+A
A-

ألمانيا تعزز إجراءات مكافحة الإرهاب.. كيف تتعامل مع الإخوان؟

شدد السفير الألماني بالقاهرة، سيريل نون، خلال لقاء جمعه بمسؤولين مصريين، مطلع الأسبوع الجاري، على أن بلاده لن تكون ملاذا آمنا للجماعات المحظورة والمتطرفة، وعلى رأسها جماعة الإخوان، كما أنها لن تسمح للتنظيم بممارسة أي نشاط يمكن تصنيفه بأنه "غير مشروع"، أو يسهم في نشر الفكر المتطرف ويحرض على العنف.

ويرى مراقبون أن  تصريحات السفير الألماني تعكس طبيعة الإجراءات التي تعتزم بلاده البدء بتنفيذها، لمواجهة الإرهاب والتطرف وتحجيم انتشار جماعة الإخوان، خاصة أن عدة تقارير أمنية واستخبارتية قد حذرت في وقت سابق من خطورة انتشار التنظيم داخل البلاد وعلاقة ذلك بزيادة وتيرة العنف والتطرف، فيما أشار التقرير السنوي للمخابرات الداخلية الألمانية في ولاية بادن فورتمبيرغ، نهاية العام الماضي أن التنظيم الذي ينتمي إليه نحو 190 شخصا على الأقل، بات يشكل خطرا على الأمن الداخلي للولاية.

إجراءات سياسية

ويقول السياسي الألماني، حسين خضر، نائب رئيس مجلس الاندماج وعضو مجلس محلي هيدنهاوزن، شمال الراين فيستفاليا، إن ألمانيا وكافة الدول الأوروبية تعتبر جماعة الإخوان تنظيما متطرفا يسعى للوصول إلى الحكم باستغلال الأيدولبوجيا الدينية وحرية ممارسة العقيدة والرأي وممارسة الحقوق السياسية لكنها في الوقت ذاته تستخدم العنف إذا تطلب الأمر ذلك.

ويوضح خضر في تصريح لـسكاي نيوز عربية أن هناك العديد من التحركات الأوروبية لحظر نشاط الإخوان في عدة بلدان، لكن الإشكالية التي تواجه هذه التحركات هو عدم اندماج أعضاء التنظيم تحت كيان موحد باسم الجماعة، كما ينكر جميعهم أي انتماء تنظيمي للإخوان، وهو ما يصعب مهمة الأجهزة الأمنية في ضبط دليل واضح ضد هؤلاء الأشخاص، مشيرا إلى أن العمليات الأمنية تستغرق وقت طويل بوضعهم تحت المراقبة وتتبع نشاطهم وتمويلاتهم للتعامل مع الأمر بشكل قانوني تتمكن السلطات من خلاله بملاحقة هؤلاء الأفراد.

ويشير خضر إلى أن الأجهزة الأمنية كثفت عملياتها خلال الفترة الماضية لتتبع عناصر التنظيم ومراقبة نشاطهم ومداهمتهم في أماكن تجمعهم، وكذلك حظر أي نشاط لهم، لافتاً إلى ظان التعديلات التي جرت على قانون الشرطة الالمانية مؤخرا سمحت للأجهزة الأمنية بمساحة أكبر للتحرك وملاحقة هذه العناصر، كما وضعت جميع المشتبه بهم تحت رقابة مشددة لتتبع مصادر تمويلهم ومنع وصولها للبلاد.

ويؤكد خضر أن التحركات الأمنية المكثفة خلال الفترة الماضية نجحت في تقليص نشاط الجماعة داخل البلاد إلى حد كبير، موضحا أن حالة الحراك الأمني تتزامن مع حملات سياسية وقانونية لوضع الإخوان في قائمة التنظيمات المتطرفة، حيث تدرس عدة أحزاب سياسية آليات المساءلة القانونية لإيقاف التمويلات الواردة للجمعيات والمؤسسات التي تعمل الجماعة من خلالها وتنشتر في المجتمع الألماني، وكذلك السيطرة على بؤر انتشارهم.

نشاط إجرامي متزايد يهدد القارة العجوز

بدوره يرى محمد واموسي، رئيس المركز الأوروبي للسلام و حل النزاعات، أن الاختراق الإخواني في ألمانيا بلغ مستويات خطيرة جدا، خاصة بعدما تمكن بعض رموزهم من اختراق مؤسسات حكومية ألمانية لها حساسية أمنية كما هو الحال مع المدعو محمد حجاج، أحد أهم القيادات الإخوانية في ألمانيا الذي بات عضوا  في لجنة حكومية، ما يعيد للأذهان خطر اختراق الإخوان للمؤسسات في ألمانيا، اليوم في ألمانيا هناك تقارير كثيرة تحذر من تداعيات اختراق التنظيمات الإخوانية  لجانا تابعة لوزارة الداخلية الاتحادية، ووزارة العدل في ولاية برلين، بعد أن أجادت لعب دور الضحية والترويج للمظلومية لدى الشعب الألماني و السلطات الألمانية.

ويوضح وامواسي في تصريح لسكاي نيوز عربية،  أن تنظيم الإخوان تغلغل في أوروبا من خلال المؤسسات الدينية وعمل خلال عشرات السنوات على بث أيدلوجيته المتطرفة في عقول الشباب خاصة من أبناء الجاليات الإسلامية، ما أنتج العديد من الخلايا المتطرفة والمؤدلجة التي تعمل على ترويج العنف والإرهاب وتنفيذ العمليات في عدة بلدان.

مؤكدا أن هذا النشاط الإخواني الخطير لا يهم ألمانيا فقط، بل باقي الدول الأوروبية، ويطرح عدة علامات استفهام بشأن التمويلات الأجنبية التي تتلقاها هذه التنظيمات داخل أوروبا من دول خارجية.

ويشير إلى أن الإجراءات الأوروبية حيال المؤسسات التي توفر غطاء للإخوان ستكون أكثر صرامة خلال الفترة المقبلة خاصة بتطويق الأنشطة وفرض رقابة على مصادر التمويل التي تأتي معظمها من الخارج لتنفيذ أجندات تتفق مع مصالح بعض الدول، مؤكدا أن أوروبا لم تعد ملاذا أمنا للتنظيم.

تنسيق أوروبي لمواجهة الإخوان

من جانبه يقول المحلل السياسي نزار جليدي، مدير تحرير موقع صوت الضفتين بباريس، أنه منذ عام مضى وتحديدا عقب هجمات نيس بفرنسا، بدأت أوروبا تدرك حجم الخطر الذي تمثله تنظيمات الإرهاب على أمنها واستقراراها، وبات معروفا مصدر هذه القنابل الموقوتة والذئاب المتمردة، وهو ما دفع أوروبا لتوحيد جهودها والتعاون المشترك لمواجهة تلك التنظيمات المدعومة من الخارج.

ويؤكد جليدي في تصريحات لـسكاي نيوز عربية أن الإجراءات الأوروبية وتحديدا في ألمانيا التي بها أكبر عدد من المهاجرين، ستعتمد على تجفيف منابع تمويل المؤسسات والجمعيات التي تعمل الجماعة تحت عباءتها، وسيكون هناك قوانين جديدة أكثر صرامة بشأن تدشين تلك الجمعيات وكذلك تقليص مصادر تمويلها ومنع الفاعليات والأنشطة التي تمارسها على مدار العام والتي تعد بؤرة لتجنيد الشباب من أبناء الجاليات ونشر الفكر المتطرف بين مجتمعات جديدة.