العدد 4324
الأحد 16 أغسطس 2020
banner
عينٌ على الخطر
الأحد 16 أغسطس 2020

على قاعدة “المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين”، يفكر رئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان حفظه الله ورعاه، يستبق التحدي بخطوات، والحادث العارض لا سمح الله بالاحتراز، قبل أيام أصدر سموه توجيهًا كريمًا للجهات المعنية بضرورة تشديد الرقابة على الورش والكراجات، مراجعة تراخيصها، وكذلك الحال بالنسبة للمعامل الكائنة في المناطق الصناعية والتجارية وتلك المجاورة للمناطق السكنية في مختلف محافظات المملكة.


التوجيه الكريم يهدف إلى التأكد من التزام هذه الكراجات والورش وكذلك المعامل باشتراطات الأمن والسلامة تجنبًا لأية مخاطر أو أحداث محتملة لا قدر الله.


والخطوة البحرينية الاستباقية تأتي بعد التفجير المروع الذي قضى على الأخضر واليابس في مرفأ بيروت الحبيبة، إهمال الدولة كان سببًا في الكارثة، وغض الطرف عن المناطق والمواد الحساسة المخزنة فيها أصبح بمثابة الشيطان الذي يتتبعه كل صانع قرار ليس في لبنان الجريح فحسب إنما في مختلف أرجاء المنطقة أيضًا.


الأمير خليفة بطبعه يفكر باحتساب ودقة في تأمين كل المواقع التي يتم فيها تخزين أية مواد، وسموه بنظرته الثاقبة يدرك دائمًا بأن الأمن والأمان هما صنوانا الأمم المتحضرة، وقواعد السلامة هي العمود الفقري لأي ازدهار اقتصادي وأي أمان مجتمعي، وأي استقرار سياسي.


من هنا كان التوجيه الكريم من سمو الرئيس بمثابة الخطوة الاستباقية التي تقدمت الصفوف ونحن مستمرون في بناء الوطن وفي تأمين الإنسان والمكان من كل ما قد يشوب حركته أو يعرقل نهضته، أو يعوق تطلعاته، ومن هنا كان يجب أن نضع النقاط فوق الحروف وتحتها إزاء مختلف المناطق المرخص لها بتخزين حاويات تحتوي مواد ذات طابع حساس، أو تلك التي تستخدم في معامل الأبحاث ومراكز التجارب من مواد كيماوية وأخرى طبيعية، ناهيك عن تلك المواد التي تختلط فيها أنساب الحلقات البتروكيماوية، والتي من شأنها أن تكون شديدة الحساسية والتفاعل مع بعضها البعض، ومع الأجواء المحيطة بها تأثرًا أو ترابطًا أو تعاظمًا أو تحولًا من مادة إلى أخرى، ومن مواد إلى مواد، بل ومن طبيعة آمنة إلى أخرى أكثر خطرًا وشراسة على البيئة المحيطة.


البحرين آمنة وستظل بحكمة قادتها أكثر قدرة على رفع رايات الطمأنينة على كل بيت، وعلى كل محافظة، على الزرع والضرع والسكن والسكينة؛ من أجل أن تنعم البلاد وينعم العباد بالخير الذي حصدوا ثماره، والنعم التي غرسوا فسائلها، والجذور التي عمرت في الأرض طويلًا ونشأت وترعرعت معها شخصية المواطن لتضفي على رُبا البلدان ذلك الحنو الطاغي، وتلك الحقيقة المبهجة المرفرفة على على صواري موانينا، وفوق منارات مآذننا وكنائسنا وقلاعنا وقرانا، إنه الستر من الله، والحنكة من قادة ملمون بحقائق التاريخ ومستوعبون لحركة الحياة، ومؤمنون بحقوق المواطن، وهو السير في طريق آمن مطمئن معبد بالعلوم والفنون والإدارة المُحكمة الحديثة، واليقظة اليانعة في كل موقع عمل وفي كل شأن إنتاجي، وفي كل منحى تطوعي، إنها الحياة في شكلها الدلموني القديم، وهي السرائر النقية في مضامينها المتألقة المحلقة في البعد من الحاضر وعلى المدى من المستقبل، وعلى المشاهدة لإحداثيات الماضي الجميل.


رئيس الوزراء كعهدنا به لا يترك شاردة ولا واردة إلا وأشبعها بحثًا وتفكرًا وتيمنًا بتجارب من سبقونا، ومحاولات من يتجاورون معنا، ومكابدات من وقعت أعيننا عليهم وهم يعانون شرور غياب الأمن، وكوارث انعدام الأمان.
بيروت درس قاس، وبيروت خطى على طريق التعلم من الدرس، والتنبؤ بالقادم، والحفظ لمكتسبات، واجبنا حمايتها، ودورنا فرزها ورعايتها “والله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين”.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .