إن مجلس الإدارة الجديد مطالب اليوم قبل غد أن ينبش في أوراق الإدارة السابقة، وينفض الغبار، ويرصد بعين نسر وقلب أسد وإصبع فنان كل التجاوزات السابقة؛ لتصليح الأخطاء خصوصا أن بعضها موثقة في تقارير ديوان الرقابة. والأمل بعد تعقيم الملفات السابقة عرضها على الدولة، وعلى الناس؛ لتخبرنا ماذا فعلت تجاهها، وتجاه القرارات (القراقوشية) و(الانكشارية) التي تذكرنا بقرارات الخلافة العثمانية وما فعلته في العالم العربي لستة قرون.
حدثت تجاوزات في الوقف التي لا يصل لها حتى (برنارد مادوف) في وول ستريت في أمريكا. ونريد تقريرا مفصلا بوضوح: كم كان حجم خزانة الأوقاف من الماضي السحيق إلى يوم استلام المجلس الجديد؛ لنعرف حجم الهدر السابق، وكم صرف منها، وعلى ماذا صرف، وكيف يمكن إرجاع كل الأموال التي ذهبت مع الريح ومع الجيوب. وما نوعية المناقصات التي تمت، و كيف تمت، وقائمة لكل المستثمرين الذين رست عليهم المناقصات؛ لفرز المناقصات السليمة والمناقصات المشبوهة خصوصا إذا كانت هناك صلة قرابة لأي فرد في إدارة الأوقاف. ثم إلزام المستفيدين بصورة غير قانونية بإرجاع الأموال جميعا حتى لو قاد إلى تصفير حساباتهم وصول القضايا لأروقة المحاكم دون النظر إلى نوعية قماش الأسماء. فلا هيبة إلا للقانون.
لهذا، اليوم مجلس الإدارة الجديد مطالب ليبرئ ذمته من أي خطأ سابق لم يرتكب في عهده- وكلنا نقف معه - بتحقيق شفاف واضح يعرضه على الدولة ويتعاطى مع الصحافة بشفافية وبلغة الأرقام مع نشر الحقيقة عن كل الأموال السابقة، والتجاوزات وعن وضوح تام للتحقيق في ذلكً.
وكلنا ثقة في أن هذا سيكون خيار المجلس الكريم. هذا مال وقفي مقدس، فبمنطق الفقة لا يجوز شرعا، وبمنطق القانون المدني يعاقب عليه القانون. واليوم كلنا في انتظار ما ستؤول إليه الأمور، ولكشف واضح عن كل صغيرة وكبيرة من أموال مأتم الهملة الذي أصبح هذا المأتم بين أسنان تمساح الديون وسياط القدر. وسوف يكون لهذا المأتم مقالات خاصة لإعادة الأمر إلى مساره الصحيح. إلى معرفة المناقصات التي تم إرساؤها في بناء إو تشييد أو ترميم أي مسجد أو مأتم من مسجد شيخ عزيز وغيره وبلغة الأرقام.
وأقول ذلك لصالح مجلس الإدارة الجديد؛ لأنه إذا اتخذ هذا الموقف سيعطيه مصداقية كبرى لدى الدولة، ولدى المجتمع بان في عهده تمت الشفافية، وتم محاسبة الجميع، وليس فقط الأسماك الصغيرة. موضوع سرقة مكيف هنا أو مال من ضريح هنا مسالة مهمة، ولكن الأهم من كل ذلك هو أن نبدأ من التجاوزات التي بالملايين، فهي أهم حتى لا نكرر قصة (جان فالجان) في رواية البؤساء لفيكتور هيجو، وإن بصورة مختلفة بأن يحاسب الصغار وينسى الكبار.
وهذا هو المؤمل. إذا كان هناك من ترّبح مال من الوقف، فيجب إرجاع هذا المال؛ لأنه مال وقف الإمام الحسين “ع”، والمال المقدس لا يسقط بالتقادم . خزانة الأوقاف مليئة بالشقوق والثقوب، وعلى الإدارة ترميم ذلك، ولن يكون أفضل من إرجاع الأموال بالتعاون أيضا مع وزارة العدل. وهنا اسمحوا لي بالترافع والاستجواب الصحافي عبر منصة الصحافة بهذه الأسئلة، ونريد إجابات شافية، وسيستمر الاستجواب لسبعين استجوابا من الأسئلة إلى أن نرى الإجابات الشافية أو إذا وجدنا حلولا على الأرض لكل التجاوزات التي حصلت سابقا. السؤال الأول: كم حجم ملف الأراضي غير المسجلة للآن؟ وماذا فعل مجلس الإدارة في السعي للإصدار وثائق ملكية لها، وإن عدم الحصول على حيازة وثيقة ملكية لأكثر من 700 أرض في مختلف مناطق البحرين يعد كارثة بحق وقف الإمام الحسين “ع”، وعند تسجيلها يمكن استثمارها لتصب في خدمة الوقف وخدمة الوطن والمجتمع علما أن جهاز المساحة والتسجيل العقاري قد استندا إلى سجل الموثق الأول (السيد عدنان الموسوي)؛ كونه المرجع الرسمي الوحيد الذي يوثق الأراضي الوقفية، ومواقعها وحدودها، وتم وضع قيد عقاري في المسح العمومي يثبت كونها وقفا تابعا لإدارة الأوقاف الجعفرية؟
لهذا نلتمس من حكومتنا الموقرة أن تدعو القائمين على هذه الشأن بالتوثيق مشكورة، ونحن على إيمان أن الدولة لن تألو جهدا في ذلك كما حدث في 2004 عندما كتبت في ذلك، وترافعت عن حقوق الأوقاف، وحققت في الملف، فالدولة وقفت معنا مشكورة. ونحن نعلم أن سمو رئيس الوزراء سباق لخدمة كل ما يتعلق بالوقف كرئيس لسلطة تنفيذية، وأنا على يقين بأن أغلب الوقفيات نستطيع تسجيلها، وسنقيم ذات يوم حفلا كبيرا مع الناس، شاكرين كل من ساهم في ذلك خصوصا جلالة الملك وسمو رئيس الوزراء وسمو ولي العهد.
في عهد الإصلاح لجلالة الملك يمكن تحقيق عظيم الإنجازات.
والسؤال الآخر: ماذا فعلت إدارة الاوقاف مع ملف الأراضي الوقفية الواقعة ضمن المشاريع الإسكانية، والتي كان بعضها عالقا في المحاكم لسنوات طويلة في السابق؛ بسبب ضم الأراضي الوقفية غير المسجلة ضمن مشاريع الاستملاك للمنفعة العامة. علما أن هناك تاكيدا كتابيا حصلت الإدارة عليه من وزارة الإسكان تتعهد فيه الوزراة بالتعويض عن الأراضي الوقفية.
وهنا نوجه الخطاب لوزارة الإسكان بأن تقوم مشكورة بتسريع التعويض المناسب لاأاضي الوقفية على أن يكون ذلك بسعر الأراضي وقت ذروة أسعارها المرتفعة أيام أخذها، وسيكون لي مقالات نقاشية مع وزارة الإسكان عن أراضي الرملي وسند وسترة لنصل لحل هذه الملف. وهنا ينبغي لإدارة الأوقاف مراجعة تعويضات مأتم كرزكان، والتأكد من أنه حصل على التعويضات المناسبة عن الاستملاكات المخصصة للمأتم.