العدد 4345
الأحد 06 سبتمبر 2020
banner
من الملف العتيد
الأحد 06 سبتمبر 2020

مرة أخرى.. نعود إلى الملف العتيد، إلى المجلس المهيب لسمو رئيس الوزراء، كيف كان؟ ماذا دارت فيه من أطروحات؟ من حوارات وطنية، ومناقشات فكرية؟

هل كان الارتباط وثيقًا بقضايا أمة؟ أم بشجون وطن؟ بعناصر ومسؤوليات دولة؟ أم بماضٍ وحاضر ومستقبل إقليم؟ هل عروتنا الوثقى مازالت على حالها.. عميقة، أصيلة، مواكبة؟ أم إن العقد قد انفرط، والمسبحة قد ووريت الثرى، والمأذنة ضلت طريق القِبلة؟

من محاسن الصدف أن مملكة البحرين خلال مرورها من عنق زجاجة مرحلة بعد الأخرى، أن لديها من الثوابت ما ينأى بها عن مهاترات ما أنزل الله بها من سلطان، وأن ما تحمله من إرث حضاري قد لعب دورًا كبيرًا في تشكيل وعي قادتها وإيمان شعبها بأن اليد الواحدة لا تصفق، وأن الأمة المنقسمة لا يمكن أن تواجه إلا مصيرًا كارثيًا، وأن الدولة المرتهنة إلى الخارج من الممكن أن تمر بأحلك الظروف وأشرس المنقلبات.

من هنا كان حرص رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه في مجلسه العتيد مكتظ بالتوجيهات السديدة التي تدفع باتجاه وحدة المجتمع البحريني، تمامًا مثلما هي الحال في المشروع الإصلاحي الكبير لحضرة صاحب الجلالة الملك حفظه الله ورعاه الذي كافح التمييز وانتصر على الطائفية والفئوية والمناطقة، وذلك قبل أن يلعب دورًا مهمًا في إرساء حجر أساس لديمقراطية قائمة على العدل، ولحريات صنوانها احترام الآخر وصون حريته وعدم الاعتداء على خصوصيته.

من هنا ومن الملف العتيد يمكننا أن نعثر على الكثير من الكنوز التي تهيئ لنا سبيل العيش الكريم، وتضيف لمراحل تطورنا ذلك الإيمان المفعم بالوطنية الخالصة أو ذلك المدجج بمنجزات يمكن البناء عليها، بدلًا من توجيه اللوم إلى مخارج ألفاظها أو منطلقات سلوكياتها، أو أدبيات يمكن تعديل زوايا رؤيتها إذا حسنت النوايا وصدقت الرؤى، وصُفيت النفوس.

الملف العتيد من المجلس الكريم جزء من مسيرة وطن، وفصيل مرتبط بحركة تاريخ، وصيرورة مجتمع، وعمادة قبول بالآخر.

علومنا هي عادتنا، وفنوننا هي تقاليدنا، وآدابنا، هي أن نستمع أكثر من نتكلم، وأن نرى أكثر مما نشاهد، وأن نحتفي بالضيف أكثر مما يتوق في مقصده إلينا بالحاجة الملحة أو بالطلب العاجل.

مملكة البحرين بخير، جنة من جنان الخالق عزّ وجل، وبوصلة تنوير يمكن أن تضيف إلى سجايا أمتها نورًا بعد نور، وخلقًا في أبهى صور الخالق، وعزًا في أقدس بقاع الدنيا التي حباها الله بالثمرات فأنبتت في “كل سنبلة مائة حبة”.

مملكة البحرين وملفاتها، المجلس العتيد وأطروحاته المتفكرة، ملكها ورئيس وزرائها وولي عهدها وقادتها المتعاقبون، جزء لا يتجزأ من كيان أمة، وأثر مثلما هو عين لكل مرتقبٍ عزيز، ولكل طالبٍ مُجد، ولكل أمل نسعى من خلاله أن نقيم صروحنا على قاعدة ارتكاز ثرية بأصل المعتقد، وجذور المرتجى، ونُبل المحتوى.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .