عندما يكون الحديث عن الفضاء والتكنولوجيا والتقدم والتحضر وغيرها من القضايا والمفاهيم الإيجابية، فلا يمكن أن نتصور أبدًا أن يكون لإيران ذكر أو دور، بعد أن وضعت نفسها في صف كل ما يثير الاشمئزاز والنفور، وكل ما هو سلبي وخطير.
لذا، كان غريبًا أن يعلن ما يسمى بالحرس الثوري الإيراني مؤخرًا عن إطلاق أول قمر صناعي عسكري “نور” من قاعدة بإحدى صحاري البلاد على مسافة 425 كلم، وأنه استقر بنجاح في مداره حول الأرض وذلك بعد عدة تجارب فاشلة، فيما اعتبره إنجازا كبيرا على الصعيد الفضائي للجمهورية الإسلامية.
هذا النجاح الذي زعمته إيران في هذا المضمار الخطير الذي يرتبط بطموحات النظام وأنشطته العسكرية وأهوائه ورغباته في التهديد الدائم لأمن المنطقة واستقرارها، يقابله فشل ذريع في قضية صحية تمس الشعب الإيراني وجعلت من إيران واحدة من أكبر بؤر انتشار فيروس كورونا في العالم، وقبلها وبعدها فشل في قضايا حياتية تتعلق بهذا الشعب الذي يعيش في معظمه حالة من الفقر الشديد لأنه يأتي في ذيل اهتمامات نظامه إن كان له ترتيب بالأساس في تلك الاهتمامات.
ويؤكد إطلاق القمر الصناعي العسكري كذب النظام الإيراني في ادعائه أن العقوبات الاقتصادية الأميركية سبب الفشل في مواجهة أزمة كورونا التي حصدت أرواح الآلاف من أبناء الشعب الإيراني، وتمنعها من توفير الموارد اللازمة لعلاج المصابين بالفيروس وعدم توفير الإمدادات الطبية الحيوية والمعدات اللازمة.
يبدو أن اهتمام النظام الإيراني منصب فقط على هدف واحد هو تطوير الصواريخ الباليستية واكتمال برنامجه النووي، وأنه غير مستعد حتى لتأجيل تحقيق هذه الطموحات لحين الانتهاء وتجاوز الأزمة المستعصية التي تشهدها البلاد بفعل وباء كورونا، وهو ما يؤكد مرة أخرى أن هذه الأهداف ليست لخدمة الشعب الإيراني، إنما لأجل ميلشيات إرهابية ونزعات استعمارية وتوسعية مترسخة في أركان النظام الإيراني، الأمر الذي يزيد الفجوة المتسعة أصلا بين الشعب والنظام.