+A
A-

اللعب مع الكبار.. أسرار عالم المال وأسباب الأزمة

تتطلب قوانين وأعراف الصحافة استخدام معلومات موثقة واقتباسات منسوبة إلى أصحابها، لتحقيق أغراض مهنية وجيهة، لكن عندما يتعلق الأمر بعالم المال والاقتصاد، تجعل هذه القوانين من البحث الاستقصائي أمراً مستحيلاً، فبمجرد أن ينسب أي تصريح إلى أحد موظفي البنوك، سيحوله ذلك في صبيحة اليوم التالي إلى موظف سابق.

هذا ما يؤكده الكاتب الصحفي الهولندي يوريس لونديك، في كتابه "اللعب مع الكبار.. أسرار عالم المال وأسباب الأزمة" الذي ترجمه إلى العربية محمد عثمان خليفة، حيث يؤكد المؤلف أنه لهذا السبب يتوجب على أي باحث في المجال، أن يبحث عن طرق ملتفة تمكنه من اختراق ثقافة الصمت والخوف تلك، وكان الحل الأمثل بالنسبة له هو أن يعرض على مصادره إخفاء هوياتهم بشكل كامل.

بدأت الحكاية ذات يوم من شهر مايو عام 2011 حينما دعا رئيس تحرير "الجارديان" المؤلف إلى مكتبه، وقال له وهو يشير بيده نحو المدينة إننا على مقربة من المكان الذي شهد منذ سنوات قليلة فحسب، أكبر كارثة مالية منذ الثلاثينات، بينما لم تتم إدانة أي شخص، ومرت السنوات وعادت الأمور في المركز المالي في المدينة إلى طبيعتها وكأن كارثة لم تقع.

هنا يقول المؤلف الذي قبل المهمة، إنه لا يفهم في عالم المال سوى ما يفهمه أي قارئ عادي، وهو ما يعد نموذجاً مثالياً للفجوة الهائلة بين اهتمام الرأي العام، ومصلحته، فلو أنك أخبرت أي شخص بأن أمواله ليست في أمان فستستحوذ على كامل انتباهه، أما لو تحدثت معه عن "خطط الإصلاح المالية" فسينصرف عنك بكل تأكيد، وقد وقع اختيار رئيس تحرير الجارديان على المؤلف؛ لأنه ببساطة لا يعرف شيئاً عن عالم المال؛ لذا سينجح في تقديم عالم المال لمثله من القراء الذين لا يفهمونه.