربعاء 05 أغسطس 2020

خطت مملكة البحرين خطوات حثيثة ومدروسة، نحو توفير منظومة حماية اجتماعية متكاملة كفلتها وأقرتها للمواطنين البحرينيين، وعلى الأخص من الفئات الأكثر احتياجاً، لتضمن لهم حياة كريمة، وذلك منذ العام 1972 حينما تم إقرار مساعدة الضمان الاجتماعي لهذه الفئات، تلتها مساعدات أخرى من علاوات وبدلات ودعم مادي مباشر وغير مباشر، واستمرت حتى اليوم، حيث يتم تطويرها وتحديثها وفقاً للمستجدات الاقتصادية.

ولا شك أن كل ما تم إقراره من مساعدات اجتماعية ودعم مالي للمواطنين من مختلف الفئات المحتاجة، جاء تأكيداً على روح التكافل الاجتماعي التي يتحلى بها المجتمع البحريني، ومن منطلق إيمان صادق لدى قادة البحرين الكرام بأهمية ضمان المستوى المعيشي اللائق للمواطن البحريني، حيث برز هذا الإيمان الصادق والمتوارث جلياً خلال المسيرة التنموية الشاملة لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، تلك المسيرة التي لاقت كل الدعم والمساندة والمتابعة الحثيثة في التنفيذ من قبل صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء الموقر، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، ولي العهد نائب القائد الأعلى، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، حفظهما الله.

ورغم ما تحقق على صعيد توفير منظومة الحماية الاجتماعية الشاملة، إلا أن هناك بعض التساؤلات التي تتبادر إلى الأذهان بين وقت وآخر، فهل وقف الباحثون والناشطون الاجتماعيون على الجوانب والأبعاد المترابطة والمتكاملة لهذه المنظومة من الحماية، بمضامينها وأبعادها الإنسانية والاجتماعية والاقتصادية؟ وهل توافرت لهم التغطية الإعلامية المناسبة، والتوعية المعمقة التي يمكن أن تجعلها راسخة وواضحة في وعي المواطنين؟ فكيف بنا نجد مواطن لديه حاجة معينة تندرج في إطار الحقوق والمزايا المعتمدة، ويتجه لأهل الخير للحصول عليها، في حين أن الدولة كفلت له المساعدة اللائقة التي تجنبه حاجة السؤال؟

هو تساؤل يتبادر إلى الأذهان ويتكرر كلما صادفنا من يطلب مساعدة لمواطن لتلبية حاجة معيشية، أو لإغاثته من جراء تبعات حريق مسكنه، على سبيل المثال، وغيرها من الحاجات الإنسانية المعيشية! فهل بقيت المنظومة الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي، أو المواقع الرسمية الإلكترونية لوزارات الدولة التي تعج بالأخبار والمعلومات قاصرة عن أن توضح للمواطنين حقوقهم، وترشدهم إلى كيفية الحصول على ما كفلته الدولة لهم من دعم ومساعدات؟

لطالما اهتمت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بنشر الوعي بما يستحقه المواطن من أوجه دعم مختلفة، وذلك عبر محاضرات مختلفة في مراكز التنمية الاجتماعية، أو من خلال دعوة الجمعيات الأهلية لتعريف المواطنين بالخدمات المختلفة التي تقدمها الدولة لهم، كما ولم تعجزنا أية وسيلة عن اللجوء إليها، كي نصل إلى المواطن، وبالأخص من الفئة الأكثر احتياجاً.

ودعوني هنا أستعرض مجددا جوانب هذه المنظومة وما يستحقه المواطن من أوجه دعم مختلفة كفلتها الحكومة له، والتي تتمثل فيما يلي:

- معونة الضمان الاجتماعي التي تخصص للفئات الأكثر احتياجاً، من منعدمي الدخل أو ممن ليس لديهم مصدر دخل كاف يعتمدون عليه في معيشتهم لتوفير متطلبات الحياة الأساسية، حيث يحصل أكثر 17 ألفاً بين أسرة وفرد على مساعدات مالية شهرية بحسب عدد أفراد الأسرة، تسهم في حمايتهم من الفقر والعوز والحاجة، والذين عرَّفهم القانون بفئات الأسرة، الأرملة، المطلقة، المهجورة، المسن، أسرة المسجون، العاجز عن العمل، المعاق، البنت غير المتزوجة، الولد، واليتيم.

- علاوة الدعم المالي (علاوة الغلاء)، التي تصرف لتمكين الأسر البحرينية ولإعانتها على مواجهة الغلاء في الأسعار، وفي مقدمتها الأسر التي تحصل على مساعدة الضمان الاجتماعي كونها الأسر الأكثر احتياجا، ويضاف إليها جميع أرباب الأسر من العاملين في القطاعين العام والخاص، حيث تستفيد من هذه العلاوة أكثر من 120 ألف أسرة، وذلك بقيمة 100 دينار لمن يقل دخله الشهري عن 300 دينار، و70 دينارًا لمن يقل دخله الشهري عن 700 دينار، و50 دينارًا لمن يقل راتبه عن 1000 دينار.

- علاوة تحسين المعيشة للمتقاعدين وتشمل جميع المتقاعدين من القطاعين العام والخاص دون استثناء، وتصرف لهم مع المعاش التقاعدي، كما تصرف للمستحقين بعد وفاة صاحب المعاش بحسب نسب استحقاقهم للمعاش، وذلك تقديراً لدور المتقاعدين البارز طوال فترة عملهم وعطائهم في خدمة الوطن وتنميته بكل تفانٍ، ويستفيد منها نحو 82 ألفاً لتسهم في تحسين المستوى المعيشي لهم، حيث يتم صرفها من قبل الهيئة العامة للتأمين الاجتماعي بواقع 150 ديناراً للمواطن إذا كان معاشه التقاعدي يقل عن 700 دينار، و125 ديناراً لمن يزيد معاشه التقاعدي على 700 دينار، وتصل إلى 75 ديناراً لمن تجاوز معاشه التقاعدي 1500 دينار.

- علاوة بدل السكن التي تقدمها وزارة الإسكان لمن مر على طلبه الإسكاني 5 سنوات، ويستفيد منها حوالي 46 ألف مواطن لتعينهم على تكاليف السكن لحين الحصول على الوحدة الإسكانية، وذلك في إطار سياسة الدولة بتوفير كل مقومات الحياة الكريمة من سكن ومعيشة لائقة للمواطن، حيث تتكفل بصرفها وزارة الإسكان وتبلغ 100 دينار، تصرف لصاحب الطلب الإسكاني شهرياً.


- التعويض النقدي بدل رفع الدعم عن اللحوم، والذي يشمل أكثر من 160 ألف أسرة، وتصرف وفق معادلة حسابية تضمن حق كل فرد في الأسرة في هذا التعويض.

- مخصص الإعاقة وقيمته 100 دينار شهرياً الذي يحصل عليه لكل ذي إعاقة من ذوي العزيمة مسجل على قوائم وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، ليعينهم وأسرهم على الإيفاء بمتطلبات واحتياجات إعاقاتهم وتيسير حياتهم قدر الإمكان، ويبلغ عددهم ما يزيد على 12 ألف من ذوي الإعاقة (ذوي العزيمة).


- مكرمة شهر رمضان الكريم، التي تصرف سنويًا بتوجيه من صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء، حفظه الله ورعاه، والتي يتم بموجبها مضاعفة مبلغ المساعدة الاجتماعية من ضمان اجتماعي ومخصص إعاقة لتخفيف الأعباء المعيشية عن هذه الفئة في الشهر الفضيل.

- تخفيض فاتورة الكهرباء والماء شهرياً للأسر والأفراد المستحقين لمساعدة الضمان الاجتماعي، التي تتم بالتعاون مع هيئة الكهرباء والماء لتخفف عن كاهل المستفيدين منها بعضاً من تكاليف الحياة المعيشية.

- إعانة بدل التعطل والتي بمقتضاها يحصل الباحث عن عمل لأول مرة بعد تسجيله على إعانة التعطل، وهي عبارة عن مبلغ مالي يمنح شهريًا، بمقدار 200 دينار للجامعي، و150 ديناراً لغير الجامعي، لتعين الباحث عن عمل على تحمل نفقات المعيشة أثناء رحلة البحث عن عمل، وتستمر شهرياً لمدة 9 أشهر لحين حصوله على الوظيفة. أما بالنسبة لمن سبق له العمل وتم فصله من عمله، فإنه فور تسجيله كباحث عن عمل، يحصل على تعويض التعطل، وهو مبلغ مالي يمنح شهرياً للمستحق بمقدار 60% من راتبه، ويستمر صرف الإعانة والتعويض في حال استمر الباحث عن عمل بالمراجعة الدورية للوزارة أو مراكز التوظيف التابعة لها، إضافة لباقي شروط الاستحقاق.

- والتدريب المهني المجاني الذي تقدمه الحكومة للباحث عن عمل إلى جانب بدل التعطل، وكذلك الموظف المستجد، بحيث تسانده وتأخذ بيده لنيل الشهادات الاحترافية المطلوبة في سوق العمل، فضلاً عن تحويل الموظف إلى مستويات عالية من الاحترافية والإنتاجية في المؤسسة التي يعمل بها، وذلك من خلال البرامج الاحترافية النظرية والعملية لتسهم في تطوير معلوماتهم وإكسابهم مهارات وسلوكيات ومعرفة ترتقي بمستوى كفاءتهم الإنتاجية، بهدف تأهيلهم لمهنة معينة أو تحويلهم من مهنة إلى أخرى، حيث يتنوع هذا النوع من التدريب سواء كان التدريب الأساسي، أو التدريب الاحترافي، أو التدريب على رأس العمل.

وبالإضافة إلى ما تقدم، فإن الحكومة تدعم كافة المواطنين بصورة غير مباشرة من خلال 15 برنامج دعم غير مباشر، تتمثل في الخدمات التعليمية، والصحية، وخدمات الكهرباء والماء، والمواد الغذائية، والتأمين الاجتماعي، ودعم الراتب الشهري للموظف البحريني في القطاع الخاص عند التوظيف عن طريق البرنامج الوطني للتوظيف، والإسكان، والمشتقات النفطية، ورعاية كبار المواطنين، علماً بأن الحكومة الموقرة رفعت إجمالي مبالغ الدعم المالي السنوي المقرر من 385 مليون دينار بحريني في العام 2018 إلى 435 مليون دينار بحريني في العام 2019، بنسبة زيادة تبلغ 7%.

إن تقديم هذه الحزمة من المساعدات الاجتماعية للمواطن، ورغم أهدافها النبيلة في إعانته على مواجهة تكاليف الحياة والعيش بما يليق به، إلا أن الهدف الأساسي الذي تسعى الحكومة الرشيدة إلى تحقيقه يكمن في الانتقال بالمواطن من دائرة الحماية والاحتياج إلى دائرة الإنتاج، فبدلاً من أن يكون معتمداً في معيشته على المساعدات الاجتماعية، فإن الدولة تعمل على تحقيق هذا الهدف من خلال العديد من البرامج التي تمكنه من أن يكون منتجاً ومسهماً في المسيرة التنموية للبلاد، ومن أبرز هذه البرامج "برنامج خطوة للأسر المنتجة" الذي يهدف إلى تشجيع الأسرة البحرينية والشباب على تأسيس مشروعاتهم الإنتاجية الخاصة، ودعمهم بتطوير إنتاجهم بالتدريب وتوفير البيئة والإمكانيات المناسبة لينجحوا ويحققوا دخلاً يعينهم على النهوض بمشروعاتهم المنزلية والإنتاجية، فضلاً عن توفير سبل التسويق المختلفة في مجمع العاصمة لمنتجات الأيدي البحرينية والعديد من المراكز الأخرى أو من خلال المشاركة في المعارض المختلفة، بالإضافة إلى توفير التمويل من خلال بنك الأسرة المتخصص في تمويل المشروعات المتناهية في الصغر، وذلك للارتقاء بالمستوى المعيشي للأسرة البحرينية والأفراد.

كما تقدم حكومة مملكة البحرين التسهيلات والدعم المالي والتحفيز الملائم للشباب للتوجه نحو إنشاء مشاريعهم الخاصة، والتحول إلى ريادة الأعمال، إضافة إلى الإعفاءات التي يحصلون عليها عند إطلاق مشاريعهم التجارية، لتحفيز فئات الشباب على الانخراط في مجالات ريادة الأعمال، وقد أثبتت هذه المبادرات التي أطلقتها المملكة ولا تزال، جدواها في مكافحة البطالة وضمان قدرة سوق العمل على توليد فرص العمل.

ولا يفوتني هنا أن أتطرق إلى الوضع الاستثنائي الذي تمر به مملكة البحرين في مواجهة التبعات الاقتصادية الناجمة عن تطبيق الإجراءات الاحترازية بمواجهة فيروس كورونا (كوفيد 19)، حيث استمرت في توفير مظلة حماية اجتماعية لكافة الفئات المتضررة، بقرار غير مسبوق من جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى، حفظه الله ورعاه، من خلال إطلاق حزمة مالية واقتصادية بقيمة 4.3 مليار دينار لدفع أجور العمال البحرينيين في القطاع الخاص الذين يبلغ عددهم أكثر من 100 ألف بحريني من المؤمن عليهم في القطاع الخاص، وذلك لمدة ثلاثة أشهر (إبريل ومايو ويونيو)، وتم تمديدها  لثلاثة أشهر تالية (يوليو وأغسطس وسبتمبر) بدفع 50% من أجور البحرينيين العاملين في القطاع الخاص، وذلك في إطار المساعي الحثيثة نحو الإسهام في استقرار سوق العمل والتصدي لعملية التسريح بين العمالة الوطنية وإبقاؤها في أوضاع مستقرة، بالإضافة إلى تخصيص محفظتين لدعم سواق سيارات الأجرة وسواق النقل المشتركة والباصات والحافلات ودفع الرواتب كاملة للعاملات في رياض الأطفال ودور الحضانة لمدة ثلاثة أشهر، وكذلك إعادة توجيه جميع برامج صندوق العمل "تمكين"، وتوجيهها لدعم الشركات المتأثرة مما يسهم في تحقيق الاستقرار الوظيفي للعمالة الوطنية.

وفي الإطار ذاته، لم يقف الأمر عند هذا الحد، فلتعزيز الحماية الصحية للمواطن والمقيم، في ظل هذه الظروف الاستثنائية، بات التقدم لطلب الخدمات والمساعدات الاجتماعية سالفة الذكر من خلال خدمات إلكترونية ميسرة، دون الحاجة لزيارة المراكز الاجتماعية أو مراكز التوظيف أو الجهات الأخرى ذات العلاقة بصرف أوجه الدعم الحكومي أو الاستفادة من الخدمات الحكومية المقدمة للحصول عليها، الأمر الذي يؤكد الاهتمام البالغ بصالح المواطن المعيشي والصحي والاجتماعي على كافة الصعد.

وفي الختام، فإن ما أقرته الدولة من برامج ومبادرات هي للمواطنين، ومن أبرز واجباتنا أن تصل لمستحقيها بيسر وسهولة، كما أدعو كافة المنظمات الأهلية بأن تكون وسيلة دعم ومساندة للقطاع الحكومي، كعهدنا بها دوماً، بحيث ترشد المواطن لما يستحقه من دعم وإعانة، فالمسؤولية مشتركة، والهدف واحد، وهو النهوض بالمواطن البحريني ليعيش أفضل حياة بكل كرامة وأمان.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية