العدد 4029
السبت 26 أكتوبر 2019
banner
أزمة التقاعد الاختياري
السبت 26 أكتوبر 2019

الآن وبعد مضي بضعة أشهر فقط على إقرار قانون التقاعد الاختياري بدأنا نكتشف حجم الكارثة والخسارة الجسيمة نتيجة النقص الفادح لخروج آلاف الموظفين في القطاع العام، وقد يقول البعض إنه يمكن إحلال موظفين في المواقع التي كان يشغلها المتقاعدون، لكن هذا ليس أمرا سهلا. وزارة الصحة ووزارة التربية والتعليم من أكثر الوزارات تضررا، فنسبة المتقاعدين تفوق الـ 64 % في الصحة، وبعض المتقاعدين في المجال الطبي من ذوي التخصصات النادرة، والتفريط في هذه الكفاءات بهذه السهولة كان خطأ جسيما ما كان يجب أن يمر دون تخطيط للمستقبل.

ولا نحسب أن الوضع يختلف كثيرا في قطاع التربية والتعليم، إنّ الذي لا تخطئه عين المتابع لواقع التربية يلمس أن أزمة - والبعض وصفها بالكارثة - تجسدت في تكدس الفصول الدراسية، إضافة إلى نقص في المدرسين الأمر الذي دفع الوزارة إلى تكليف معلمي اللغة العربية بتدريس المواد الاجتماعية! وطبعا من يدفع ثمن هذه الخطة الارتجالية هم الطلاب، ذلك أنهم يتلقون تعليما غير جيد، ولا يجب أن نلقي اللائمة على الهيئات التعليمية فهؤلاء لا حول لهم ولا قوة لأنهم ببساطة يجبرون على تنفيذ الأوامر!

أما كان يجب على وزارتي التربية والتعليم والصحة عدم التفريط بالأطباء والمعلمين ذوي الخبرات الطويلة، فقانون التقاعد الاختياري بصيغته التي تم تنفيذها شرع الأبواب أمام جميع الموظفين بلا استثناء، ويبدو لنا الآن وبعد الوضع الكارثي في الوزارتين أنّ الحل الأنسب هو فتح المجال أمام الراغبين من المتقاعدين للعودة بعقود مؤقتة لاستثمار طاقاتهم من جهة وملء الفراغ، ولا نشك أن بين الأطباء والمعلمين من يرغبون إذا كانت الشروط منطقية وملائمة لهم.

إنّ قانون التقاعد الاختياري أتاح لأغلب الفئات ترك وظائفهم والمؤسف أنّ منهم من في سن الشباب، وهم القادرون على العطاء ولا نشك أنهم الآن يشعرون بالفراغ والعزلة وهذا بالتأكيد ينعكس على وضعهم النفسي والجسدي، وآخرون ربما ينتابهم الاكتئاب والسأم ذلك أنهم يجدون حياتهم رتيبة بلا جدوى، لذا فإننا نتمنى إعادة من يرغب منهم إلى الوظيفة لإنقاذ الواقع التعليمي من الأزمة.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .