+A
A-

أستاذ التربية أسامة المهدي: عليكم بالتخطيط الناجح مع أفراد الأسرة

الوضع "طاريء وصعب" بالنسبة للبعض.. و"تحدي" للبعض الآخر

كيف هو الوضع بالنسبة لكم كولي أو ولية أمر مع تعليق الدراسة بسبب "أزمة فيروس كورونا" واستخدام التعليم الإلكتروني؟ هذا التساؤل ربما يلقى العديد من الإجابات المتنوعة، فالكثير من أولياء الأمور يتساءلون حول الطريقة المثلى لمتابعة أبنائهم دراسيًا خلال فترة تعليق الدراسة، ويكثر الحديث حول كيفية استثمار وقت جلوس الطلبة في المنزل لتحقيق أقصى استفادة من ناحية التعلم المدرسي، وكذلك تطوير المهارات وتنمية الاهتمامات.

المادة العلمية كثيرة

"البلاد" سألت عددًا من أولياء الأمور حول تجربتهم، وهنا، تعبر ولية الأمر شفاء سيف عن صعوبة الوضع بالنسبة لها فتقول :"بصراحة، الموضوع صعب جدًا، خصوصًا وأنا أم عاملة ولدي ابنتان في مرحلة الدراسة بنظام الفصل، ومع ذلك، أحاول الجلوس مع كل واحدة منهم ساعة واحدة فقط اقسمها بين مادتين، فذهابي للعمل وعودتي الساعة الثالثة عصرًا لا يوفر لي الكثير من الوقت".

وتشير إلى أن ابنتاها تنهمكان في التعليم الالكتروني بين البوابة التعليمية والباوربوينت والفيديوات التعليمية، ولكن لكثرة المادة العلمية، يصعب علي كولية أمر متابعتها كلها في الوقت المطلوب.

كانت الصدمة الأولى

مع توقف الدراسة التقليدية واللجوء إلى التعلم الألكتروني، أصبحت أيامنا الأولى في المنزل تفتقر إلى الروتين الاعتيادي والذي يعطي الأم بعض من السويعات التي تستطيع من خلالها أن تستجمع طاقتها للاستمرارية في اليوم، هكذا تقول ولية الأمر بدور خلف وتضيف.. كانت أول صدمة شعرت بها هي عدم وجود هذا الوقت والفراغ الكبير الذي اجتاح وقت أبنائي، وأردت استغلال هذا الوقت واتجهت في الأيام الأولى إلى مراجعة بعض الدروس التي بعثتها المدرسة والذي لاقى رفض تام، فهذه الأيام، كما يرونها، أيام اجازة ولهم الحق في اللعب والمرح.

تقدير المستوى بشكل أفضل

وتواصل حديثها.. وما أن دخلنا في الأسبوع الثاني حتى استطاعت المدرسة تنسيق الأمر بطريقة أفضل وإرسال العديد من الأوراق ومواقع الكترونية مفيدة، وفي هذه الأثناء، استطعت تقدير مستوى أبنائي والتركيز بشكل أكبر على نقاط الضعف لديهم، إلى جانب استخدام سبل أخرى كاللعب في توصيل المعلومات والقيام بالأنشطة التعزيزية.

وتشرح :" بدأت كذلك في تعليمهم أمورًا ليست أكاديمية فقط، بل التطرق إلى أمور حياتية كالقيام بعمل سندويش مثلًا، زراعة بسيطة، أنشطة علمية، ودينية وأخلاقية، فاستغلال الوقت مهم جدًا للاستفادة من هذه الأيام التي يجب أن نراها رحمة لنا ووقاية لأبنائنا، وفرصة للتعرف عليهم بصورة أفضل، حيث يسبب الانشغال عنهم في أمور شتى قد تبعدنا عن فلذات أكبادنا، وأرى بأن تتكاتف الأسرة لوضع جدول مناسب لها والتطرق إلى التنوع في الأنشطة الفردية والجماعية لنتذكر هذه الأيام بصورة ايجابية استطعنا من خلالها التكاتف والوصول إلى مخرجات جميلة احتاجت للقليل من الوقت والتفكّر".

توتر نفسي..تكيف..تحفظ

تشير ولية أمر فضلت تقديم تجربتها دون ذكر اسمها إلى أن ما نعيشه هو حالة طارئة وُضع فيها الجميع دون سابق استعداد، فالحكم عليها كتجربة متكاملة صحيحة تحده الظروف الطارئة والمفاجئة والتوتر النفسي بشكل عام.. أبنائي في مراحل عمرية مختلفة: الثانوية والإعدادية والابتدائية، بالنسبة لابنتي في المرحلة الثانوية فهي مستعدة تماماً لهذا النوع من التعلم حيث أن أحد موادها لهذا العلم هي  مادة في علم النفس  والتعلم فيها عن بعد، بالإضافة إلى أن المدرسة هيأت طلبتها للتعلم الذاتي منذ زمن من ضمن خطتها التعليمية فحقيقية لم أواجه مشكلة تذكر، وبالنسبة لابنتي في المرحلة الاعدادية أيضًا اعتمدت على نفسها بشكل كلي، وتكيفت مع الوضع وتقوم المدرسة بتغطية جميع المواد وإعطائهم واجبات بشكل يومي حتى في المواد الفرعية ..قد يكون تحفظي على كمية الواجبات المقدمة لتغطية المنهج  ولكن بشكل عام تبدو التجربة مذهلة من حيث نجاحها وتفاعل الطلبة بدون استعداد أو تدريب مسبق.

كمية الواجبات ونوعيتها

المشكلة الوحيدة كانت مع ابني في المرحلة الابتدائية حيث أن المتابعة صعبة أثناء النهار خاصة مع عمل الأم وعملية التواصل وإرسال الملفات أو تسجيل فيديو لتسميع قصيدة مثلًا أو لتقديم قصة أو غيره مما يستغرق وقتًا، ويتطلب مهارات ويحتاج تفرغ لمن يساعد الطفل،  كما أن لدي تحفظ على كمية الواجبات ونوعيتها حيث أنها بدأت مكثفة ثم تداركت المدرسة ذلك الخطأ وبدأت بالتقليل تدريجياً والتركيز على النوعية أكثر من الكمية.

وتستدرك لتقول :"تنحصر مخاوفي حقيقة في عدم التحقق من اتقان الطلبة للمهارات المطلوبة ومدى تأثير ذلك على نتائجهم في الامتحانات خاصة بالنسبة لابنتي في المرحلة الثانوية، حيث أن نتائجهم تراكمية وتؤثر بشكل مباشر في نسبة التخرج، وأتمنى أن تكون هناك خطة مدروسة لتفادي ضعف التحصيل أو نزول المعدلات ومراعاة الامتحانات ونوعيتها وتصحيحها خاصة إن كانت بعض الامتحانات تُعد من خارج المدرسة بالنسبة لشهادات IGCSE أو IB".

 في النهاية، لابد من القول أن التعلم عن بعد تجربة استثنائية يجب أن يستفيد منها الجميع ومهارات استطاع الطلبة اكتسابها في زمن قياسي قصير جدًا، وقد قامت المدرسة بالتنوع ما بين التعلم المتزامن واللامتزامن في تغطية الدروس، تبقى مشكلة الفروق الفردية في التفاعل مع هذا النوع من التعليم ودرجة استعداد الطالب ومدى تفرغ ولي الأمر كلها أمور تساهم في نجاح العملية أو فشلها، ويبقى أن ننظر للجانب الإيجابي من هذه الظروف فهي ساهمت في تهيئة طلبتنا للتعاطي مع أسوأ الظروف بإيجابية والاستفادة قدر الامكان من التجربة وتهيئتهم للمستقبل فالتعلم عن بعد قد يحل محل التعلم التقليدي تحت أي ظرف كان.

أربعة أبناء.. هكذا هم

ولكن لدى ولية الأمر فاطمة محمد كاظم ما تريد قوله، فمع بدء الضجة الإعلامية حول فيروس الكورونا و ما سيحدث لنظام الدراسة، قضينا وقتًا ليس بالقصير في محاولة الاستيعاب و التأقلم مع نظام الدراسة في المنزل و وجود الأولاد طوال اليوم بالمنزل، في البداية تململوا وطالبوا بالرجوع للمدرسة لأنهم اشتاقوا لأصدقائهم كثيرًا، وأنا لدي أربعة أبناء: أولهم علياء بالأول ثانوي وهي تفضل الشرح و الحضور المباشر في الفصل و تواجه صعوبات كباقي الطلبة في الدخول للبوابة التعليمية و متابعة الدروس على الواتس آب مع قروب المدرسة ، اما زينب بالثاني الإعدادي، فهي تواجه صعوبة في الدخول للبوابة التعليمية كذلك و تفضل الحضور في الفصل و تلقي الشرح مباشرة من المعلمة، وابني علي بالصف الثالث الابتدائي رأيه كرأي إخوته فهو يفتقد مدرسته ومعلميه وأصدقائه..مصطفى آخر سنه في الروضة يحب عمل الواجب معي في المنزل و هنا أحب أن أشكر روضته على ما يرسلونه من الفيديوات التعليمية على الواتس آب لكي لا يفوت الأطفال شيء من دروسهم و لا ينسو ما أخذوه سابقًا.

وتواصل.. كنت أعرف لحد ما قدراتهم، لكن تعرفت بشكل أوضح على نقاط القوة والضعف لدى كل واحد من الأولاد، ولذلك، أحاول توظيف ميولهم أثناء تدريسهم وإعطاء الأمثلة لهم، أما بالنسبة للبوابة التعليمية أو الوسائط الالكترونية الأخرى في التعليم فالصعوبة هنا تكمن في وجود مراحل تعليمية مختلفة لدى الوالدين مما يشكل صعوبة في التوفيق بينهم أثناء فتح البوابة علاوة على الضغط الموجه عليها، وأقول أن قرار التعليم عن بعد ليس سيئا بقدر ما هو في حاجة للتطوير و التفعيل بشكل يرضي أولياء الأمور و الطلبة بالدرجة الأولى، واقترح أ، يتم تفعيل قناة تعليمية يكون بها برامج تعليمية تخدم المنهج المقدم لكل مرحلة دراسية، وتقديم برامج خاصة بكل مرحلة دراسية بوقت معين مع الإعادة خلال الأسبوع او الإجازة الأسبوعية، وتكون متوفرة بصورة دائمة.

أستاذ التربية المهدي: خذوا المقترحات

مجمل المقترحات المتعلقة بكيفية استفادة أولياء الأمور من الوضع الراهن يطرحها أستاذ التربية المساعد بكلية المعلمين بجامعة البحرين أسامة مهدي عبدالله المهدي فيقول :"ننصح بالاجتماع مع أفراد الأسرة والتخطيط لبرنامج الدراسة من حيث الوقت المخصص لكل مادة، وتنظيم استخدام الموارد المتوفرة كالكمبيوتر أو مكان الدراسة، ومن الضروري عمل جدول يومي يلتزم به الوالدان والأطفال لكي يؤخذ الأمر بجدية والتزام".

 كما ينصح أولياء الأمور بالاطلاع على المهارات السابقة التي تم تدريسها للطفل والمهارات المطلوبة حاليًا والبحث عن مصادر متنوعة لتدريسها سواء من خلال المنهج المقرر، والاطلاع على الدروس الالكترونية المتوفرة في البوابة الالكترونية لوزارة التربية والتعليم وكذلك المصادر الخارجية المتوفرة في مواقع الانترنت التعليمية الموثوقة. ينبغي على الوالدين توفير بيئة تعليمية ملائمة في المنزل تتوفر فيها الإضاءة الجيدة والهدوء وتمكن للطفل أن يدرس بوضعية جلوس صحية للجسم والنظر، من الضروري كذلك توفير التعزيز المادي والمعنوي للطفل وتشجيعه على الالتزام ببرنامج الدراسة من خلال تقديم كلمات الثناء وتوفير معززات يرغب بها كالسماح له باللعب لفترة أطول بعد الانتهاء من الدراسة.

إضفاء روح المرح

ويوضح المهدي أنه بالإمكان إعطاء الطفل فترات من الراحة خلال وقت الدراسة مما يسمح له باستيعاب المادة الدراسية وتجنب الشعور بالملل، ولا نغفل عن إضفاء روح المرح للأنشطة التعليمية من خلال التعلم بالمسابقات وتعزيز المنافسة وكذلك ربط التعلم المدرسي بالمصادر الموجودة في المنزل، فيمكن للطفل تعلم القراءة من خلال الاطلاع على الصحف والمجلات والكتب المتوفرة في المنزل وكذلك تعلم الرياضيات من خلال إجراء مسائل حسابية تتعلق بمهارات الحياة اليومية، ومن المهم كذلك الجلوس مع الأطفال عند نهاية اليوم ومناقشتهم حول ما تعلموه خلال اليوم، ومناقشتهم حول الأسئلة التي طرأت ببالهم خلال هذا التعلم وما الذي يرغبون في تعلمه مستقبلا. ويمكن لولي الأمر إعداد اختبارات مبسطة للتأكد من مدى فهم واستيعاب الأطفال للمهارات التي تم دراستها خلال اليوم.

تعلم مهارات حياتية

ومن ناحية أخرى يمكن لولي الأمر تشجيع الطفل على المشاركة في الأنشطة المنزلية اليومية والتي يمكنه من خلالها تعلم الكثير من مهارات الحياة ومن هذه الأنشطة ترتيب المنزل، وملاحظة وتدريس الأطفال الأصغر سنا، المواظبة على قراءة القران الكريم وتعلم الصلاة والاطلاع على الأخبار اليومية، مشاهدة الأفلام الوثائقية، الاهتمام بالمزروعات وممارسة هوايات معينة تستهوي الطفل وتشغل وقته بأمور محببة ومفيدة. والأهم أن يمارس الوالدان دور القدوة لأبناءهم من حيث تنظيم الوقت وتخصيص فترة زمنية يومية لممارسة هواية مفيدة كساعة للقراءة، أو ساعة لممارسة الرياضة، أو تخصيص وقت محدد يوميا للتعلم المستمر في مواقع الانترنت التعليمية.