+A
A-

برامج رامز جلال" تجربة بالغة الخطورة واشبه بعملية تخريب

اهم ما يجب أن يتحلى به الفنان هو الوعي، ويعرف تمام المعرفة كيف يقدم الرسالة باعتبار أن الفن رسالة عظيمة لا يحملها الا من يعرف قيمتها، ومن المهم أيضا ان يحسن الفنان الاختيار، ويعرف كيف يوصل ما يقوم به الى المشاهد. الفنان غير الواعي يتسبب بشكل كبير في اللخبطة، اللخبطة في كل شيء وهذه النوعية من الفنانين لا يملكون الصدق وحب العمل، انهم كمن يقف على جسر مهدوم، كمن يمشي ولكنه يعود الى الوراء، الى الصفر، لا يملكون رؤية واضحة، وأفقهم ضيق للغاية.

 

قبل عدة مواسم رمضانية خرج على المشاهد العربي برنامج " رامز" ..    "رامز قرش البحر"، و"رامز واكل الجو" و"رامز بيلعب بالنار" و"رامز تحت الأرض" و"رامز تحت الصفر" و"رامز في الشلال"، واخر برنامج قدمه لنا كجمود الحجر" رامز مجنون رسمي" لا يحمل أي هدف ومعنى سوى التهريج والضحك والمياعة والصرخات التي تهز غشاء الاذن. برنامج ينبت في عتمة الجحور وينثر القرف في كل مكان، والاصوات المنبعثة من حناياه أصوات كاذبة ومتفقة مع المدعو رامز في مؤامرة على المشاهدين وصلت الى حدودها القصوى. كلما حاول رامز إشاعة الجو الجميل حول برنامجه، وقف له القدر بضربة تقصم الظهر، فموجة الانتقاد اللاذع لم تتوقف، فقد (اعتبر الإعلامي اللبناني وسام بريدي أن النجوم الذين وافقوا على الظهور في برنامج "رامز مجنون رسمي" على علم مسبق بهذا المقلب وكتب قائلاً: في أبشع وأسخف من برنامج المقالب والأسخف هني المشاهير يلي بروحوا يبهدلوا حالن وهني عارفين بالضرب، اشبعوا وخلوا عندكن شوية كرامة). وأعربت الإعلاميتان السعوديتان لجين وأسيل عمران (عن استيائهما الشديد من برنامج المقالب معتبرتين ما يحدث فيه هو إذلال للضيوف، وعلقت أسيل بعد سقوط لاعب النادي الأهلي علي معلول ضحية حلقة قائلة: “مو معقول الواحد قاعد يشوف رجال بيرجف كده والله عيب، يعني الي بيعرف يستاهل).

وبالرغم من دفاع القناة العارضة عن البرنامج بالقول(بأن حلقات البرنامج لا تُبث إلا بعد الحصول على موافقة الضيوف المعنيين، وذلك عقب تعرّضهم للمقلب وليس قبله، بحيث تجيز تلك الموافقات عرض الحلقات في إطار من التفاهم المشترك والثقة المُتبادلة.. وقد تجاوز عدد مشاهَدات الإعلان الترويجي الخاص بالبرنامج على الإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي نحو 34 مليون مُشاهدة حتى الآن، وأن هذا النمط من البرامج الترفيهية حاضر بقوة عالميًا ويتمتع بشعبية كبيرة على الكثير من التلفزيونات والشبكات الرائدة) إلا هذا الدفاع مردود عليه، فمن الطبيعي ان  تلهث القنوات خلف المردود المادي على حساب القيم الجمالية والروحية للعمل، ثم ان شعبية مثل هذه البرامج على المستوى العالمي ليس مقياسا للنجاح، بقدر ما هو انحدار بالذوق العام ومحاولة جادة لخلق قاعدة من " المسخرة" تقف ضد البرامج الهادفة وتقدمها. 

الثقافة والفنون والاعلام هي من أرقي ثمار الحضارة الإنسانية ومن أكثر الوسائل التي ابتكرها الانسان، قوة وتأثيرا في التعبير عن أوضاعه الاجتماعية وعن مشاعره ومطامحه وتطلعاته، وحين تخرج الثقافة والفنون والاعلام عن مضامينها واتجاهاتها الرئيسية " كما تفعل برامج رامز جلال" حينها تتوالى النكسات على المجتمع والامراض الخطيرة، فأقولها بثقة ...برامج رامز جلال تجربة بالغة الحرج والخطورة وتيار ضار بالفن العربي واشبه بعملية تخريب تأخذ في بعض الأحيان شكل التعمد الموجه، وليس عن فهم ساذج!