علق الكثير من كتاب الأعمدة على التقرير الذي أصدره ديوان الرقابة المالية والإدارية، وبسبب معاناتي مع أمراض (الثلاثي المرح) السكر والضغط والكوليسترول لم أحاول أن أقرأ جميع المخالفات الإدارية والمالية والتي يعد بعضها من المخالفات الجسيمة جدًا. مهمة ديوان الرقابة الإدارية والمالية انتهت وقام بواجبه على أكمل وجه مثل كل عام، كما أود أن أشير هنا إلى الشفافية المطلقة التي من خلالها يستطيع الجميع الاطلاع على فحوى التقرير وهذا يعد رائعا ويعود الفضل في ذلك لصاحب الجلالة عاهل البلاد المفدى ومشروعه الإصلاحي وجعل بحريننا دولة المؤسسات والقانون.

شخصياً عملت لمدة ٣٧ عاماً متواصلة في إحدى الشركات الخاصة وشاهدت كيف تدار المؤسسة من أنظمة إدارية ومالية بشكل منظم وعادل، هناك مجلس إدارة يضع الرؤى والمهام والاستراتيجيات العامة والخطط المستقبلية ويتابع أعمال المؤسسة من خلال رئيسها التنفيذي بشكل مستمر، والإدارة التنفيذية تقوم بتنفيذ توجيهات مجلس الإدارة وتطبيق الأنظمة واللوائح وحسب الميزانية المعتمدة، إدارات المؤسسة المختلفة تلتزم بتطبيق جميع تلك الإجراءات المعتمدة وهكذا، وبالتالي يجد الموظف نفسه والمسؤول على حد سواء أمام حزمة من القوانين والصلاحيات وعليه احترامها وبالتالي يجد جميع العاملين أن النظام يطبق بصورة سليمة، وإن حاول أحد فعل ذلك فإن المؤسسة لا تتردد في اتخاذ الإجراءات القانونية والإدارية في حقه.

إذا هناك منظومة إدارية ولوائح واضحة وكل يعرف مسؤولياته وصلاحياته، وبالتالي يجد الموظف أنه من الصعب اختراقها ولا يمكن بأي حال من الأحوال تنفيذ قرارات حسب أهوائه أو مصالحه الشخصية. لذا أجد شخصيًا أن موضوع المخالفات في مؤسسات الدولة سببها عدم وجود تلك الأنظمة واللوائح الإدارية وجداول الصلاحيات، حيث يجد المسؤول ثغرات كبيرة ويقوم بتجاوزها، وأرى أنه من الضروري وضع نظام صارم ومن لا يلتزم به فإن القانون يأخذ مجراه، ولا أعتقد أننا نحتاج إلى أن ننتظر سنة كاملة ونرى كل تلك المخالفات وكما يقولون “بعد خراب البصرة”.

هناك الكثير من الشركات الخاصة والبنوك العاملة في البلاد تقوم بعمل رائع إداريا واستطاعت بفضل أنظمتها وسياستها الوصول إلى العالمية وأرى أنه لا ضير هنا من استفادة الأجهزة الحكومية من خبرتها ومهنيتها. والله من وراء القصد.