+A
A-

عبدالغفار تروي لـ "البلاد" تجربة عائلتها مع كوفيد 19

علينا جميعا كبحرينيين الإشادة بجهود وعمل الفريق الوطني وكوادره في الصفوف الأولى التي تتابع الكشف والتقصي والعلاج، وأن نقدم الشكر لهم جميعهم من أطباء وممرضين وممارسين طبيين ومن العاملين في المختبرات وفي الخدمات والنقل والتغذية وغيرهم من الفرق المساندة وفي كافة المواقع، فهم من يدافع عنا ويعمل ليل نهار دون كلل أو ملل؛ من أجل الحفاظ على حياتنا وصحتنا، ويكفينا شرفا أن البحرين حازت إشاده عالمية لنجاحها في التصدي لجائحة كوفيد 19 بفضل جهودهم المتميزة.

بهذه العبارات المليئة بالفخر والاعتزاز والتقدير للفريق الوطني، نقلت الاعلامية أروى عبدالغفار لـ "البلاد" تجربة عائلتها التي أصيبت جميعها بفيروس كورونا، وتقول في لقاء خصت به "البلاد":

"كانت مفاجأة صادمة عندما أخبرتني والدتي بأن أخي مصاب بفيروس كورونا وسيتم الحجر عليه صحيا، وقد تم نقله فعلا في تلك الليلة إلى الحجر الصحي، علما بأنه كان قد أجرى فحوصات فيروس كورونا مرتين قبل هذه المرة وكانت النتيجة سالبة، ولكن بحكم ظروف عمل أخي والتي تفرض عليه التواجد والتعامل مع المسافرين كان الفيروس أقوى منه واقتحم جسمه وسيطر عليه وانتشر فيه بقوة".

وتضيف، بعد أن عرفنا بإصابة أخي كنت أفكر بأمي التي تجاوزت الستين والتي تعاني مرضا مزمنا أيضا، وبابن أخي ذي الأشهرالسبعة، وأبناء أخي الآخرين وأطفالهم وزوجاتهم، كنت خائفة؛ لأني أعرف أن عدوى الفيروس ستنتشر بيننا بسرعة وسينتقل المرض إلى العائلة جميعا؛ لاننا نعيش معا في بيتنا "العود"، وبحكم معرفتي بأن فيروس كورونا سريع الانتشار، اتصلت فورا بوزارة الصحة لتقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة.

وتشدد: يخطئ من يخفي أمر الإصابة، إذ عليه فورا الإبلاغ، طلبوا منا جميعا الخضوع لإجراء الفحوصات اللازمة؛ للتأكد من عدم إصابتتا بعدوى الفيروس.

ومن خلال الاتصال بـ " 444 " تم حجز موعد لنا، ذهبنا إلى مركز أرض المعارض لإجراء الفحص، وهناك طافت في بالي ذكريات الفرح مع معرض الخريف، ومعرض الكتاب الدولي، والمعرض الدولي للحدائق، وتمثلت لي وأنا داخل المركز جهود الحكومة والفريق الوطني في سرعة تحويل المركز إلى مكان للفحوصات الطبية يعج بالكوادر الطبية من كل التخصصات، في خطوة تؤكد حرص الحكومة على الاهتمام بسلامة المواطنين، وهذا يؤكد الرؤية الحكيمة لرئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان، وسرعة عمل الحكومة في تسخير كافة الإمكانات؛ من أجل صحة وسلامة المواطنين.

وتم استقبالنا وإعطاؤنا مطبوعات مجانية خاصة بتعليمات حول الحجر المنزلي، كانت جميع الكوادر الطبية ترتدي الملابس الواقية ضد الفيروسات، وكان الأطباء العاملون وبالرغم من عملهم المتواصل لطفاء، ويتحلون بالصبر مع الجميع، حتى جاء دوري للفحص، أغمضت عيني وأسندت رأسي للوراء، وكأنني في حال استرخاء وهدوء، لكن بمجرد أن أُدخل ذاك العود الطبي في أنفي لم أحتمل الشعور الغريب الممزوج بالألم، فنزلت دموعي وبدأت بالبكاء.

وتكمل، قضينا تلك الليلة في البيت في سكون وهدوء وخوف ممزوج برهبة من النتائج الطبية، لكننا اتصلنا بكل من نعرف، وأبلغناهم بعدم الحضور للبيت؛ خوفا أن يلتقط العدوى أي زائر من الأهل أو من الجيران أو من الأصدقاء، حجرنا أنفسنا، مع تطبيق كافة الاحترازات المطلوبة.

لقد نقل أخي الفيروس دون أن يدري إلى كل عائلتنا، وفي الصباح أخبرت أمي أن نتيجتي سليمة وأني غير مصابة وكذلك كافة الأطفال، ولكني كنت خائفة على أمي كثيرا، وبعد ساعة تم إخبارنا أن بقية العائلة مصابة، ومن ضمنها أمي وإخواني، وضاقت بي الأرض وبكيت خوفا ورهبة من الفيروس اللعين الذي اقتحم بيتنا الهادئ.

كانت أمي وأخي محجورين في غرفهم حتى يتم نقلهما إلى الحجر ومعهم زوجة أخي مع رضيعها ذي الأشهر السبعة وأخته الصغيرة، واتجهت إلى الله ليلطف بنا وبكل المرضى واستودعت الله أمي وإخواني وأولادهم، كانت الدنيا سوداء أمامي، وأنا أرى كل عائلتي مصابة بكورونا، ولكني كنت أثق بالفريق الوطني وبقدرة أطبائنا وكوادرنا الطبية، علما أنني بكيت بشدة لخوفي على عائلتي، ثم اتجهت لتقوية مناعتي وصحتي من خلال الغذاء والمكملات الصحية لأستطيع رعاية عائلتي.

وتردف: قامت وزارة الصحة بواجبها على أفضل وجه وإن طرأ بعض تأخير بسبب الأعداد الكبيرة من الفحوص ومن الحالات التي يتم استقبالها.

نقلت عائلتي إلى المحجر الصحي، وكنت دائمة الاستغفار والدعاء للجميع وحريصة على تعقيم البيت وكل ما نستخدمه يوميا، حتى جاء موعدنا للفحص الثاني، وتواصلت معي إدارة الصحة العامة لأخذ البيانات والمعلومات ولإخباري بضرورة تجهيز ما يلزم للذهاب إلى الحجر الصحي أيضا.

وتكمل، جاءت الحافلة لتنقلنا أنا وابن أخي إلى الحجر، ركبت الحافلة، وكان يفصلنا حاجز عن السائق، والذي كان يرتدي بدله واقية، تجولنا ونحن في الحافلة في مواقع عدة بالمنامة لنقل مصابين بجولة استمرت لأكثر من 5 ساعات.

وتضيف، اخترنا الحجر بالفندق مثل بقية أفراد العائلة، وقبل دخولنا حضرت إحدى الكوادر الطبية وقامت بإجراء فحص الحرارة ونبض القلب، بينما ظلت الحقائب عند المدخل للتعقيم، ثم توجهنا إلى غرفتنا بصحبة الدكتورة كانت الغرفة في الطابق الرابع عشر وبعد مضي ساعة ونصف استلمت الحقائب، كان يوما مرهقا متعبا، فنمت نوما عميقا، واستمرت أيام الحجر، وقضيت فترة الحجر الصحي في الصلاة وقراءة القرآن الكريم والرد على الاتصالات الهاتفية الداعمة، ثم تم أخذ عينة جديدة، وجاءت النتيجة لتعلن أننا غير مصابين، وفي اليوم التالي جهزنا نفسنا للخروج وقد ألبسوني ساعة إلكترونية مرتبطة مع برنامج مجتمع واعي بصورة إلكترونية؛ لاستكمل الحجر لـ 14 يوما في البيت.

وتختتم الإعلامية أروى عبد الغفار بعد كل هذه القصة، لابد أن نخاف من نقل الفيروس لعوائلنا، وعدم مخالطة من نشك بإصابتهم، وضرورة الاتصال والإبلاغ عن الحالة فورا في حال الإصابة، وحجر أنفسنا حتى لا ننقل الفيروس للآخرين.