العدد 3686
السبت 17 نوفمبر 2018
banner
دير الزور والمخطط الاستراتيجي الإيراني
السبت 17 نوفمبر 2018

المواجهة ضد إيران لن تكون سهلة أو أنها ستقتصر على النواحي العسكرية فقط، بل قد تكون المواجهات غير العسكرية أشد ضراوة وأكثر أهمية في صد النفوذ الإيراني وردع مساعيها للهيمنة والسيطرة وابتلاع غيرها من الدول من خلال المدخل المذهبي.

فرغم ما يبدو لنا بأن إيران محشورة في زاوية ضيقة جدًا لا تكاد تسمح لها بالحركة خارج التفكير المباشر وقصير المدى حيال كيفية التغلب على ما تواجهه من احتجاجات شعبية واسعة ومتصاعدة جراء التردي الاقتصادي والمعيشي وبعد ما فرض عليها من مرحلة ثانية من عقوبات أميركية ستكون أشد وقعًا وأكثر تأثيرًا، إلا أن طهران تحاول التحرك استراتيجيا وفي دوائر قد تكون بعيدة عن الأعين التي تركز بطبيعة الحال على ما يصدر من واشنطن من قرارات وتأثيراتها على إيران وردود الفعل الدولية وخصوصا الأوروبية عليها.

وتحظى سوريا بمكانة وأهمية خاصة في هذا التفكير والتحرك الإيراني لتكون جبهة داعمة لها في التحمل والمقاومة ومد النفوذ وتعويض الخسائر، حيث يعتمد الحرس الثوري الإيراني حاليا سياسة توطين عائلات المقاتلين في محافظة دير الزور وخصوصا مدينة الميادين.

وجاء اختيار هذه المدينة لأسباب متعددة أمنية ولوجستية واقتصادية، حيث تتمتع المدينة بهدوء أمني نسبي مقارنة بغيرها لأنها تقع تحت سيطرة النظام السوري وتبعد عن ميدان المعارك مع تنظيم داعش، وغناها بالموارد الطبيعية، وموقعها الجغرافي الاستراتيجي الذي يجعل منها نافذة مهمة على كل من سوريا ولبنان.

أما المذهبية فهي الوسيلة الرئيسة التي تنتهجها إيران لتثبيت وجودها في المنطقة وضمان البقاء فيها بعد أن تضع الحرب أوزارها في سوريا، حيث تتواجد عشرات العائلات التي تنتمي للحرس الثوري في مدينة الميادين لتنفيذ المخطط الإيراني من خلال توطينها من إيران وأفغانستان وافتتاح المراكز الطبية والمدارس الدينية لتقوم بمهمة نشر فكرها.

ما يحدث في دير الزور يحدث بدرجات متفاوتة في كثير من المناطق في سوريا وخصوصا تلك التي لها أهمية، وما يجري في سوريا إجمالا تحاول طهران تنفيذه في دول عديدة قدر استطاعتها، وهو ما يؤكد أن المواجهة معها لن تكون سهلة أو أنها تقتصر على النواحي العسكرية فقط.

قد تكون المواجهات غير العسكرية أشد ضراوة وأكثر أهمية في صد النفوذ الإيراني وردع مساعيها للهيمنة والسيطرة وابتلاع غيرها من الدول من خلال “الطعم” أو المدخل المذهبي.

صحيفة البلاد

2024 © جميع الحقوق محفوظة, صحيفة البلاد الإلكترونية .