بقلوب مؤمنة بقضاء الله وقدره وبكل الحزن والأسى تلقينا نبأ وفاة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الذي انتقل إلى رحمة الله تعالى صباح الأربعاء، فقد كان خبرًا مزلزلاً لكيان ووجدان كل من عاش على هذه الأرض المباركة الطيبة من مواطنين ومقيمين، بل وكل عربي ومسلم لمس أو عرف أو استمع أو وجد في الأمير الراحل كل الصفات الإنسانية الحميدة والخصال الكريمة والسجايا الحسنة التي جعلته رحمه الله تعالى قريبا من القلوب كلها، فكما كان محبا للناس وحريصا على القرب منهم والاستماع إليهم والعمل لأجل راحتهم حتى لو كان ذلك على حساب صحته ووقته، فقد بادله الجميع هذا الحب، واحتل الأمير خليفة بن سلمان رحمه الله تعالى مكانة غالية، وكان بمثابة الأب أو الأخ أو الصديق.
هذا على الجانب الإنساني وهو وإن كان كافيًا لأن يعم الحزن أرجاء هذه الأرض التي شهدت إخلاص وعطاء الأمير خليفة بن سلمان في كل شبر منها وفي كل بيت وكل أسرة، بل وكل فرد فيها، إلا أن الحياة العملية للأمير الراحل حملت من الإنجازات والإسهامات ما يصعب تكراره ويستحيل إنجازه بنفس الكفاءة والجودة والتكامل والشمولية والوعي والمسؤولية التي تجسدت في كل مراحل العمل الوطني التي كان فيها الأمير خليفة بن سلمان رئيسًا للحكومة منذ سبعينيات القرن الماضي، حيث وضع الأسس المتينة والأركان الرئيسة لدولة عصرية ونهضة وتنمية في شتى المجالات، فقد كان رحمه الله سابقًا لعصره في رؤيته وفي التخطيط لأهدافه واستثمار كل أدواته البشرية والمادية، والتعامل والتفاعل مع البيئتين الإقليمية والدولية بما يسهم في تحقيق المصالح البحرينية الوطنية، فكان رحمه الله نموذجًا ساميًا للإنسان كما كان مثالا فذًا للقائد.
ويشاء القدر أن تكون وفاة الأمير خليفة بن سلمان في وقت تفتخر به البلاد التي ساهم في بنائها ونهضتها بالمئوية في ميادين عديدة، لتقدم شهادات موثقة للجهود الجبارة والعمل الدؤوب والمثابرة والعزم الشديد كصفات لازمت الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة طيلة حياته، فأتت النتائج مبهرة بتحقق ما أراده للبحرين من موقع مرموق بين أمم العالم.
وفي الختام نتضرع إلى المولى عز وجل أن يتغمد الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة بواسع رحمته وأن يجعل مثواه الجنة لقاء ما قدمه لوطنه وشعبه والأمتين العربية والإسلامية والإنسانية كلها من خدمات عظيمة خلال مسيرته التي ستظل راسخة في القلوب وسيسطرها التاريخ بأحرف من نور في سجل من ذهب، داعين الله عز وجل أن يحفظ مملكة البحرين وقيادتها الحكيمة من كل شر وأن يلهمنا جميعا الصبر والسلوان.