العدد 4340
الثلاثاء 01 سبتمبر 2020
banner
د.حورية الديري
د.حورية الديري
تدخلت السماء
الثلاثاء 01 سبتمبر 2020

"استمر الحلم يراوده منذ طفولته، إلا أن صدمته جاءت كبيرة عندما علم بزواج ابنة عمه من شاب غيره، وهي التي ارتبط اسمها باسمه منذ سنوات طفولتهما البريئة، إذ تدخلت رغبات البشر لتغير حياته، ورأى حلمه الكبير يتبدد وهو لا حول له ولا قوة، فهو الشاب البسيط في حياته وإمكانياته مقابل ذاك الجاه وسعة العيش التي يعيشها الشاب الآخر الذي تم تزويجه من أجمل فتيات الحي كما يراها دائمًا، عاش فترة ليست قصيرة مكسور القلب، غير متقبل ما حصل له، معاتبًا ضعفه وقلة إمكانياته التي حالت بينه وبين تحقيق الحلم الجميل، ولم يجد ما يضمد جراحه سوى بصيص من الأمل، حتى أنه قرر عدم الزواج أبدًا".
لم أعلم من تلك القصة إلا اليسير، لكن كعادتي أقف كثيرًا أمام المواقف وردود الأفعال ودوافعها، فتصفحت الأفكار وكتبت هذا المقال علنا نتشارك معًا الأثر الذي يحدثه لنا عنصر المفاجأة في تغير الحدث، أو ما قد يسميه البعض خيبة الأمل، وقد نسرد حول ذلك الكثير من المواقف ونتذكر العديد من الأحداث التي مرت بنا.
ولا يمكنني المرور دون تقريب الصورة بشكل أوضح، كي نصل معًا إلى ما يجعلنا نؤمن بالقدر ونتقبل التغيير ونتعايش مع الحدث ذاته، ربما يساعدنا ذلك في مراجعة أمور عدة في حياتنا، وذلك عبر إدخال عنصر المرونة في تقبل متغيرات الحدث ذاته والظروف التي قد تؤثر في صياغة النتائج مهما كانت، فلابد لنا من الاستعداد للقدر في ذلك، والقبول التام بما يحصل لأنه قد يأتي بما لا ندركه من الخير والصلاح.
نعود لتلك القصة "سار الشاب البسيط متأرجحًا بين أحلامه المحبطة وآماله المحطمة، وبقيت معه تلك الذكريات الجميلة واللحظات الحالمة التي جمعت بينه وبين ابنة عمه، حيث رسما معًا حياة تشبه الأحلام... وحصل ما لم يكن يتوقعه، توفي ذلك الزوج الشاب بعد فترة من الزواج في حادثة عمل لم ينج منها، بعدها رأى الشاب حلمه البعيد المشتت قد اقترب وعليه المسارعة في تحقيقه، وهكذا تدخلت السماء وكان القدر مرسومًا في النهاية لذلك الشاب في مساعيه"... وهنا نقول، جميل أن يكون لنا حد لا سقف له من الأهداف، ولأن الحياة بها العديد من المتغيرات التي ترتبط بالظروف والإمكانيات فلابد لنا أن نمرحل خطواتنا بكل واقعية، كي نبني ما يساعدنا في الصعود لتعميق الرؤية لما هو كامن وراء السقف.
الآن، هل نستطيع القول إننا جاهزون؟ كي نعيد مراجعة أهدافنا بناءً على كل المعطيات التي ترتبط بواقعنا، هل نستطيع أن نحدد الفرص والإمكانيات التي تمكننا من وضع أهداف واقعية قابلة للانطلاق؟ ومن ثم نترك الأمر لتدخلات السماء.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية