من يعتقد أن التغيير، يتطلب رفع السلاح وتفجير العبوات الدامية، من يعتقد أن التغيير، يتطلب الصراخ والشعارات والخطب الرنانة، ومن يظن أن تغيير العالم يقتضي ثورات دموية تحرق الأخضر واليابس، من يؤمن بذلك فأمامه نتيجة صادمة على ثلثي الخريطة العربية والأفريقية، لدول وشعوب، لم يؤد كلّ ذلك الاعتقاد سوى للفقر والمجاعة والحروب القبلية والطائفية وحكم الميليشيات... لن تُغير أو تَتغيّر، ما لم تقرأ كتابا، ولن تُغيّر أو تتغيّر إن لم تحب الموسيقى، لن تُغير إن كنت عدوا للديانات والعقائد والأخرى.

التغيير، بهذا العصر بالذات، يبدأ من الذات، من الإيمان بحرية الفرد بحياتهِ الشخصية الخاصة، قبل المطالبة بالحريات العامة، فإن كنت لا تؤمن وتقر بحرية الفرد باختيار ثقافته وملبسه وديانته من عدمها، وإن كنت لا تؤمن بحرية الاعتقاد للفرد، كيف ستُغير الكون؟ وإن كنت لا تؤمن بحق الآخر بالتفكير، كيف تفكر بإقامة دولة ديمقراطية مزعومة؟ لا تخدع نفسك ولا تخدعنا معك طالما لا تؤمن بالحريات الخاصة والتسامح الديني وقبول الآخر مهما كانت عقيدته، والتحرر من العصبية للطائفة والقبيلة والحزب السياسي، فأنت عبد لكلّ هذه المكونات ما لم تتحرر منها وتصبح حر نفسك، لن تفيد الثورات وسفك الدماء وإطلاق أبواق الزعيق والشعارات، ما دمت عبدًا لحزبك أو قبيلتك وطائفتك ومذهبك... اخرج أيها الإنسان من هذه الفقاعات وسترى العالم حرا وبلدك حرا وكل شيء حولك ستراه حرًا... فقط اخرج من وراء السور الذي عزلت نفسك فيه.

تحرر من القيود، تحرر من هيمنة الآخرين وسيطرتهم، تحرر من الشعور بالوحدة المظلمة الداخلية الوهمية، تحرر من الحسد والغيرة، تحرر من تصريحات وتعليقات وترهات الفارغين، تحرر من الرد على كل نسيج عنكبوت وذباب وسائل التواصل الاجتماعي! تحرر من أفكارك الدخيلة الضبابية التي تشكل سحابة فوق رأسك، تحرر من كل ذلك واكتف بالتأمل والاسترخاء واليوغا والرياضة والموسيقى والقراءة والكتابة والحب، وعش في ضوضاء خلاقة مع نفسك! ستعيش في عالم خيالي، جرب ذلك مرة واحدة فقط، وستدهش من جمال الدنيا رغم الأزمات.

العالم اليوم رغم الأزمات والوباء والضيق والفقر، لكنه عالم قابل للتغيير بمجرد أن يتغير الإنسان ذاتيًا أولاً ثم يبدأ التغيير الذي يراه ويطمح إليه، من الصعب أن تغير عالمك وأنت في داخلك سجين نفسك، فكّ القيود عن ذاتك ثم ابدأ البحث عن الحرية التي تنشدها.

تنويرة:

لا تستطيع تغيير العالم وحدك، لكن تستطيع تغيير صورته.