+A
A-

18 سنة واقع في البئر.. وسيّارة "الإسكان" لم تلتقطني

"البلاد" توثق معاناة الأسرة: شقة غير صحية... ومعاناة نفسية... وهم صابرين محتسبين

"الإسكان" خصصت منازل لجيرانه وطلبه أقدم منهم!!

عبدالحميد عبدالحسن مواطن من سكنة المعامير، مبتلى لكنه صابر محتسب، يعطي يوميًا للإنسانية نكهة النبل، متمسك ببحرينيته وأصالته وأخلاقه رغم أن ما يعانيه يكفيه بأن ينثر قصته المأساوية بلغة حادة شرسة تجرح شعور المتلقي.

ما سنعرضه اليوم سيطل عليكم من شاشة الواقع بدلا من شاشات الهواتف، وتعرفون أن الواقع أستاذ لا يكذب، فقد سجل صاحب قصتنا اليوم رقمًا قياسيًا في الصبر وهو مسّلم لإرادة الله.

عبدالحميد هو أب لثلاثة أبناء، أكبرهم سلمان (18) عام وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة، ويعاني "صعوبة في التركيز وضعف في الإدراك والذاكرة وتخلف شديد ولديه اعتلال شديد في قدراته اللغوية ولا يستطيع استعمال كلمة واحدة، ويتعالج عن مرض الصرع، وإعاقة ذهنية دائمة، ويستخدم حفاظات لعدم تحكمه في قدرات التبول والخروج" كما تقول وزارة الصحة.

حسن (12) عام، أبرار (8) أعوام يعانيان من أزمة تنفسية؛ اشتدت حدتها بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشوها في شقتهم الواقعة في قرية المعاميير بمنزل جدهم، والتي تصنف بأنه سكن غير ملائم وغير صحي.

عبدالحميد وهو يميط اللثام عن الواقع يبدأ بسرد قصته قائلا: "تقدمت لوزارة الإسكان بطلب الانتفاع بوحدة سكنية في تاريخ 7 أبريل 2002، ومضى على طلب الإسكاني لحد اليوم نحو 18 سنة.

وتابع: بسبب الأوضاع الإقتصادية الصعبة وحالة ابني الكبير سلمان التي تستنزف الكثير من الأموال في سبيل تعليمه أبسط أبجديات الحياة، قررت أن أعيش في شقة صغيرة في منزل والدي، وهي شقة عبارة عن مطبخ وصالة صغيرة وحمام وغرفة ومخزن، تعيش جميع الأسرة (5 أفراد) في غرفة واحدة وننام في غرفة واحدة.

وأضاف: "وضعنا في غرفة المعيشة الصغيرة نظام السرير فوق السرير لتستطيع المساحة الصغيرة استيعابنا جميعنا، ونحن على هذه الحالة منذ 2006 حتى اليوم".

وبين أن العائلة تعيش ظروف صعبة بسبب حالة الابن سلمان، فهو ما يمكنه الإدراك أو الاستيعاب لذلك يقوم بتمزيق وتكسير كل شيء يواجهه، الكراسي والأثاث، التلفزيون ولاقط البث (الرسيفر)، وهو يحتاج رعاية خاصة فهو لا يستطيع الأكل ولا دخول الحمال، ولا التبديل، ونصحنا الأطباء/الأخصائيين الذي قابلناهم في البحرين وخارج البحرين، بأن نفتح له مساحة ليفرغ طاقته فيها باللعب واللهو، لكبح جماح طاقته الواسعة التي يستخدمها في تكسير الأشياء وتقشير الجدران وتقطيع وتمزيق وتكسير الأثاث.

ولفت إلى أن أبنيه الآخرين (أبرار وحسن) سليمان ولكنهما يعانيان بصعوبة في التنفس، بسبب الظروف المعيشية الصعبة في الشقة، حيث لا يوجد بها أي تهوية وضيقة ويعانيان مع الأب والأم من صعوبة التعامل مع شقيقهم الأكبر سلمان، مشيرًا إلى أن علاج الابنين كذلك يستنزف الكثير من الأموال.

وأوضح: وزارة الإسكان قامت بتوزيع الوحدات الإسكانية في مدينة شرق سترة، وقامت بتخصيص وحدات إسكانية لطلبات متقدمة على تاريخ تقديم طلبي الإسكاني، وأنا لا أتحدث عن سياسات التوزيع لدى الوزارة، لكني أناشد ولي العهد النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء بأن ينصفني لظروفي الصعبة وقبلها لأني مستحق وفقًا لتاريخ الاستحقاق.

وأفاد: تلقينا خيبة أمل نحن كعائلة عندما لم تقوم وزارة الإسكان بالتواصل معنا مع بقية الأخوة الذين تم التواصل معهم وإفادتهم بأن تم تخصيص وحدة سكنية لهم في مدينة شرق سترة.

وقال مسترسلا: "ظروفي لا تسمح لي الصبر أكثر وأنا لم أتحدث قبل عن استحقاقي رغم الظروف التي أعيشها لكني اليوم أرفع صوتي عاليًا للجميع بأن ينصفني والنظر في أمري، أنا اليوم مستحق ووضع عائلتي لا يسمح لنا أن نعيش في هذه الشقة أكثر، أطلب من الوزارة أن تخصص لي وحدة سكنية في القريب العاجل لأني أعاني ومستحق".

وأشار: "الهند انشغلت أربعة أيام بمحاولات لإنقاذ طفل وقع في بئر في ولاية تاميل نادو، ماذا عني وأسرتي نحن واقعين في البئر منذ 2006 ولا أطلب أكثر من حقي الطبيعي في تخصيص وحدة سكنية لي وأسرتي فأنا استحقها حاليًا وفقًا لسنة الطلب، ناهيك عن الوضع الذي أعيشه.

"البلاد" زارت منزل المواطن، ووثقت بالصور والفيديو الحالة التي يعيشها، فهي صعبة والشقة ضيقة جدًا ومدخلها الأول مع فتح الباب الرئيسي (مطبخ) وفي المطبخ يوجد حمام، وبعدها يمكنك أن تدخل لمنطقة صغيرة جدًا عبارة عن ممر يسميها (عبدالحميد) بـ(صالة) وغرفة معيشة ومخزن.

وأخيرًا شاءت الظروف والأقدار أن تضع المواطن عبدالحميد عبدالحسن في دائرة مغلقة يصعب عليه الخروج منها إذا ما لم تضع وزارة الإسكان الحلول الناجعة السريعة لحالته، وتجري له رافعة ترفعه من ما يعانيه مع أسرته، حيث أنه لا يعاني من ظروف معيشية وسكنية صعبة على مستوى الشقة التي يسكن فيها فحسب،  وإنما لكونه يرعى ثلاثة من أبناءه، واحدًا منهم من ذوي الاحتياجات الخاصة والاثنين الآخرين يعانون من أزمة تنفس حادة.