+A
A-

تظاهرات لبنان تكسر الصمت.. صيحات "الثورة" تخض حزب الله

وحّد الوجع الاقتصادي والمعيشي الشعب اللبناني، فخرج عن القيد المذهبي والطائفي وتعالى عن انتماءاته السياسية والحزبية منتفضاً في الشوارع من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب والبقاع، رفضاً للأوضاع الصعبة التي يمرّ بها بسبب الفساد المُستشري بالدولة.

ولعل اللافت في تلك التظاهرات التي خرجت منذ مساء الخميس أنها كسرت حواجز لطالما اعتبرت "خطوطاً حمراء" لدى الطائفة الشيعية، مع قيام محتجّين بالاعتداء على مكاتب نواب من حزب الله وحركة أمل تحت شعار "كلن يعني كلن"، وهو ما يُعدّ سابقة لم نشهد مثيلا لها في لبنان.

تغيّر مزاج الشارع

ولعل الأكثر دلالة في خروج مناطق شيعية عدة للتظاهر هو "التجرؤ" على انتقاد زعيمي الطائفة الشيعية، أمين عام حزب الله حسن نصرلله ورئيس مجلس النواب نبيه بري وتحميلهما مسؤولية الفقر والحرمان المُستشري بين أبناء الطائفة ومناطقهم، في وقت لطالما كان جمهور الحزب والحركة يدافع عن سياسات المسؤولين الذين يمثلون الطائفة.

وفي هذا السياق، اعتبر الصحافي اللبناني علي الأمين في حديث لـ"العربية.نت" "أن الضائقة الاقتصادية التي يُعاني منها كل اللبنانيين دون استثناء تؤكد أن البيئة الشيعية باتت تشعر بأن ثنائي حزب الله وحركة أمل لم يعد قادراً على تلبية متطلباتها على المستوى السياسي والاجتماعي وفي إدارة شؤون الدولة".

وقال "المزاج الشيعي يتبدّل نتيجة الأزمة الاقتصادية التي تتزامن مع العقوبات الأميركية التي يتأثّر بها اللبنانيون عامة والشيعة خاصة من خلال تراجع الخدمات التي كان يُقدّمها حزب الله".

تكسير مكاتب نواب حزب الله وأمل

وضمن هذا السياق، وثّقت مقاطع فيديو انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي اقتحام وتكسير لمكاتب العديد من نواب "حزب الله" و"حركة أمل"، بينهم مكتب رئيس كتلة حزب الله النيابية النائب محمد رعد في منطقة النبطية جنوب لبنان وهي أحد معاقل "حزب الله"، والنائب هاني قبيسي من حركة أمل الذي تجمّع المتظاهرون أمام مكتبه وعملوا على إنزال اللوحة المسجّل اسمه عليه. كما وصل المتظاهرون إلى أمام منزل النائب ياسين جابر حركة أمل وأشعلوا الإطارات، مطلقين هتافات ضدّ "حركة أمل" ونوابها ورئيسها.

واللافت أن التطور وصل أيضاً إلى مدينة صور وضواحيها في جنوب لبنان التي تعد واحدة من المعاقل المهمة للثنائية الشيعية في لبنان. فقد انتشر عبر مواقع التواصل مقطع فيديو يظهر متظاهرين غاضبين في مدينة صور الجنوبية، وهم يطلقون هتافات ضد رئيس مجلس النواب نبيه بري. وتزامن ذلك مع إنزال "قوس نصر" ترتفع فوقه أعلام أمل.

غياب شعارات تقليدية

وأشار علي الأمين إلى "أن الملاحظ بهذه التظاهرات في المناطق الشيعية أنه للمرّة الأولى لم نسمع الشعارات التقليدية التي كانت تردد في تظاهرات سابقة مثل، المؤامرة الخارجية، واستهداف المقاومة وبيئتها.. الخ".

وقال "هذه الشعارات سقطت وأصبحت الأمور على سكّة مختلفة، سكّة الاقتصاد ولقمة العيش. الناس تئنّ من البطالة والهدر والفساد وهي قضايا أصبحت في المرتبة الأولى لدى اللبنانيين، وخصوصاً الشيعة".

كما أكد "أن ما حصل من تظاهرات واحتجاجات في مناطق شيعية سيكون له تداعيات في المستقبل على وضعية الثنائي الشيعي، إذ كُسر "حاجز الصمت".

ثورة في الضاحية.. معقل حزب الله

من جهتها، أوضحت الصحافية ندى أيوب لـ"العربية.نت" أن "المناطق الشيعية ولأوّل مرّة تجاوبت مع الدعوات للتظاهر، واللافت أن في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت (معقل حزب الله) علت للمرّة الأولى هتافات (ثورة، ثورة)، كما أننا لم نشهد سابقاً تظاهرات في الجنوب وفي النبطية وصور تحديداً، وهي كلها معاقل حزب الله وحركة أمل".

إلى ذلك، اعتبرت أيوب التي تشارك في الاحتجاجات "أن تكسير مكاتب تابعة لنواب الحزب والحركة أمر لافت وجيّد وهو كسر للخطوط الحمر".

وأطلق المتظاهرون شعارات تمحورت جميعها حول الوضع الاقتصادي والحكومة التي تعدّ سلّة ضرائب.

واعتبرت الصحافية اللبنانية "أن الجوع والقهر وحّد اللبنانيين دون استثناء، وما حصل يُبشّر بالخير، لأن الشعب استفاق كاسراً انتماءاته الحزبية والطائفية".