العدد 4352
الأحد 13 سبتمبر 2020
banner
مجلس الرئيس... وحدة الصف
الأحد 13 سبتمبر 2020

عندما تحدث الأب الرئيس مرارًا وتكرارًا في مجالسه العتيدة عن وحدة الصف، كان يقرأ بدقة في ملفات الدول التي انقسمت على نفسها وكان مصيرها الهلاك، تمامًا مثلما كان سموه يدرك مبكرًا أن المنطقة العربية قد تعاني في المستقبل من مخاطر التدخلات الأجنبية لو أن مفهوم الدولة الوطنية لم يتم التفاف الشعوب حوله، بل لو لم يتم تدعيم مراكز ثقله بتنوير المواطنين وتعليمهم وتعميق مداركهم بأن القيادة المخلصة التي أدارت شئون الأوطان وشجون المواطنين لابد كذلك من الالتفاف حولها ومساعدتها على صون البلاد والعباد، وحماية الحدود والوجود.

كل هذه السجايا والمطارحات كانت لها من مقام التعاطي موقعًا كبيرًا في وصايا رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه للنخب المتفكرة كلما التقاها في مجلسه المهيب.

وها نحن اليوم نقف على أعتاب مرحلة جديدة من التشرذم المُفضي إلى شق الصفوف خاصةً في الدول العربية التي طالها فيروس إقحام الدين في السياسة، واستخدام الشريعة السمحة في غير مواضعها الواقعية وأدوارها السماوية، فهبطت من أعالي الروحانيات لتسقط في هاوية المصالح والمشاكسات، البعض يستخدم ذريعة المعتقد ليس لسد الذرائع الدنيوية إنما لتحقيق مصالح سياسية، ومواقع ومكاسب شخصية.

وربما نكون قد سمعنا أن فسادًا قد أُسْتُشرِيَ وخلط الغث بالسمين في ملفات وطنية لا تحتمل التنصل من غاياتها المقدسة، ورسالتها الإنسانية الخالصة، وربما تكون عدة دول عربية قد وقعت في فخ الطائفية والمحاصصية وتقسيم المقسم إلى فتات دول وإلى تجمعات ذات أعلام ورايات مناهضة لأعلام ورايات الوطن الغالي والأرض الطيبة.

أصبحت بعض الدول العربية مُرتَهَنة للخارج، ومُنصاعة لتيارات فكرية دخيلة، ورياح قوية مُعادية، وبمرور الوقت بهتت الهوية الوطنية لعدد من الدول في الإقليم وضاعت شخصيتها وسط أفكار وافدة، وشعارات زائفة، ومفاهيم ما أنزل الله بها من سلطان.

من هنا كان الأب الرئيس حريصًا أن نغلق جميع الأبواب في المهد أمام الأفكار الشاذة على مجتمعاتنا، وأن نقوي من دولتنا الوطنية ونضع يدًا بيد بين مختلف أطيافها وشرائحها المجتمعية نبذًا للتشرذم، ومقاومةً لفكر غريب، ودرءًا لخطر محدق.

المشروعات الإقليمية على اختلاف أهدافها، وتعدد نواياها، وتمدد أبصارها، لا نجد بينها مشروعًا عربيًا في المواجهة، صفًا واحدًا من بني جلدتنا يصون ويصمد ويتصدى، السبب كان في نظر الرئيس القائد والعديد من الكتل المتفكرة من النخب البحرينية المؤثرة وتلك التي تتناغم عروبيًا مع حالتنا الراهنة، هو ضعف الدولة الوطنية، إقحامها في خلافات أيديولوجية، وصراعات راديكالية، وأطماع حزبية ضيقة، قفزت الجماعات فوق هيمنة الدول، والمليشيات مكان جيوش الدفاع الباسلة، والأمة بمفهومها البعيد جدًا، مكان الوطن بجغرافيته الممتدة من الخليج العربي شرقًا إلى المحيط الأطلسي غربًا. وحدة الصف فكرة “خليفية” رائدة، وإحباطًا لما قد يفلت زمامه ويتسلل إلى أوطاننا خلسة أو عنوة في غفلة من ثوابتنا المتأرجحة، ونبذ الفرقة والانقسام ما هو إلا مبدأ لا يقبل القسمة على أية معادلات، أو أية اعتبارات، أو أية دعوات لا تبني لكنها تُبدد، ولا تصون؛ لأنها تُهدد.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية