+A
A-

معركة أخيرة مع البحر.. مأساة إيراني انتهى جثة ببريطانيا

بعد سنوات من التنقل بين دول أوروبا المختلفة بحثاً عن مأوى، انتهى المطاف بطالب لجوء إيراني غريقاً على شواطئ بريطانيا بعد أن فشل في الوصول إليها، فيما تم اكتشاف جثته مؤخراً لتتكشف معها تفاصيل قصة مأساوية عاشها هذا الرجل الهارب من النظام الحاكم في بلده.

وبحسب التفاصيل التي أفردت لها جريدة "صنداي تايمز" صفحة كاملة، واطلعت عليها "العربية.نت"، فإن الرجل يُدعى مسعود نيكنام وتعود أصوله إلى إيران، وهو متزوج وأب لطفلة، لكنه وصل إلى أوروبا هارباً من إيران قبل سنوات وفشل في الحصول على اللجوء الذي تقدم بطلبات له في عدة دول أوروبية.

وعثرت السلطات على جثة مسعود بعد أن ألقى بها البحر في منطقة تبعد عن أحد الموانئ البلجيكية مسافة 17 ميلاً، وذلك بعد أن فشل في الوصول إلى الأراضي البريطانية.

المعركة الأخيرة

وقرر نيكتام أن يخوض معركته الأخيرة مع البحر، بعد أن نفدت أمواله وخياراته وهو في فرنسا، وقرر السباحة عبر "القنال الإنجليزي" من شواطئ فرنسا إلى بريطانيا من أجل أن يطلب اللجوء، ويبدأ لاحقاً حياة جديدة مع أسرته التي لم تعد تجد مأوى أو مالا لتعيش.

وكتبت "صنداي تايمز" أن مسعود ارتدى بنطالي جينز، ووضع قليلاً من الحاجيات في حقيبة حملها على كتفه، ثم ارتدى سترة نجاة صنعها بيديه مستخدماً قوارير الماء والحليب البلاستيكية، وصنع منها شبكة بدائية، ومن ثم غادر فرنسا من شواطئ مدينة "دانكيرك"، الأقرب إلى الشاطئ البريطاني.

وحاول اجتياز البحر والوصول إلى الناحية الثانية لطلب اللجوء، لكن الموت كان له بالمرصاد والبحر كان أقوى من مسعود الذي غرق بين أمواجه وفارق الحياة، وألقت به الرياح إلى الناحية الأقرب من بلجيكا ليفشل بذلك في الوصول إلى بريطانيا حياً أو ميتاً.

فقدان الأمل

ويبلغ الإيراني مسعود من العمر 47 عاماً، ويبدو أنه أقدم على خطوته بعد أن فقد الأمل في الحصول على إقامة في أوروبا أو تدبير شؤونه أو تسوية أوضاعه، وذلك مع عدم قدرته على العودة إلى إيران.

وتبين من التحقيقات أن مسعود نيكنام وصل إلى أوروبا أول مرة قبل 15 عاماً، حيث تقدم بأول طلب لجوء في إيطاليا عام 2004، وبعد أن حصل على الإقامة هناك غادر من أجل عائلته، حيث أراد أن يلتقي بزوجته وابنته البالغة من العمر 12 عاماً، وهم الذين يبدو أنه لم يتمكن من استقدامهم إلى إيطاليا. ويبدو أنه فقد حق الإقامة في روما بعد ذلك.

وعاد مسعود في العام 2013 إلى بلجيكا طالبا اللجوء من جديد، لكن السلطات رفضت طلبه وأصدرت أمراً بترحيله إلى إيران، لكنه رفض العودة وبدأ رحلة الهروب داخل أوروبا، حيث تبين أنه خلال السنوات الست الماضية تنقل بين رومانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا إلى أن انتهى به المطاف في رحلة الموت الأخيرة بعدما فشل في الوصول إلى بريطانيا.

فشل في إنقاذه

وبحسب المعلومات التي توصلت لها التحقيقات، كان مسعود يستعد لرحلة الموت يوم الـ17 من آب/أغسطس الماضي، وفي اليوم التالي بدأ رحلته في البحر. وخلال يوم الـ18 من الشهر أطلق نداء استغاثة تمكن قارب صيد بلجيكي من التقاطه لكنه فشل في إنقاذه. ويوم الـ23 من أغسطس تمكنت قوات خفر السواحل البلجيكية من العثور على جثته على بعد 17 ميلاً من ميناء زيبروغ القريب من بريطانيا وفرنسا.

يشار إلى أن السلطات البريطانية ضبطت 1250 مهاجراً غير شرعي حاولوا العبور من الأراضي الفرنسية بقوارب صغيرة، لتسجل محاولات الوصول إلى بريطانيا من أوروبا ارتفاعاً كبيراً مقارنة في السابق، إذ في العام 2018 بأكمله تم تسجيل 539 حالة فقط لمهاجرين حاولوا الوصول إلى بريطانيا عبر "القنال الإنجليزي".